responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 59

(السؤال السادس و العشرون)ما بدء الروح

الجواب أهل الطريق يطلقون لفظ الروح على معان مختلفة فيقولون فلان فيه روح أي أمر رباني يحيي به من قام به يعني قلبه و يطلقون الروح على الذي سئل عنه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و يطلقون الروح و يريدون به الروح الذي ينفخ فيه عند كمال تسوية الخلق و الذي مدار الطريق عليه هو الروح الذي يجده أهل اللّٰه عند الانقطاع إليه بالهمم و العبادة فأكثر ما يقع عنه السؤال منهم غالبا فيكون قوله ما بدء الروح أي ما ابتداء حصوله في قلب العارف

[نفس الرحمن و بدء الروح الذي يجده العارفون]

فتقول إن بدء الروح في نفوس أهله الذين أهلهم اللّٰه لتحصيله إن نفس الرحمن إذا تحكمت في نفوسهم المجاهدات التي تعطيهم رؤية الأغيار عرية عن رؤية اللّٰه فيها و أنها حائلة و قاطعة بين اللّٰه و بين هذا العبد فيكون صاحب هذه المجاهدة صاحب قبض و هم و غم و حجب يريد رفعها فتهب عليه من نفس الرحمن في باطنه ما يؤديه إلى رؤية وجه الحق في هذه القواطع على زعمه و في هذه الحجب و الأشياء التي يجاهد نفسه في قطع ما يتعرض إليه منها في طريقه فيريه ذلك النفس وجه الحق في كل شيء و هو العين و الحافظ عليه وجودها فلم ير شيئا خارجا عن الحق فزال تعبه من حيث ما يريد قطعها و يتألم عند ذلك ألما شديدا حيث يتوهم عدم تلك المعرفة ثم يعقب ذلك سرور عظيم لوجود هذا النفس فيحيي به معناه و يصير به روحا و هو قوله أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنٰا ما هو تحت كسبك و لا تعلق لك خاطر بتحصيله مٰا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتٰابُ وَ لاَ الْإِيمٰانُ وَ لٰكِنْ جَعَلْنٰاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِنٰا فهذا العارف ممن شاء من عباده فيقال فيه عند ذلك إنه ذو روح و يقال فيه إنه حي و قد التحق بالأحياء و هو قوله أَ وَ مَنْ كٰانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنٰاهُ وَ جَعَلْنٰا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّٰاسِ و مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّٰهُ لَهُ نُوراً و هو هذا الروح فَمٰا لَهُ مِنْ نُورٍ فكان بجعل اللّٰه و لم يضفه إلى الاكتساب فإنه مجهول العين لعدم الذوق فهذا معنى بدء الروح الذي يجده العارفون في الطريق و هو مقصود السائلين و هو نور من حضرة الربوبية لا من غيرها و أصله من الروح الذي هو مِنْ أَمْرِ رَبِّي أي من الروح الذي لم يوجد عن خلق فإن عالم الأمر كل موجود لا يكون عند سبب كوني يتقدمه و لكل موجود منه شرب و هو الوجه الخاص الذي لكل موجود عن سبب و عن غير سبب فعن هذا الروح يكون هذا الروح المسئول عنه الذي يجده أهل هذا الطريق

(السؤال السابع و العشرون)ما بدء السكينة

الجواب مطالعة الأمر بطريق الإحاطة من كل وجه و ما لم يكن ذلك فالسكينة لا تصح قال إبراهيم عليه السلام أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتىٰ قٰالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قٰالَ بَلىٰ وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فجعل الطمأنينة بدء السكينة لما اختلفت عليه وجوه الأحياء فكانت تجاذبه من كل ناحية فلما أشهده اللّٰه الكيفية سكن عما كان يجده من القلق لتلك الجذبات التي للوجوه المختلفة

[حصول المطلوب أو اليأس منه هو بدء السكينة]

قال بعضهم

إنما أجزع مما اتقى فإذا حل فما لي و الجزع
و كذا أطمع فيما أبتغي فإذا فات فما لي و الطمع
فحصول المطلوب أو الياس من تحصيله بدء السكينة فيما يطلب و كذلك على ما يليق به يكون ما يخاف منه فاعلم ذلك

[التجلي الذي هو ذوق هو بدء جعل السكينة في القلب]

فإذا أكمل الإنسان شرائط الايمان و أحكمها حصل من الحق تجل لقلب هذا المؤمن الذي هو بهذه الصفة يسمى ذلك التجلي ذوقا هو بدء جعل السكينة في قلبه لتكون تلك السكينة له بابا أو سلما إلى حصول أمر مغيب يقع له الايمان به فيكون معه وجود السكون لما أعطاه الأمر الأول لكونه يصير أمرا معتادا مثل سكون من تعود الأسباب إلى الأسباب و لا يكون ذلك عن غيب أصلا بل عن ذوق و هو المعاينة فإن الإنسان إذا كان عنده قوت يومه سكنت نفسه لما يعطيه قلق يومه لمعاينة ما عنده بحصوله تحت ملكه فإن حصل الايمان عنده بهذه المثابة تحت حكمه فهو صاحب سكينة و إن كان الإنسان تحت حكم الايمان نازعه العيان فلم تحصل سكينة

[المعاني التي تتصف بها القلوب و علاماتها]

و اعلم أن المعاني التي تتصف بها القلوب قد يجعل اللّٰه علامة على حصولها في نفوس من شاء من عباده أن يحصلها فيه علامات من خارج تسمى تلك العلامة باسم ذلك المعنى الذي يحصل في نفسه من اللّٰه و إنما يسميه به ليعلم أن تلك العلامة لحصول هذا المعنى نصبت مثل قوله تعالى في تابوت بنى إسرائيل إن اللّٰه قد جعل فيه سكينة : و هي صورة على شكل حيوان من الحيوانات اختلف الناس في أي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست