responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 656



إن الجزاء وفاق لا على عوض فإن يكن عوض فلست أوثره

[اختصاص منزل عالم الغيب و الشهادة بعلم التجلي الإلهي المشبه بالشمس]

سلام عليكم و رحمة اللّٰه و بركاته اعلموا يا إخواننا أن هذا المنزل من أعظم المنازل قدرا هو منزل النكاح الغيبي و هو نكاح المعاني و الأرواح و يختص بهذا المنزل علم التجلي الإلهي المشبه بالشمس ليس دونها سحاب دون التجلي القمري البدري و هو

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر و ليس لهذا التجلي مدخل في هذا المنزل

و كما ترون الشمس بالظهيرة ليس دونها سحاب و هذا المنزل منزله و من هنا يعرف و هو مظهر إلهي عجيب و من هذا المنزل يعرف الجود المقيد بالخوف و الجزاء و مرتبة الصدق و إن قبح و مرتبة الكذب و إن حسن و الغني المكتسب و هو الغني العرضي و علامات السعادة و علامات الشقاء و خيبة المعتمد على الأمور التي قد نصبها اللّٰه للاعتماد عليها و لما ذا يخيب صاحبها مع كون الحق نصبها لهذا و أهلها لها و علم الإفصاح عن درجات التقريب الإلهي من حضرة اللسن و معرفة المقام الذي تتألف فيه الضرتان و تتحابان و معرفة الاصطلام اللازم و صفة من أعطى مقام هذا الاصطلام من المقربين من أمثالهم ممن لم يعطه و الجود بما يجده العارف من كل شيء مما لا يجب عليه و هو خلق الجود الإلهي و هل يكون الحق عوضا ينال بعمل خاص أم لا و لنبين إن شاء اللّٰه حقائق هذا المنزل فصلا فصلا إيماء و تلويحا فإنه يطول و اللّٰه المؤيد لا رب غيره فمن ذلك النكاح الغيبي المنتج قال تعالى وَ أَرْسَلْنَا الرِّيٰاحَ لَوٰاقِحَ و قال تعالى وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرٰاتِ و قال جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرٰاشاً وَ السَّمٰاءَ بِنٰاءً و قد تقدم الكلام على هذا الفصل في فصل المعارف من هذا الكتاب في باب الآباء العلويات و الأمهات السفليات فلينظر هنالك و لنذكر في هذا المنزل ما يتعلق به و هو أن المعاني تنكح الأجسام نكاحا غيبيا معنويا فيتولد بينهما أحكامهما و ذلك حجاب على اليد الإلهية الغيبية التي ما من شأنها أن تدرك و من ذلك جميع الصور الظاهرة في الهباء الهباء لها كالمرأة و الصور لها كالبعل و لا يوجد عنهما إلا أعيانهما و هذا من أعجب الأسرار أن يكون الولد عين الأب و الأم لمن هو لهما ولد و الأب و الأم عين الولد لمن هما له أبوان و هو الذي أشار إليه الحلاج رحمه اللّٰه في قوله ولدت أمي أباها و لا يكون الوالد عين الولد لمن هو له والد و هو له ولد إلا في هذا النكاح و من هذا الباب قوله كُنْ و هي كلمة أمر التكوين و قال في عيسى إنه كلمة اللّٰه :

و في الموجودات إنها كلمات اللّٰه و ما له كلمة في الموجودات إلا كن و هي عين الموجود فإنه الكلمة و توجهها على العيون الثابتة فالأعين لها كالأم فظهرت الكلمات و هو وجود تلك الأعيان عن هذا النكاح الغيبي و كان الولد بينهما عينهما ليس غيرهما و هذا ألطف من الأمر الأول فإن الولد هنا عين كلمة الحضرة فكن عين المكون و هو منسوب إلى اللّٰه و الأول في الدرجة الثانية فإنه منسوب إلى الهباء و الصورة و هذا النكاح مدرج فيه فافهم فقد رميت بك على الطريق فالجسمانيات كلها أولاد عن نكاح غيبي و الأجسام كلها منها ما هو عن نكاح غيبي و منها ما هو عن نكاح غيبي مدرج في نكاح حسي كنكاح الرياح و المياه و الحيوانات و النبات و المعادن و ما يتولد في الأجسام العنصرية لا الأجسام الطبيعية فإن العالم الملكي لا يتولد عنه من جنسه شيء إلا أن يكون أبا في وقت لأم عنصرية بما يلقى إليها فما ينتج فذلك الولد بينهما قد يخلق ملكا و هو المعبر عنه بلمة الملك و هو ما يلقيه إلى النفس الإنسانية فيتولد بينهما تسبيحة أو تهليلة تخرج نفسا من المسبح و المهلل فينفتح في عين ذلك النفس و جوهره صورة ملكية يكون ذلك الملك الملقي أباها و النفس أمها فترتقي تلك الصورة إلى أبيها و تلازمه بالاستغفار لأمه التي هي النفس الإنسانية إلى يوم القيامة و من هنا يحكم في الشريعة للوالد بأخذ ولده عن أمه إذا ميز و عقل بلا خلاف فإن هذا الملك يخلق عاقلا و من أعجب الأنكحة الإعدام و لهذا اختلف فيه أهل الكشف فالله سبحانه علقه بالمشيئة فقال إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ و علق الاقتدار بإيجاد قوم آخرين فقال وَ يَأْتِ بِآخَرِينَ و كان اللّٰه على ذلك و لم يقل ذينك على التثنية فكانت الإشارة من حيث أحديتها للأقرب و هو الذي أتى به و من هذا الباب إرسال الريح العقيم فإنها لإزالة أعيان الصور الظاهرة عن التأليف لا أعيان الجواهر فما أنتجت وجودا فنسب إليها العقم و نفي عنها أن تكون لاقحة فهذا نكاح لمجرد الشهوة لا لوجود الولد كنكاح أهل الجنة فما يكون عن كل شهوة كيان و لا بد وجود عيني لنفسه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 656
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست