responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 593

و كان شقيا فإن قال قائل كيف يكون النداء من اسم إلهي و يقف الكون عن إجابته مع ضعفه و قبوله للاقتدار الإلهي قلنا لم تكن إبايته عن إجابته من حيث نفسه و حقيقته لأنه مقهور دائما و لكن لما كان تحت قهر اسم إلهي لم يتركه ذلك الاسم أن يجيب من ناداه فالتنازع وقع بين الأسماء الإلهية و هم أكفاء و الحكم لصاحب اليد و هو الاسم الذي هو في يده في وقت نداء الاسم الآخر فلهذا كان أقوى للحال فإن قلت فلما ذا يؤاخذ بالإباءة قلنا لأنه ادعى الإباية لنفسه و لم يضفها إلى الاسم الإلهي الذي هو تحت قهره فإن قلت فالأمر باق فإنه إنما أبي لقهر اسم إلهي كانت الإباية عنه في هذا المدعو قلنا صدقت و لكنه جهل ذلك فأخذ بجهله فإن الجهل له من نفسه فإن قلت فإن جهله من اسم إلهي حكم عليه قلنا الجهل أمر عدمي لا وجودي و الأسماء الإلهية تعطي الوجود ما تعطي العدم فالعدم للمدعو من نفسه و الجهل عدم العلم فلم يدر المعترض ما اعترض به و الأسماء الإلهية لا تعطي إلا الوجود فلم يلزم ما ذكرته و انقطع الاعتراض من هذا القائل بما ذكرناه و إذا ثبت أن النداء يعم فالمنادي به أيضا يعم و لكن نداء الحق لا يكون إلا بما يكون في إجابته السعادة للعبد و أما النداء بما يكون فيه الشقاوة للعبد فذلك ليس نداء الحق و النداء من صفة الكلام فكل فعل يفعله العبد ينقسم إلى أمرين إلى فعل فيه سعادة ذلك العبد و هو الذي يقترن به نداء الحق تعالى و فعل لا يقترن به سعادة العبد فليس عن نداء الحق لكنه عن إرادة الحق و خلقه لا عن ندائه و أمر شرعه و نفي السعادة فيه على قسمين الواحد أن يكون فعلا لا يقترن به شقاوة و لا سعادة أو يكون فعلا تقترن به شقاوة و الفعل الذي تقترن به الشقاوة على قسمين قسم تقترن به على الأبد و هي شقاوة الشرك و شقاوة لا تقترن به على الأبد و هو كل فعل لا يكون شركا و لا نداء للحق فيه البتة فهذا المنزل هو منزل النداء لا منزل الأفعال و سيأتي إن شاء اللّٰه منازل الأفعال و يشتبه على بعض العارفين هذا المنزل و إخوانه بمنزل الأفعال لكونه يرى النداء بالأفعال و ليس المنزل واحدا في ذلك بل النداء له منزل و الفعل له منزل*

[أن النداء على مراتب]

و اعلم أن النداء على مراتب لكل مرتبة أداة معينة فالأدوات الهمزة و يا و أيا و هيأ و أي مسكنة الياء فأقربها الهمزة في الرتبة و أبعدها هيأ و النداء قد يصحبه التنبيه و قد لا يصحبه التنبيه فإذا كان النداء بأي فهو نكرة فلا بد من التنبيه لأن النداء إنما يطلب التعريف و هو بنفس المنادي فلا بد أن يصحب هاء التنبيه لأي في النداء لأن التنبيه تعريف ثم يردف التنبيه باسم المنادي ليعرف المنادي أنه منادى دون غيره فإن كان اسمه ناقصا كالذين فلا بد له من صلة و هو الذي يصفه به ليتم به المقصود و لا بد من رابط بين هذه الصلة و الموصول ليعلم أنه المراد بذلك النداء و إن لم يردف باسم ناقص لم يحتج إلى ما ذكرناه فيقال يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ و أمثال هذا و أما إذا لم يقترن بالنداء أي فإن النداء يتصل باسم المنادي و قد يكون منادى منكورا مطولا مثل قوله تعالى يٰا حَسْرَةً عَلَى الْعِبٰادِ و مثل قوله يا عجبا قال الشاعر

يا عجبا لهذه الفليقه هل تذهبين القر بالربيقة
و قد يكون منادى يعرف مثل يٰا جِبٰالُ أَوِّبِي مَعَهُ و لا يكون ما بعد النداء أبدا إلا منصوبا إما لفظا و إما معنى و لهذا عطف بالمنصوب على الموضع في قوله تعالى وَ الطَّيْرَ بالنصب عطفا على موضع يا جبال و إن كان مرفوعا في اللفظ فقد يراعي اللفظ في أوقات و لهذا قرئ أيضا و الطير بالرفع و لكل فصل من هذه الفصول حقائق إلهية لو لا التطويل لذكرناها فصلا فصلا فتركناها لمن يقف على كلامنا من العارفين كالتنبيه لهم على ما يتضمنه منزل النداء من المعاني الإلهية و أن الكون مرتبط بعضه ببعض ارتباط المعاني بالكلمات و ربما جعلوا الواو من أدوات النداء و لكن خصوها بنداء خاص لحال خاص بخلاف سائر الأدوات فخصوها بالانتداب فينادون الميت و أجبلاه و اسنداه و به يعذب الميت الملك يطعنه في خاصرته أن هكذا كنت و يقولون وا زيداه وا سلطاناه و لا بد في هذا النداء من إدخال الهاء هاء السكت في آخره لأنه ليس من شرط هذا النداء أن يقال بعده شيء فلهذا أدخل هاء السكت عليه فيكتفي به فيقول وا جبلاه وا حزناه و لا يحتاج إلى أمر آخر و إذا قلت يا زيد و ناديته بسائر حروف النداء من غير نداء الندبة فلا بد أن تذكر السبب الذي ناديته من أجله فتقول يٰا جِبٰالُ أَوِّبِي مَعَهُ يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ اتَّقُوا فلا تكون هاء السكت إلا في نداء الندبة خاصة و أما النداء المرخم فإنهم يريدون به تسهيل الكلام ليخف على المنادي ليصل إلى المقصود مسرعا بما

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 593
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست