responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 618

أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ و التعليم بالسؤال في أن لا يقع منه في المستقبل ما لم يقع في الحال بقوله قالوا وَ لاٰ تُحَمِّلْنٰا مٰا لاٰ طٰاقَةَ لَنٰا بِهِ و يتعلق به من سوء الأدب مقاومة القهر الإلهي و مقاومة العبد السيد في أمر ما من سفساف الأخلاق إذ ليس ذلك من صفات العبودة فيستعين العبد إذا كان ضعيفا بأخيه المؤمن في ذلك و يجب على الآخر معونته بالتعليم و التعزية فإن المؤمن كثير بأخيه و إذا انفرد الإنسان بهمه عظم عليه و إذا وجد من يلقيه إليه ليقاسمه فيه و يستريح عليه و يخف عنه فأعانه الآخر يحسن الإصغاء إليه فيما يلقى إليه من همه و جوابه إياه بما يسره في ذلك و مشاركته بإظهار التألم لما ناله فذلك الصديق الصادق المعين كما قيل

صديقي من يقاسمني همومي و يرمي بالعداوة من رمانى
و قال الآخر

إذا الحمل الثقيل تقسمته رقاب الخلق خف على الرقاب
فهذا قد بينا لك بعض ما يحويه هذا المنزل بالإجمال لا بالتفصيل مخافة التطويل فما تركنا منه شيئا و لا أعلمناك منه بشيء و هكذا فعلنا في كل منزل إن شاء اللّٰه تعالى وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الثاني و الثمانون و مائتان في معرفة منزل تزاور الموتى و أسراره من الحضرة الموسوية»



إذا جهلت أرواحنا علم ذاتها فذلك موت و الجسوم قبور
و إن علمت فالحشر فيها محقق و كان لها من أجل ذاك نشور
فما العلم إلا بين نور و ظلمة و كل كلام دون ذلك زور

[الموت عبارة عن مفارقة الروح الجسد]

اعلم أن الموت عبارة عن مفارقة الروح الجسد الذي كانت به حياته الحسية و هو طارئ عليهما بعد ما كانا موصوفين بالاجتماع الذي هو علة الحياة فكذلك موت النفس بعدم العلم فإن قلت إن العلم بالله طارئ الذي هو حياة النفوس و الجهل ثابت لها قبل وجود العلم فكيف يوصف الجاهل بالموت و ما تقدمه علم قلنا إن العلم بالله سبق إلى نفس كل إنسان في الأخذ الميثاقي حين أشهدهم على أنفسهم فلما عمرت الأنفس الأجسام الطبيعية في الدنيا فارقها العلم بتوحيد اللّٰه فبقيت النفوس ميتة بالجهل بتوحيد اللّٰه ثم بعد ذلك أحيا اللّٰه بعض النفوس بالعلم بتوحيد اللّٰه و أحياها كلها بالعلم بوجود اللّٰه إذ كان من ضرورة العقل العلم بوجود اللّٰه فلهذا سميناه ميتا قال تعالى أَ وَ مَنْ كٰانَ مَيْتاً يعني بما كان اللّٰه قد قبض منه روح العلم بالله فَأَحْيَيْنٰاهُ وَ جَعَلْنٰا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّٰاسِ فرد إليه علمه فحيي به كما ترد الأرواح إلى أجسامها في الدار الآخرة يوم البعث و قوله كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمٰاتِ يريد مقابلة النور الذي يمشي به في الناس و ما هو عين الحياة فالحياة الإقرار بالوجود أي بوجود اللّٰه و النور المجعول العلم بتوحيد اللّٰه و الظلمات الجهل بتوحيد اللّٰه و الموت الجهل بوجود اللّٰه و لهذا لم يذكر اللّٰه في الآية عنا في الأخذ الميثاقي إلا الإقرار بوجود اللّٰه لا بتوحيده ما تعرض للتوحيد فيها فقال أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ ف‌ قٰالُوا بَلىٰ فأقروا له بالربوبية أي أنه سيدهم و قد يكون العبد مملوكا لاثنين بحكم الشركة فأي سيد قال له أ لست بربك فلا بد أن يقول العبد بلى و يصدق فلهذا قلنا إن الإقرار إنما كان بوجود اللّٰه ربا له أي مالكا و سيدا و لهذا أردف اللّٰه في الآية حين قال فَأَحْيَيْنٰاهُ فلم يكتف حتى قال وَ جَعَلْنٰا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّٰاسِ يريد العلم بتوحيد اللّٰه لا غيره فإنه العلم الذي يقع به الشرف له و السعادة و ما عدا هذا لا يقوم مقامه في هذه المنزلة فتأمل ما قلناه فقد علمت أن ورود الموت على النفوس إنما كان عن حياة سابقة إذ الموت لا يرد إلا على حي و التفرق لا يكون إلا عن اجتماع و بعد أن علمت هذا

[أن علم الواحد بالكثرة يوجب له الجهل بنفسه]

فاعلم أنه من خصائص هذا المنزل أن علم الواحد بالكثرة يوجب له الجهل بنفسه لأن الكثرة مشهودة له و ذلك أن الروح لا يعقل نفسه إلا مع هذا الجسم محل الكم و الكثرة و لم يشهد نفسه قط وحده مع كونه في نفسه غير منقسم و لا يعرف إنسانيته إلا بوجود الجسم معه و لهذا إذا سئل عن حده و حقيقته يقول جسم متغذ حساس ناطق هذا هو حقيقة الإنسان و حده الذاتي النفسي فيأخذ أبدا في حده إذا سئل عنه من كونه إنسانا هذه الكثرة فلا يعقل أحديته في ذاته و إنما يعقل أحدية الجنس لا الأحدية الحقيقية و الذي يحصل له بالاكتساب أنه واحد في عينه علم دليل فكري لا علم ذوق شهودي كشفي و كذلك العلم بالله إنما متعلقة العلم بتوحيد الألوهة لمسمى اللّٰه لا توحيد الذات

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 618
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست