responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 591

هذا يقع التعجب مع وجود العقل عندهم فوقع التعجب من ذلك ليعلم من حجب العقول عن إدراك ما هو لها بديهي و ضروري ذلك لتعلموا إن الأمور بيد اللّٰه و أن الحكم فيها لله و أن العقول لا تعقل بنفسها و إنما تعقل ما تعقله بما يلقي إليها ربها و خالقها و لهذا تتفاوت درجاتها فمن عقل مجعول عليه قفل و من عقل محبوس في كن و من عقل طلع على مرآته صدا فلو كانت العقول تعقل لنفسها لما أنكرت توحيد موجدها في قوم و علمته من قوم و الحد و الحقيقة فيهما على السواء فلهذا جعلنا قوله تعالى إِنَّ هٰذٰا لَشَيْءٌ عُجٰابٌ ليس من قول الكفار

[أن منزل التبري من منازل الستر و الكتمان]

فاعلم يا أخي أن هذا المنزل هو منزل من منازل الستر و الكتمان و تقرير الألوهة في كل من عبد من دون اللّٰه لأنه ما عبد الحجر لعينه و إنما عبد من حيث نسبة الألوهة إليه و لهذا ذكرنا أنه من منازل الكتمان و الستر قال تعالى وَ قَضىٰ رَبُّكَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّٰهُ فما ذكروا قط إلا الألوهية و ما ذكروا لأشخاص و لكن لم يقبل اللّٰه منهم العذر بل قال إِنَّكُمْ وَ مٰا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ أي الذي انفرد بهذا الاسم حَصَبُ جَهَنَّمَ و هو قوله وَقُودُهَا النّٰاسُ وَ الْحِجٰارَةُ و هو كل من دعاكم إلى عبادة نفسه أو عبدتموه و كان في وسعه أن ينهاكم عن ذلك فما نهاكم فمثل هؤلاء يكونون من حصب جهنم فالموحد يعبد اللّٰه من طريقين من طريق الذات من كونها تستحق وصف الألوهة و من طريق الألوهة فالسعيد الجامع بينهما لأن العابد مركب من حرف و معنى فالحرف للحرف و المعنى للمعنى فلذلك لم نعبد الذات معراة عن وصفها بالألوهية و لم تعبد الألوهية من غير نسبتها إلى موصوف بها فلم تقم العبادة إلا على ما نقتضيه حقيقة العبد و هو التركيب لا على ما تقتضيه حقيقة الحق و هو الأحدية و لهذا يكون القائل في عبادته وفاء لحق اللّٰه غير مصيب إذا أراد الذات فإن حقيقتها الأحدية و قد يمكن أن يصح قول من قال إنما أعبده وفاء لحق الربوبية لا لحقيقتها إذ كل حق له حقيقة فالحق من ذلك به تتعلق العبادة من العابد و الحقيقة هي الأحدية التي لا تتعلق و لا يتعلق بها و لهذا كانت الألف في الوضع الإلهي بالخط العربي إذا تقدمت في الكلمة لا تتصل و لا يتصل بها و إذا تأخرت اتصل بها بعض الحروف ممن لا علم له بالأحدية المطلقة التي تستحقها هذه الذات إلا خمسة أحرف لا غير من جميع الحروف و هي الدال و الذال و الراء و الزاي و الواو و هي خمسة أحوال من اتصف بها عرف الأحدية و كانت عبادته ذاتية لم يقترن بها أمر و هي عبادة المعنى للمعنى فإن الأمر عبادة الحرف للحرف فلا يخطر لعابد المعنى فرق بين الذات و الألوهية و لا كثرة بل يرى عينا واحدة تستحق ما هو عليه هذا العارف من حيث معناه لا من حيث حرفه و هذا مقام الجلال و العظمة و أحدية العبد التي أعطته معرفة الأحدية الذاتية و التنزيه و الغني فهذه أحوال خمسة تدل عليها الحروف الخمسة التي لا تتصل بها الألف الواقعة في أواخر الكلم مثل جبيرا و عزيزا و أحدا و إذا و علوا فدلت الألف في أول الكلمة من عدم الاتصال على قوله كان اللّٰه و لا شيء معه و هو على ما عليه كان مع وجود الأشياء من عدم الاتصال كما لم تتصل الألف بالكلمة و دل عدم اتصال الحروف الخمسة بها في آخر الكلمة على حال معرفة مقام بعض العباد من العلماء بالله دون غيرهم حيث رفعوا النسبة بينهم و بين اللّٰه تعالى و أنهم مشاهدون لما ذكرناه من الجلال و العظمة و الأحدية و التنزيه و الغني و ما عدا هذه الطائفة جعلوا نسبة و رابطة بين الإله و المألوه و ما فرقوا بين المرتبة و الذات لما لم يعرفوا اللّٰه إلا من نفوسهم بحكم الدلالة لاستناد الممكن إلى المرجح فطلبوه و طلبهم و لهم من الحروف كل حرف اتصل بالألف في آخر الكلمة و لهؤلاء الأكابر أيضا قسم و حظ وافر في منزل هذه الحروف التي اتصلت من حيث حرفيتهم لا من حيث معناهم و هؤلائك جهلوا هذا القدر الفارق بينهم لكنهم ستروا ذلك عن العامة و انفردوا به عن أشكالهم يختص برحمته من يشاء و لأجل هذا قال الجنيد سيد هذه الطائفة لا يبلغ أحد درج الحقيقة حتى يشهد فيه ألف صديق بأنه زنديق فإن هذا المقام يضر بمن ليس من أهله كما يضر رياح الورد بالجعل لأن الحال التي هم عليها لا تقبل هذا المقام و لا يقبلها فإذا رآهم الناس في العموم لم يعرفوهم لأنه ليس على حرفهم أمر ظاهر يتميز به عن العامة و إذا رآهم الناس في الخصوص كالفقهاء و أصحاب علم الكلام و حكماء الإسلام قالوا بتكفيرهم و إذا رآهم الحكماء الذين لم يتقيدوا بالشرائع المنزلة مثل الفلاسفة قالوا إن هؤلاء أهل هوس قد فسدت خزانة خيالهم و ضعفت عقولهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 591
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست