responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 607

قد ذكرنا أنه يتجلى في صور المعتقدات فمن عرف أن أفعال نفسه و غيره مخلوقة لله مع أنه يشاهدها عن قدرته و يعلم أنها عن القدرة الإلهية مع أنه لا يشهد تعلق قدرته أو قدرة غيره بمقدوره حالة إيجاده و إبرازه من العدم إلى الوجود يمنع إن يتجلى الحق في الأفعال إلا على حد ما وقع هنا فمنع وقوع هذا التجلي و من عرف أن أفعال نفسه مخلوقة له لا للقدرة القديمة مع أنه أيضا لا يعرفها مشاهدة إلا حال وجودها و لا يرى صاحب هذا الاعتقاد إذا أنصف تعلق قدرته بإيجادها و إنما يشهد تعلق الجارحة بالحركة القائمة قال بوقوع هذا التجلي ففيه خلاف بين أهل هذا الشأن لا يرتفع دنيا و لا آخرة غير أن الدنيا تقتضي بحالها أن يتنازعوا في هذا الأمر و غيره و في الجنة لا نزاع في ذلك لأن كل واحد قد قرره الحق على اعتقاده و أبقى عليه و همه في تلك الدار أنه متجل له في أفعاله و أبقى على الآخر علمه أنه لا يتجلى في أفعاله مع حصول تجلى من أبقى عليه و همه لمن أبقى علمه عليه بالمنع فصاحب المنع يشاهد من الحق ما يشاهده من يقول بوقوع التجلي في الأفعال فيعرف ما يشهد في ذلك التجلي كما يعرف هنا من يعقل معقولاته الصادرة عنه و ذلك الآخر لا يعلم من اللّٰه هذا الذي يعلمه من يقول بالمنع فحصل من هذا أن الأمر مشكل فهو سبحانه المثبت لذلك و النافي له فيما خاطبنا به هنا في كتبه و على ألسنة رسله و قرره في أفكار النظار لتاخذه العقول على حد ما قرره في الأفكار من المنع لذلك أو وقوعه و هذا الحجاب لا يرتفع أبدا و التكليف محقق من حيث إن الأفعال مكتسبة بلا خلاف بين الطائفتين و إنما الخلاف في الإيجاد عن أي القدرتين كان قال تعالى و تبين لكم كيف فعلنا بهم و هو أقوى حجة للقائلين بالوقوع و هو أقوى حجة للقائلين بالمنع أَ لَمْ تَرَ إِلىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ فقرن الرؤية بإلى و جعل المرئي الكيف فيقول صاحب المنع لما لم نشهد هنا ذات الحق و هو يكيف مد الظل و لا رأيناه و إنما رأينا مد الظلال عن الأشخاص الكثيفة التي تحجب الأنوار أن تنبسط على الأماكن التي تمتد فيها ظلال هذه الأشخاص علمنا إن الرؤية في هذا الخطاب إنما متعلقها العلم بالكيف المشهود الذي ذكرناه و أن ذلك من اللّٰه سبحانه لا من غيره أي أنه لو أراد أن تكون الأشخاص الكثيفة منصوبة و الأنوار في جهة منها بمنع تلك الأشخاص انبساط النور على تلك الأماكن فيسمى منعها ظلالا أو يقبض تلك الظلال عن الانبساط على تلك الأماكن و لا يخلق فيها نورا آخر و لا ينبسط ذلك النور المحجوب على تلك الأماكن لما قصرت إرادته عن ذلك كما قال تعالى ثُمَّ قَبَضْنٰاهُ إِلَيْنٰا قَبْضاً يَسِيراً و هو رجوع الظل إلى الشخص الممتد منه ببروز النور حتى يشهد ذلك المكان فجعل المقبوض إنما كان قبضه إلى اللّٰه لا إلى الجدار و في الشاهد و ما تراه العين إن سبب انقباض الظل و تشميره إلى جهة الشخص الكثيف إنما هو بروز النور فما في المسائل الإلهية ما تقع فيها الحيرة أكثر و لا أعظم من مسألة الأفعال و لا سيما في تعلق الحمد و الذم بأفعال المخلوقين فيخرجها ذلك التعلق أن تكون أفعال المخلوقين لغير المخلوقين حال ظهورها عنهم و أفعال اللّٰه كلها حسنة في مذهب المخالف الذي ينفي الفعل عن المخلوق و يثبت الذم للفعل بلا خلاف و لا شك عنده في تعلق الذم بذلك الفعل من اللّٰه و سببه الكسب لما وقع مخالفا لحمد اللّٰه فيه مأمورا كان يفعله فلم يفعله أو منهيا عن فعله ففعله و هذا فيه ما فيه و في مثل هذه المسائل قلت

حيرة من حيرة صدرت ليت شعري ثم من لا يحار
أنا إن قلت أنا قال لا و هو إن قال أنا لا يعار
أنا مجبور و لا فعل لي و الذي أفعله باضطرار
و الذي أسند فعلي له ليس في أفعاله بالخيار
فإنا و هو على نقطة ثبتت ليس لها من قرار
فقد أوقفناك بما ذكرناه في هذا الباب على ما يزيدك حيرة فيه و بعد أن ذكرنا ما ذكرنا

[منزل حيرة و مقام غيرة]

فاعلم أن هذا المنزل هو على الحقيقة منزل حيرة و مقام غيرة و من علوم هذا المنزل و هو داخل في باب الحيرة اتصاف العدم بالكينونة و هي تقتضيه و اتصاف الحق بجعل الموجودات في العدم و خلق العدم بحيث أن يقال فعل الفاعل لا شيء و لا شيء لا يكون فعلا و قد نسبه الحق إليه فقال إن يشأ يذهبكم أن يلحقكم بالعدم و يأت بخلق جديد فانظر كيف أضاف الإلحاق بالعدم إلى المشيئة و لم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 607
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست