responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 61

هذا القول ما حرر الأمر على ما يقتضيه وجه الحق فيه و ذلك أن تنظر المراتب فإن كانت تقتضي الفضيلة فتنظر أية مرتبة هي أعم من الأخرى و أعظم فالمتصف بها أفضل ففضل أرباب المراتب بفضل المراتب فقد يزيد و يفضل بعض الناس غيره بشيء ما فيه ذلك الفضل فإن الفضل في هذا الوجه لا ينظر من حيث إنه زيادة و لكن ينظر من حيث اعتبار زيادات لها شرف في العرف و العقل كالعلم و النجارة و الخياطة و العلم بالأحكام الشرعية و العلم بما ينبغي لجلال اللّٰه و كل واحد منهم لا يعلم علم الآخر فيقال قد فضل النجار على الموحد بالدليل بالنجارة هذا لا يقال على جهة الفخر و المدح بل على جهة الزيادة و يقال فضل العالم بالله النجار على طريق الشرف و الفخر فمثل هذه المفاضلة هي التي تعتبر و هي أن يزيد كل واحد على صاحبه برتبة تقتضي المجد و الشرف فهذا معنى قوله فَضَّلْنٰا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلىٰ بَعْضٍ بما يقتضيه الشرف

[لا تصح مفاضلة بين الأسماء الإلهية]

و نحن نجمع إلى ذلك الزيادة فنقول في قوله فَضَّلْنٰا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلىٰ بَعْضٍ أي جعلنا عند كل واحد من صفات المجد و الشرف ما لم نجعل عند الآخر فقد زاد بعضهم على بعض في صفات الشرف و المراتب التي فضلوا بها بعضهم على بعض ما فيها مفاضلة عندنا لارتباطها بالأسماء الإلهية و الحقائق الربانية و لا تصح مفاضلة بين الأسماء الإلهية لوجهين الواحد أن الأسماء نسبتها إلى الذات نسبة واحدة فلا مفاضلة فيها فلو فضلت المراتب بعضها بعضا بحسب ما استندت إليه من الحقائق الإلهية لوقع الفضل في أسماء اللّٰه فيكون بعض الأسماء الإلهية أفضل من بعض و هذا لا قائل به عقلا و لا شرعا و لا يدل عموم الاسم على فضله لأن الفضلية إنما تقع فيما من شأنه أن يقبل فلا يتعمل في القبول أو فيما يجوز أن يوصف به فلا يتصف به و الوجه الآخر أن الأسماء الإلهية راجعة إلى ذاته و الذات واحدة و المفاضلة تطلب الكثرة و الشيء لا يفضل نفسه فإذا المفاضلة لا تصح فمعقول فضلنا بعض النبيين على بعض أي أعطينا هذا ما لم نعط هذا و أعطينا هذا أيضا ما لم نعط من فضله و لكن من مراتب الشرف ف‌ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّٰهُ و آتَيْنٰا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنٰاتِ وَ أَيَّدْنٰاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ فمنهم من فضل بأن خلقه بيديه و أسجد له الملائكة و منهم من فضل بالكلام القديم الإلهي بارتفاع الوسائط و منهم من فضل بالخلة و منهم من فضل بالصفوة و هو إسرائيل يعقوب فهذه كلها صفات شرف و مجد لا يقال إن خلته أشرف من كلامه و لا إن كلامه أفضل من خلقه بيديه بل كل ذلك راجع إلى ذات واحدة لا تقبل الكثرة و لا العدد فهي بالنسبة إلى كذا خالقة و بالنسبة إلى كذا مالكة و بالنسبة إلى كذا عالمة إلى ما نسبت من صفات الشرف و العين واحدة

[المسألة الطفولية أو المفاضلة بين الملائكة و البشر]

و أما المسألة الطفولية التي بين الناس و اختلافهم في فضل الملائكة على البشر فإني سألت عن ذلك رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في الواقعة فقال لي إن الملائكة أفضل فقلت له يا رسول اللّٰه فإن سألت ما الدليل على ذلك فما أقول فأشار إلى أن قد علمتم أني أفضل الناس و قد صح عندكم و

ثبت و هو صحيح إني قلت عن اللّٰه تعالى أنه قال من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي و من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم و كم ذاكر لله تعالى ذكره في ملأ أنا فيهم فذكره اللّٰه في ملأ خير من ذلك الملإ الذي أنا فيهم فما سررت بشيء سروري بهذه المسألة فإنه كان على قلبي منها كثير و إن تدبرت قوله تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلاٰئِكَتُهُ

[لا مفاضلة و لا أفضل من جهة الحقائق]

و هذا كله بلسان التفصيل و أما جهة الحقائق فلا مفاضلة و لا أفضل لارتباط الأشخاص بالمراتب و ارتباط المراتب بالأسماء الإلهية و إن كان لها الابتهاج بذاتها و كمالها فابتهاجها بظهور آثارها في أعيان المظاهر أتم ابتهاجا لظهور سلطانها كما تعطي الإشارة في قول القائل المترجم عنها حيث نطق بلسانها من كناية نحن المنزل عن اللّٰه في كلامه و هي كناية تقتضي الكثرة

نحن في مجلس السرور و لكن ليس إلا بكم يتم السرور
فمجلس السرور لها حضرة الذات و تمام السرور لها ما تعطيه حقائقها في المظاهر و هو قوله بكم و ذلك لكمال الوجود و المعرفة لا لكمال الذات إن عقلت

(السؤال الثلاثون)خلق اللّٰه الخلق في ظلمة

الجواب هذا مثل قوله وَ اللّٰهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهٰاتِكُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصٰارَ وَ الْأَفْئِدَةَ فهذه أنوار فيك تدرك بها الأشياء فما أدركت إلا بما جعل فيك و ما جعل فيك سوى أنت فله تعالى مما أنت الوجود و أنت من ذلك الوجود المدرك به المعدوم الموجود و ما لا يتصف بالعدم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست