responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 616

رفعة سبقت و لا رفعة للعبد الكلي في عبوديته فإنه مسلوب الأوصاف فلو أنتج لذلك الروح المتضايل حال هذا العبد الكلي في عبوديته لما تكرر عليه التضاؤل فافهم ما أشرت به إليك و قد نبهتك بهذا الخبر أن هذا الملك من أعلم الخلق بالله و تكرار تضاؤله لتكرار التجلي و الحق لا يتجلى في صورة مرتين فيرى في كل تجل ما يؤديه إلى ذلك التضاؤل هذا هو العلم الصحيح الذي تعطيه معرفة اللّٰه ثم لتعلم إن اللّٰه خلق اَلْإِنْسٰانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ للصورة التي خصه بها و هي التي أعطته هذه المنزلة فكان أحسن تقويم في حقه لا عن مفاضلة أفعل من كذا بل هو مثل قوله اللّٰه أكبر لا عن مفاضلة بل الحسن المطلق للعبد الكامل كالكبرياء المطلق الذي للحق فهو أحسن تقويم لا من كذا كما هو الحق أكبر لا من كذا لا إله إلا هو و لا عبد إلا المصمت في عبودته فإن حاد العبد عن هذه المرتبة بوصف ما رباني و إن كان محمودا من صفة رحمانية و أمثالها فقد زال عن المرتبة التي خلق لها و حرم من الكمال و المعرفة بالله على قدر ما اتصف به من صفات الحق فليقلل أو يكثر*

[أن للإنسان حالتين حالة عقلية نفسية مجردة عن المادة و حالة عقلية نفسية مدبرة للمادة]

و اعلم أن للإنسان حالتين حالة عقلية نفسية مجردة عن المادة و حالة عقلية نفسية مدبرة للمادة فإذا كان في حال تجريده عن نفسه و إن كان متلبسا بها حسا فهو على حالته في أحسن تقويم و إذا كان في حال لباسه المادة في نفسه كما هو في حسه فهو على حالته في خسر لا ربح في تجارته فيه فَمٰا رَبِحَتْ تِجٰارَتُهُمْ وَ مٰا كٰانُوا مُهْتَدِينَ و هو قوله إِنَّ الْإِنْسٰانَ لَكَفُورٌ إِنَّ الْإِنْسٰانَ لَظَلُومٌ كَفّٰارٌ إِنَّ الْإِنْسٰانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ إِنَّ الْإِنْسٰانَ لَفِي خُسْرٍ إِنَّهُ كٰانَ ظَلُوماً جَهُولاً فإذا قال الإنسان الكامل اللّٰه نطق بنطقه جميع العالم من كل ما سوى اللّٰه و نطقت بنطقه أسماء اللّٰه كلها المخزونة في علم غيبه و المستأثرة التي يخص اللّٰه تعالى بمعرفتها بعض عباده و المعلومة بأعيانها في جميع عباده فقامت تسبيحته مقام تسبيح ما ذكرته فأجره غَيْرُ مَمْنُونٍ و سنومئ إلى تحقيق هذا في المنزل التاسع و الثمانين و مائتين و بعد أن نبهتك على معرفة قيام التوحيد بالواحد القائم مقام الجماعة في الخير و الشر فإنه قال تعالى في هذا المقام في الخير و الشر مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسٰادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمٰا قَتَلَ النّٰاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْيٰاهٰا فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً و منزلتنا في هذا البيان لأصحابنا من أهل هذا الشأن و منزلة القابلين لما بيناه و غير القابلين ما أردف اللّٰه به هذه الآية من تعريف الأحوال فقال وَ لَقَدْ جٰاءَتْهُمْ رُسُلُنٰا بِالْبَيِّنٰاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ فلنبين إيمان العصاة المعبر عنه بالتوبة و ما يلزمه و ذلك أن الايمان الأصلي هو الفطرة التي فطر اللّٰه الناس عليها : و هو شهادتهم له سبحانه بالوحدانية في الأخذ الميثاقي فكل مولود يولد على ذلك الميثاق و لكن لما حصل في حصر الطبيعة بهذا الجسم محل النسيان جهل الحالة التي كان عليها مع ربه و نسيها فافتقر إلى النظر في الأدلة على وحدانية خالقه إذا بلغ إلى الحالة التي يعطيها النظر و إن لم يبلغ هذا الحد فإن حكمه حكم و الدية فإن كانا مؤمنين أخذ بتوحيد اللّٰه تعالى منهم تقليدا و إن كانا على أي دين كان ألحق بهما فمن كان إيمانه تقليدا جزما كان أعصم و أوثق في إيمانه ممن أخذه عن الأدلة لما يتطرق إليها إن كان حاذقا فطنا قوي الفهم من الحيرة و الدخل في أدلته و إيراد الشبه عليها فلا يثبت له قدم و لا ساق يعتمد عليها فيخاف عليه فإذا تقدم إيمانه بتوحيد اللّٰه شرك ورثه عن أبويه أو عن نظره أو عن الأمة التي هو فيها فذلك الايمان هو عين إيمانه الميثاقي لا غيره و إنما حال بينه و بين العبد حجاب الشرك كالسحابة الحائلة بين البصر و الشمس فإذا انجلت ظهر الشمس للبصر كذلك ظهور الايمان للعبد عند ارتفاع الشرك إذ كان المشرك مقرا بوجود الحق فإن قلت فما حكم المعطل هل يكون إيمانه يوجد في الوقت أم حاله حال المشرك قلنا المعطل أقرب إلى الايمان من المشرك فإنه لا بد لكل إنسان أن يجد نفسه مستندا في وجوده إلى أمر ما لا يدري ما هو فيقال له ذلك هو اللّٰه فإن حدث له بعد ذلك هل هو واحد أو أكثر من واحد كان في محل النظر في ذلك أو يقلد من يعتقد فيه من الموحدين فما ثم إيمان محدث بل هو مكتوب في قلب كل مؤمن فإن زال في حق المريد الشقاء فإنما تزول وحدانية المعبود لا وجوده و بالتوحيد تتعلق السعادة و بنفيه يتعلق الشقاء المؤبد و لهذا الإشارة بقوله تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا في الأخذ الميثاقي آمَنُوا لقول الرسول إليكم من عندنا فلو لا إن الايمان كان عندهم ما وصفوا به و أما نسبة الأعمال إلى هذا المنزل فهو على ما نقرره و ذلك

أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم قال بعثت لأتمم مكارم الأخلاق و مكارم الأخلاق أعمال و أحوال إضافية لأن الناس الذين هم محل مكارم الأخلاق على حالتين حر و عبد كما إن الأخلاق

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 616
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست