responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 577

بذلك السهر في سيرك من لذة النوم و الاضطجاع و السكون فوضعوا لذلك لفظا مطابقا و هو قولهم عند الصباح يحمد القوم السري و الصباح عبارة عن هذا النور و من حصل له هذا النور كان الناس فيه بين غابط و حاسد فالغابط من طلب من اللّٰه أن يكون له مثل ما حصل لهذا من هذه الحال من غير إن يسلب ذلك عن صاحبه و الحاسد من يطلب زوال هذا الأمر من صاحبه و لا يتعرض في طلبه لنيله جملة واحدة فإن طلب مع طلب إزالته من ذلك نيله فبه يقع الاشتراك بين الغابط و الحاسد و ما يقع به الاشتراك غير ما يقع به الامتياز فطلب نيل ذلك محمود و هو الغبط و طلب إزالته مذموم و هو الحسد فلذلك فصلنا فيه هذا التفصيل و إن كان الشرع قد أطلق لفظ الحسد في موضع الغبط

فقال صلى اللّٰه عليه و سلم لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه اللّٰه مالا فسلطه على هلكته في الحق فهو ينفق منه و يفرقه يمينا و شمالا و في هذا سر و تنبيه على فضل الكرم و العطاء لغير عوض فإنه من أعطى لعوض فهو شراء ليس بكرم إذ الكريم من لا يطلب المعاوضة فلذا قال يمينا و شمالا و لو عني بالشمال الإنفاق في معصية من زنا أو غيره فليس بكرم لأنه يحصل به عوضا هو أحب إليه من المال فإن قيل إن العوض له لازم فإن الثناء بالكرم لازم لذي الكرم قلنا هذا لا يقع إلا من الجاهل لأن الثناء الحسن من لوازم الكرم سواء طلبه أو لم يطلبه فاشتغاله بطلب الحاصل جهل فإن الحاصل لا يبتغى و اللازم للشيء لا بد له منه و إلا فليس بلازم فإن فعل ذلك التحق بأصحاب الأعواض و لم يتصف عند ذلك بالكرم و لا لبسه

و الرجل الآخر رجل آتاه اللّٰه علما فهو يبثه في الناس أي يفرقه فيهم الحديث كما قاله عليه السلام فإنا أوردناه من جهة المعنى و بعض ألفاظه صلى اللّٰه عليه و سلم فسماه حسدا و قد يسمى الشيء باسم الشيء بما يقاربه أو يكون منه بسبب و بعد أن فصلنا ما أردنا ارتفع الإشكال فيما قصدناه و نحن إنما أردنا ما أراد اللّٰه تعالى بقوله وَ مِنْ شَرِّ حٰاسِدٍ إِذٰا حَسَدَ و ليس الشر في طلب نيل مثله و إنما الشر في طلب زواله ممن هو عنده و لما قلنا إن عبد الرب له خمس درجات و إنه يزيد على عبد الملك بأربع درجات كان هذا المنزل على خمس درجات و الدرجة السادسة التي لهذا المنزل فيها خلاف بين أهل هذا الشأن فمنهم من جعلها درجة مستقلة بنفسها لكنها فاصلة بين مقامين من المقامات الإلهية و ليس هو مذهبنا و منهم من جعلها درجة سادسة في عين هذا المقام و هو مذهبنا و هذه الدرجة تتضمن منزلا واحدا من منازل الغيب بالإجماع من أهل هذا الشأن و قيل ثلاث منازل بخلاف بينهم فأما ابن برجان فانفرد دون الجماعة بإظهار المنزل الثاني في هذه الدرجة من منازل الغيب و لم أعلم ذلك لغيره و له وجه في ذلك و لكن فيه بعد عظيم و إن كنا نحن قد ذهبنا إلى هذا المذهب في بعض كتبنا و لكن ليس في وجوده تلك القوة و إنما يظهر عند صنعة التحليل و الكلام على المفردات من علم هذا الطريق و هو مما يتعلق بمعرفة الهوية و لهذه الدرجة تسعة عشر منزلا من منازل الشهادة كل منزل من هذه المنازل يمنع ملكا من التسعة عشر الذين على النار فلا يصيب صاحب هذه الدرجة من النار شيء قال تعالى عَلَيْهٰا تِسْعَةَ عَشَرَ فلوجود هذه المنازل في هذه الدرجة جعلت ملائكة النار تسعة عشر و لا نعكس فنقول من أجل هؤلاء الملائكة جعلت هذه المنازل تسعة عشر فإن الأمر لم يكن كذلك و لم تكن هذه المنازل بحكم الجعل بخلاف الملائكة فإن هذه الدرجة اقتضت هذه المنازل لذاتها و قال في الملائكة وَ مٰا جَعَلْنٰا عِدَّتَهُمْ إِلاّٰ فِتْنَةً فكانوا بحكم الجعل و كانوا في عالم الشهادة لأن النار محسوسة مشهودة و تتضمن هذه الدرجة السادسة من العلوم علم الأسماء الإلهية المتعلقة بالكون و لها صورة في العموم من حيث الإيجاد و في الخصوص من حيث السعادة

[المنزل عبارة عن المقام الذي ينزل الحق فيه إليك أو تنزل أنت فيه عليه]

و اعلم أنه ما من منزل من هذه المنازل التي في هذا الكتاب إلا و له هذه الدرجة و تختلف آثارها باختلاف المنازل إلا منزلا واحدا من منازل القهر و سيأتي ذكره إن شاء اللّٰه و كنا قد ذكرنا في كتاب هياكل الأنوار هذا المنزل و ما يختص به و ما يعطيه هيكله فلينظر هناك و هو الهيكل الثاني عشر و مائة و هذه العجالة تضيق عن أسرارها في كل منزل من هذه المنازل المودعة فيه أعني في هذا الكتاب و كذلك المنازلات و الفرق بين المنزل و المنازلات ما نبينه لك و ذلك أن المنزل عبارة عن المقام الذي ينزل الحق فيه إليك أو تنزل أنت فيه عليه و لتعلم الفرق بين إليك و عليه و المنازلة أن يريد هو النزول إليك و يجعل في قلبك طلب النزول عليه فتتحرك الهمة حركة روحانية لطيفة للنزول عليه فيقع الاجتماع به بين نزولين نزول منك عليه قبل إن تبلغ المنزل و نزول منه إليك أي توجه اسم إلهي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 577
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست