responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 592

فلا يعرفهم سواهم و من اقتطعهم من خلقه إليه قال تعالى في المعنى وَ مٰا قَدَرُوا اللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهِ و لهؤلاء حظ وافر في هذه الآية حيث جهلهم العام و الخاص و المسلم و غير المسلم فهم الضنائن المصانون بحجب الغيرة فلا يعرفهم إلا الحق و هل يعرف بعضهم بعضا فيه توقف و هم المطلوبون من العباد ألحقنا اللّٰه بهم و أرجو أن أكون منهم و أما تبري المسلم ممن استند إليه المشرك فليس تبرؤه إلا من النسبة و من المنسوب إليه لا من المنسوب فاجتمع المشرك و المسلم في المنسوب و افترقا في المنسوب إليه و النسبة و لهذا لم تضرب الجزية على المشرك و فرق بينه و بين الكفار من أهل الكتب المنزلة فإن المشرك قادح في الحق و في الكون بشركه فلم يكن له مستند يعصمه من القتل لأنه قدح في التوحيد و في الرسل و الكفار من أهل الكتاب لم يقدحوا في التوحيد و لا في الكون أعني الرسل لكن قدحوا في رسول معين لهوى أو شبهة قائمة بنفوسهم أداهم ما قام بهم إلى جحود الحق ظلما و علوا مع اليقين به و إما لشبهة قامت بهم لم يثبت صدق صاحب الدعوى عندهم فلهذا كان لهم في الجملة مستند صحيح عندهم لا في نفس الأمر يعصمهم من القتل فضربت عليهم الجزية و تركوا على دينهم ليقيموه أو يقيموا بعضه على قدر ما يوفقون إليه و هنا نكتة لمن فهم إن دينهم مشروع لهم بشرعنا حيث قررهم عليه و لهذا كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذا سمع أن الروم قد ظهرت على فارس يظهر السرور في وجهه مع كون الروم كافرين به صلى اللّٰه عليه و سلم و لكن الرسول لعلمه صلى اللّٰه عليه و سلم كان منصفا لأنه علم إن مستند الروم لمن استند إليه أهل الحق لأنهم أهل كتاب مؤمنون به لكنهم طرأت عليهم شبهة من تحريف أئمتهم ما أنزل عليهم حالت بينهم و بين الايمان و الإقرار بنبوة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم أو بعمومها و كلامنا مع المنصف منهم من علمائهم فعذرهم الشرع لهذا القدر الذي علمه منهم و راعى فيهم جناب الحق تعالى حيث وحدوه و ما أشركوا به حين أشرك به فارس و عبدة الأوثان و قدحت في توحيد الإله و ما يستحقه من الأحدية و هكذا حال العارفين من أهل هذا المقام و أما قول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في أمره إيانا بمخالفة أهل الكتاب إنما هو في كونهم آمنوا ببعضه و كفروا ببعضه و أرادوا أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً فأمرنا بمخالفتهم في أمور من الأحكام معينة و فيما ذكرناه و لو أمرنا بمخالفتهم على الإطلاق لكنا مأمورين بخلاف ما أمرنا به من الايمان فلا تصح مخالفتهم على الإطلاق فهذا المراد

بقوله صلى اللّٰه عليه و سلم خالفوا أهل الكتاب

[أن المشرك باعتبار عدوله عن أحدية الإله تسمي كافرا]

و اعلم أن كل مشرك كافر فإن المشرك باتباع هواه فيمن أشرك و اتخذه إلها و عدوله عن أحدية الإله يسترها عن النظر في الأدلة و الآيات المؤدية إلى توحيد الإله فسمي كافرا لذلك الستر ظاهرا و باطنا و سمي مشركا لكونه نسب الألوهية إلى غير اللّٰه مع اللّٰه فجعل لها نسبتين فأشرك فهذا الفرق بين المشرك و الكافر و أما الكافر الذي ليس بمشرك فهو موحد غير أنه كافر بالرسول و ببعض كتابه و كفره على وجهين الوجه الواحد أن يكون كفره بما جاء من عند اللّٰه مثل كفر المشرك في توحيد اللّٰه و الوجه الآخر أن يكون عالما برسول اللّٰه و بما جاء من عند اللّٰه أنه من عند اللّٰه و يستر ذلك عن العامة و المقلدة من أتباعه رغبة في الرئاسة و هو الذي أراد عليه السلام بقوله في كتابه إلى قيصر فإن توليت فإن عليك إثم اليريسيين يعني الأتباع

[أن التأيه و النداء مؤذن بالبعد]

و اعلم أن التأيه و النداء مؤذن بالبعد عن الحالة التي يدعوه إليها من يناديه من أجلها فيقول يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فلبعدهم مما أيه بهم أن يؤمنوا به لذلك أيه بهم فإن كانوا موصوفين في الحال بما دعاهم إليه فيتعلق البعد بالزمان المستقبل في حقهم أي اثبتوا على حالكم الذي ارتضاه الدين لكم في المستقبل كما قال يعقوب لبنيه وَ لاٰ تَمُوتُنَّ إِلاّٰ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ في حال حياتهم فأمرهم بالإسلام في المستقبل أي بالثبوت عليه و الاستقبال بعيد عن زمان الحال فيكون التأيه أيضا بما هو موجود في الحال أن يكون باقيا في المستقبل قال تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و هم في حال الوفاء بعقد الايمان فإنه نعتهم في تأيهه بهم بالإيمان فكان البعد في العقود إذا قبلوها متى قبلوها

[أن النداء الإلهي عام يشمل المؤمن و الكافر و الطائع و العاصي]

و اعلم أن النداء الإلهي يعم المؤمن و الكافر و الطائع و العاصي و الأرواح و الروحانيين و لا يكون النداء إلا من الأسماء الإلهية ينادي الاسم الإلهي من حكم عليه اسم إلهي غيره إذا علم أنه قد انتهت مدة حكمه فيه فيأخذه هذا الاسم الذي ناداه كذلك دنيا و آخرة فجميع من سوى اللّٰه تعالى منادى يناديه اسم إلهي لحال كوني يطلبه به ليوصله إليه فإن أجاب سمي مطيعا و كان سعيدا و إن لم يجب سمي عاصيا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 592
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست