responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 604

فناب عنهما فلما شهد الحق لنفسه بالتوحيد شهد عنه و عن عبده بذلك فأتى بحرف لام ألف و لهذا سمي لام ألف و لم يقل لام الألف بالتعريف فسمي باسم الحرفين لئلا يتخيل السامع إذا جاء به معرفا إنه أراد الإضافة و ما أراد هذا الحرف المعين فجرى مجرى رام‌هرمز و بعلبك و لم يجر مجرى عبد اللّٰه و عبد الرحمن و لهذا اختلف في موضع الإعراب من بعلبك و رام‌هرمز و بلال‌آباد و لم يختلف في موضع الإعراب من عبد اللّٰه و عبد الرحمن لأن المسمى بذلك قصد به الإضافة و لا بد فمن أجرى هذه الأسماء مجرى الاسم المضاف جعل محل الإعراب آخر الاسم الأول و من أجراه مجرى زيد جعل محل الإعراب آخر الاسم الثاني كذلك وقع الاختلاف في حرف لام ألف إذا وقع في الخط في تعيين أي فخذ من هذا الحرف هو اللام و أي فخذ هو الألف و اختلفت مراعاة الناس في ذلك فمن قاس الخط على اللفظ كان اللام عنده الذي يبتدئ به الكاتب سواء كان الفخذ المتقدم في الترتيب أو المتأخر و من لم يحمله على النطق به بقي على الخلاف و جعل له التخيير في ذلك فيجعل أي شيء أراد اللام من الفخذين و أي شيء أراد الألف إذ كان كل واحد منهما على صورة الآخر للالتفاف الذي أخرج اللام عن حقيقته كذلك الإنسان الكامل و الحق في الصورة التي تنزلت منزلة الالتفاف فإن نسبت الفعل إلى قدرة العبد كان لذلك وجه في الإخبار الإلهي و إن نسبت الفعل إلى اللّٰه كان لذلك وجه في الإخبار الإلهي و أما الأدلة العقلية فقد تعارضت عند العقلاء و إن كانت غير متعارضة في نفس الأمر و لكن عسر و تعذر على العقلاء تمييز الدليل من الشبهة و كذلك في الإخبار الإلهي يتعذر و كذلك في حقيقة العبد متعذر لتعلق الأمر به فلا يؤمر إلا من له قدرة على فعل ما يؤمر به و تمكن من ترك ما ينهى عنه فيعسر نفي الفعل عن المكلف الذي هو العبد لارتفاع حكمة الخطاب في ذلك و الإخبار الآخر و الوجه الآخر العقلي يعطي أن الفعل المنسوب إلى العبد إنما هو لله فقد تعارضا خبرا و عقلا و هذا موضع الحيرة و سبب وقوع الخلاف في هذه المسألة بين العقلاء في نظرهم في أدلتهم و بين أهل الأخبار في أدلتهم و لا يعرف ذلك إلا أهل الكشف خاصة من أهل اللّٰه و كون الإنسان على الصورة يطلب وجود الفعل له و التكليف يؤيده و الحس يشهد له فهو أقوى في الدلالة و لا يقدح فيه رجوع كل ذلك إلى اللّٰه بحكم الأصل فإنه لا ينافي هذا التقرير و لهذا ضعفت حجة القائلين بالكسب لا من كونهم قالوا بالكسب فإن هؤلاء أيضا يقولون به لأنه خبر شرعي و أمر عقلي يعلمه الإنسان من نفسه و إنما تضعف حجتهم في نفيهم الأثر عن القدرة الحادثة و بعد أن علمت هذا الفصل من منزل الألفة فلنشرع فيما يرجع إلى تحقيقه في غير هذا النمط مما يتضمنه على جهة الإفصاح عنه

[أن الألفة منزل من منازل الأبدال]

فاعلم إن هذا المنزل هو منزل سفر الأبدال السبعة المجتمعين المتألفين مع القبض الذي هم عليه بعضهم عن بعض و إنكار بعضهم على بعض مع وجود الصفاء فيما بينهم و لهم سفران في باب المعرفة سفر منهم إلى الإله في مظاهره و سفر آخر منهم أيضا إلى الذات فسفرهم إلى الإله من ربوبيتهم و سفرهم إلى الذات من ذواتهم فإذا أرادوا السفر إلى الذات قصدوا اليمن و إذا أرادوا السفر إلى الإله قصدوا الشام و بلاد الشمال و أي جهة قصدوا فإن استعدادهم على السواء في القدر الذي يحتاجون إليه و إن تنوع فإن الأغذية تتنوع بتنوع الجهات فلا يؤخذ من الزاد إلى كل جهة إلا ما يصلح مزاج المسافر إلى تلك الجهة لئلا يحول بينه و بين مقصده مرض للأهواء المختلفة في الجهات و أثرها في المزاج فلا بد أن يختلف الاستعداد على إن إقامتهم قليلة في السفرين و يعودون إلى مواطنهم فإذا قصدوا اليمن لم يقيموا فيه سوى أربعة و عشرين يوما يحصلون فيها مرادهم و يرجعون إلى سنة أخرى و إذا قصدوا الشمال لم يقيموا فيه إلا ستة أيام يحصلون فيها مرادهم و يرجعون إلى سنة أخرى و سفرهم روحاني لا جسماني فأما العلوم التي يستفيدونها في سفرهم إلى اليمن فعلوم الاصطلام و علم السبحات من وراء الحجب علم ذوق و أما العلوم التي يستفيدونها في سفرهم إلى الشمال فعلوم زيادات اليقين بما يتجلى لهم و علم العبودية و القبض و ما تنتجه الخلوات علم ذوق و موطنهم الذي يستقرون فيه مكة فإن التنزل في روحانيتها أتم التنزل لأنها كما قال تعالى أُمَّ الْقُرىٰ و قال يُجْبىٰ إِلَيْهِ ثَمَرٰاتُ كُلِّ شَيْءٍ فعم و قال فيه رِزْقاً مِنْ لَدُنّٰا فما أضافه إلى غيره فهي علوم وهب تحيا بها أرواحهم و لم يقل ذلك في غير مكة و لا تحصل هذه العلوم التي أشرنا إليها إلا لمن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 604
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست