responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 62

و لا بالوجود و هو إدراك الأفئدة مما ذكر فالممكنات على عدم تناهيها في ظلمة من ذاتها و عينها لا نعلم شيئا ما لم تكن مظهرا لوجوده و هو ما يستفيده الممكن منه و هو قوله تعالى عَلىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ

[أنتم في الظلمة فيكم و أنتم في الوجود فيه]

فخلق هنا بمعنى قدر قال تعالى وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً فقدرهم و لم يكونوا مظهرا لكن كانوا قابلين لتقديره فأول أثر إلهي في الخلق التقدير قبل وجودهم و أن يتصفوا بكونهم مظاهر للحق فالتقدير الإلهي في حقهم كإحضار المهندس ما يريد إبرازه مما يخترعه في ذهنه من الأمور فأول أثر في تلك الصورة إنما هو ما تصوره المهندس على غير مثال و آية هذا المقام قوله يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيٰاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقٰاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ أي انتقالكم من وجود الدنيا إلى وجود الآخرة أقرب في العلم إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ من انتقالكم من حال عدم إلى حال وجود فأنتم في الظلمة فيكم و أنتم في الوجود فيه غير أن لكم انتقالات في وجوده و ظلمتكم تستصحبكم لا تفارقكم أبدا وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهٰارَ فَإِذٰا هُمْ مُظْلِمُونَ و لم يقل نجعلهم في ظلمة بل زوال عين النور الذي هو الوجود هو عين كونكم مظلمين أي تبقي أعيانكم لا نور لها أي لا وجود لها و لو لم تكن الظلمة نسبة عدمية و هي كون ذواتكم العينية معدومة لكانت الظلمة من جملة الخلق فكانت الظلمة تستدعي أن تكون في ظلمة و الكلام في تلك الظلمة كالكلام في الأولى و يتسلسل فإن قوله خلق اللّٰه الخلق في ظلمة قد يريد بالخلق هنا المخلوقات و الظلمة إذا كانت أمرا وجوديا فهي مخلوقة فتكون أيضا في ظلمة و إذا كان الخلق هنا مصدرا كأنه قال قدر اللّٰه التقدير في ظلمة أي في غير موجودين يعني تلك الأعيان و انظر في قوله تعالى يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهٰاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمٰاتٍ ثَلاٰثٍ

[الشيئية الثابتة و الشيئية المنفية]

ثم إن اللّٰه تعالى في الوجود الأخروي إذا أراد اللّٰه بتبديل الأرض كان الخلق في الظلمة دون الجسر فالظلمة تصحيهم بين كل مقامين إذا أراد اللّٰه أن يوجدهم في عالم آخر أي ينشئهم نشأة أخرى لم تكن في أعيانهم فيعلمون بتغير الأحوال عليهم أنهم تحت حكم قهار فيكونون في حال وجودهم مثل حالهم في العدم و لهذا نبه الحق سبحانه عقولنا بقوله تعالى أَ وَ لاٰ يَذْكُرُ الْإِنْسٰانُ أَنّٰا خَلَقْنٰاهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً أي قدرناه في حال شيئيته المتوجه عليها أمره إلى شيئية أخرى لقوله تعالى إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ يعني في حال عدمه أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ كلمة وجودية من التكوين فسماه شيئا في حال لم تكن فيه الشيئية المنفية بقوله وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً فلا بد أن يعقل العارف ما الشيئية الثابتة له في حال عدمه في قوله إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ و ما الشيئية المنفية عنه في حال عدمه في قوله وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً فالظلمة التي خلق اللّٰه فيها الخلق نفي هذه الشيئية عنهم و النفي عدم محض لا وجود فيه و قد ذكر المفسرون معنى قوله فِي ظُلُمٰاتٍ ثَلاٰثٍ و ليس المقصود إلا ما ذكره صاحب السؤال و أما الآية فمعلوم أمرها عند العلماء بالله في خلق مخصوص و هو الخلق في الرحم لا غير انتهى الجزء الثاني و الثمانون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

(السؤال الحادي و العشرون)فما قصتهم هناك يعني قصة المخلوقين

الجواب قصتهم هناك الانتظار لما يكسوهم الحق من حلل نور الوجود لكل مخلوق نور على قدره ينفق منه و هو النور الذي يمشون فيه يوم القيامة

[النور المبطون في الأعيان و النور المبطون في ظلمة الليل]

فإن يوم القيامة ليس له ضوء جملة واحدة و الناس لا يسعون فيه إلا في أنوارهم و لا يمشي مع أحد منهم غيره في نوره كما

قال عليه السلام بشر المشاءين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة و هو الجمع بين النورين بين نورهم المبطون في أعيانهم الظاهر هناك و بين النور المبطون في ظلمة الليل الذي ينوب عنه السراج في نفي تلك الظلمة عن طريق الماشي

[المسجد بيت اللّٰه يسعى إليه لمناجاته]

و المسجد بيت اللّٰه يسعى إليه لمناجاته كذلك هذا النور لا يكون لهم إلا في الوقت الذي يدعون فيه إلى رؤية ربهم الذي ناجوه هنا فيمشون في ذلك الوقت في النور الذي كان مبطونا في الظلمة التي سعوا فيها في صلاة الصبح و العشاء إلى المساجد و انتظارهم هو انتظار حال فإنهم غير موصوفين في تلك الظلمة بالعلم لأن الاتصاف بالعلم تابع للوجود و هم غير موجودين بل هم في شيئيتهم القابلة لقول التكوين

[الظلمة ظرف للخلق]

و لما جعل الظلمة ظرفا للخلق كذلك قال هناك فأتى بما يدل على الظرف فهم قابلون للتقدير و إن كان قوله في ظلمة في موضع الحال من الخالق فيكون المراد به العماء الذي ما فوقه هواء و ما تحته

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست