responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 64

آثار القدر و هي علامة على وجود الحق و لا دليل أدل على الشيء من نفسه فلم يعلم الحق بغيره بل علم بنفسه و نسبة الوجود إلى هذه الأعيان قد قلنا إن ذلك أثر القدر فنعلم القدر بأثره و نعلم الحق بوجوده و ذلك لأن القدر نسبة مجهولة خاصة و الحق وجود فيصح تعلق العلم بالحق و لا يصح تعلق العلم بالقدر فإن علمنا بظهور المظهر في العين هو عين علمنا بالحق و القدر مرتبة بين الذات و بين الحق من حيث ظهوره لا يعلم أصلا و حكمه في المظاهر حكم الزمان في عالم الأجسام فلهذا يطلقه أكثر المحققين على الأوقات المعقولة

[الأزل لا يقبل السؤال عن العلل]

و قد أعلمناك أن الزمان نسبة معقولة غير موجودة و لا معدومة و هو في الكائنات فالوقت أعز مقاما في امتناع العلم به أو تصوره فلا ينال أبدا و قد كان العزيز رسول اللّٰه عليه السلام كثير السؤال عن القدر إلى أن قال له الحق تعالى يا عزيز لئن سألت عنه لأمحون اسمك من ديوان النبوة و يقرب منه السؤال عن علل الأشياء في تكويناتها فأفعال الحق لا ينبغي أن تعلل فإنه ما ثم علة موجبة لتكوين شيء إلا عين وجود الذات و قبول عين الممكن لظهور الوجود فالأزل لا يقبل السؤال عن العلل و إن ذلك لا يصدر إلا من جاهل بالله

[علم القدر هو المعلوم المجهول]

فالسبب الذي لأجله طوى علم القدر هو أن له نسبة إلى ذات الحق و نسبة إلى المقادير فعز أن يعلم عز الذات و عز أن يجهل لنسبة المقادير فهو المعلوم المجهول فأعطى التكليف في العالم فاشتغل العالم بما كلفوا و نهوا عن طلب العلم بالقدر و لا يعلم إلا بتقريب الحق و شهوده شهودا خاصا لعلم هذا المسمى قدرا فأولياء اللّٰه و عباده لا يطلبون علمه للنهي الوارد عن طلبه فمن عصى اللّٰه و طلبه من اللّٰه و هو لا يعلم بالنظر الفكري فلم يبق إلا أن يعلم بطريق الكشف الإلهي و الحق لا يقرب من عصاه بمعصيته و طالب هذا العلم قد عصاه في طلبه فلا ينال من طريق الكشف و ما ثم طريق آخر يعلم به علم القدر فلهذا كان مطويا عن الرسل فمن دونهم و إن نزع أحد إلى أن السائل اعتبر بسؤاله معنى الرسالة فمن حيث إنهم رسل طوى عنهم في هذه المرتبة و من دونهم من أرسل إليهم و ذلك هو التكليف فسد اللّٰه باب العلم بالقدر في حال الرسالة فإن علموه فما علموه من كونهم رسلا بل من كونهم من الراسخين في العلم فقد ينال على هذا لو لا ما بيناه من أن مرتبته بين الذات و المظاهر فمن علم اللّٰه علم القدر و من جهل اللّٰه جهل القدر و اللّٰه سبحانه مجهول فالقدر مجهول فمن المحال أن يعرف المألوه اللّٰه لأنه لا ذوق له في الألوهة فإنه مألوه و لله ذوق في المألوهية لكونه يطلبها في المألوه كما يطلبه المألوه فمن هناك وصف الحق نفسه بما وصف به مظاهره من التعجب و الضحك و النسيان و جميع الأوصاف التي لا تليق إلا بالممكنات

[سر القدر عين تحكمه في المقادير كما الوزن متحكم في الموزون]

فسر القدر عين تحكمه في المقادير كما إن الوزن متحكم في الموزون و الميزان نسبة رابطة بين الموزون و الوزن بها يتعين مقدار الموزون و مقادير الموزونات على اختلافها فالحق وضع الميزان و قال وَ مٰا نُنَزِّلُهُ إِلاّٰ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ و يستحقه من أنزل إليه فكل شيء بقضائه أي بحكمه و قدره أي وزنه و هو تعيين وقت حالا كان وقته أو زمانا أو صفة أو ما كان فظهر إن سبب طي علم القدر سبب ذاتي و الأشياء إذا اقتضت الأمور لذواتها لا للوازمها أو أعراضها لم يصح أن تتبدل ما دامت ذواتها و الذوات لها الدوام في نفسها لا لنفسها فوجود العلم بها محال

(السؤال الرابع و الثلاثون)لأي شيء طوى

الجواب هذا سؤال اختبار إن كان السائل عالما فإنه من المعلومات ما يعلل و منها ما لا يعلل هذا في المعلومات فكيف ما لا يعلم كيف يصح أن يعلل الجهل به

[الاشتراك مع الحق في العلم بمعلوم ما لا يصح وقوعه]

و أما من يرى أن القدر معلوم لمن فوق مرتبة الرسل من الملائكة أو من شاء اللّٰه من خلقه الذي لا علم لنا بأجناس خلقه فيكون طيه حتى لا يشارك الحق في علم حقائق الأشياء من طريق الإحاطة بها إذ لو علم أي معلوم كان بطريق الإحاطة من جميع وجوهه كما يعلمه الحق لما تميز علم الحق عن علم العبد بذلك الشيء و لا يلزمنا على هذا الاستواء فيما علم منه فإن الكلام فيما علم منه على ذلك فإن العبد جاهل بكيفية تعلق العلم مطلقا بمعلومه فلا يصح أن يقع الاشتراك مع الحق في العلم بمعلوم ما و من المعلومات العلم بالعلم و ما من وجه من المعلومات إلا و للقدر فيه حكم لا يعلمه إلا اللّٰه فلو علم القدر علمت أحكامه و لو علمت أحكامه لاستقل العبد في العلم بكل شيء و ما احتاج إلى الحق في شيء و كان الغني له على الإطلاق فلما كان الأمر بعلم القدر يؤدي إلى هذا طواه اللّٰه عن عباده فلا يعلم فكل شخص في العالم على جهل من نفسه و علم فمن حيث جهله يفتقر و يسأل و يخضع و يتضرع و يعلمه بجهله يقع منه هذا الوصف هذا إذا اتفق أن يكون ممكنا العلم به و قد قررنا أنه محال لذاته كما يعلم أنه ليس للحق من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست