responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 564



فما في الوجود سوى خاطر و ما فيه رد و لا مدفع
تجدد أعياننا كلما تجدد أعراضنا فاسمعوا
فما ثم عين سوى واحد و آخر في أثره يتبع

[الخواطر لا إقامة لهم في قلب العبد إلا زمان مرورهم عليه]

اعلم أن لله سفراء إلى قلب عبده يسمون الخواطر لا إقامة لهم في قلب العبد إلا زمان مرورهم عليه فيؤدون ما أرسلوا به إليه من غير إقامة لأن اللّٰه خلقهم على صورة رسالة ما أرسلوا به فكل خاطر عينه عين رسالته فعند ما يقع عليه عين القلب فهمه فأما يعمل بمقتضى ما أتاه به أو لا يعمل و جعل اللّٰه بينه و بين هذا القلب طرقا خمسة عليها تمشي هذه الخواطر إلى القلب و هذه الطرق أحدثها اللّٰه لما أحدث الشرائع فلو لا الشرائع ما أحدثها و جعلها كالهالة للقمر محيطة به فسمى الطريق الواحد وجوبا و فرضا و سمي الثاني ندبا و الثالث حظرا و الرابع كراهة و الخامس إباحة و خلق الملك الموكل بالقلب يحفظه عن أمر اللّٰه بذلك و عين له من الطرق طريق الوجوب و الندب و جعل في مقابلته شيطانا أقعده إلى جانبه عن غير أمر اللّٰه المشروع حسدا منه لما رأى من اعتناء اللّٰه بهذه النشأة الإنسانية دونه و شفوفه عليه و علم ما يفضي إليه من السعادة إذا قام بحق ما شرع له من فعل و ترك و جعل مثل ذلك على طريق الحظر و الكراهة سواء و جعل على طريق الإباحة شيطانا لم يجعل هناك ملكا في مقابلته و جعل قوى النفس كلها و جبلتها مستفرغة لذلك الطريق و أمرها اللّٰه بحفظ ذاتها من ذلك الطريق من الشيطان و جعل اللّٰه في هذه النفس الإنسانية صفة القبول تقبل بها على كل من يقبل إليها و قبل إحداث الشرائع من آدم إلى زماننا إلى انقضاء الدنيا لم يكن ثم شيء مما ذكرناه من ملك حافظ و شيطان منازع مناقض بل كان الأمر كما يؤول إليه عند ارتفاع الشرائع من اللّٰه إلى عبده و من العبد إلى اللّٰه من غير تحجير و لا حكم من هذه الأحكام بل يتصرف بحسب ما تعطيه إرادته و مشيئته ثم خلق اللّٰه لهذه النفس الإنسانية صفة المراقبة لمن يرد من هذه الطرق عليها و أوحى إليها إلهاما أن بينه و بينها سفراء يأتون إليها من هذه الطرق و لا إقامة لهم عندها و قد أنشأنا ذواتهم من صورة رسالتهم حتى إذا رأيتهم علمت بالمشاهدة ما بعثهم اللّٰه به إليك فتيقظ و لا تغفل عنهم فإنهم يمرون بساحتك و لا يثبتون و يقول الحق قلت لهؤلاء السفرة إني أوجدت في هذا المرسل إليه صفتين صفة سميتها الغفلة و صفة سميتها اليقظة و الانتباه فإن وجدتموه متصفا باليقظة فهو الغرض المقصود و إن وجدتموه متصفا بالغفلة فاقرعوا عليه بابه فإنه يتيقظ فإن لم يتيقظ فإنكم لا تفوتونه فإني جعلت له بصرا حديدا يدرك به صورتكم فيعلم ما بعثتكم به و إن لم يتيقظ لنقركم فاتركوه و تعالوا إلينا و قد ملك اللّٰه هذا الملك الموكل بالحفظ و القرين الملازم و النفس قوة التصور و التشكل لما يرون فيشكلون أمثاله حتى كأنه هو و ليس هو و جعل هذه الأمثال في المرتبة الثانية فصاعدا في المراتب لا قدم لهم في المرتبة الأولى فالمرتبة الأولى لها الصدق و لا تخطئ فلا تعمل النفس بمقتضى ذلك الخاطر الأول فتخطئ و لا تكذب أبدا و أما التي على صورة الخواطر الأول فقد تصدق و تخطئ بحسب قوة التصوير و حفظ أجزاء الصورة و كذلك النظرة الأولى و الحركة الأولى و السماع الأول و كل أول فهو إليه صادق فإذا أخطأ فليس بأول و إنما ذلك حكم الصورة التي وجدت في المرتبة الثانية و أكثر مراقبة الأمور الأول لا يكون إلا في أهل الزجر و قد رأيناه منهم و في أهل اللّٰه خاصة فهو في أهل اللّٰه رتبة عاصمة و حافظة من الخطاء و الكذب و هو في الزاجر قوة مراقبة و علم و شهود و اسم هذا الخاطر الأول عندهم الهاجس و نقر الخاطر و السبب الأول فما يمر من هؤلاء السفرة الكرام البررة على هذه الطرق المعينة لهذا القلب يلقي من هو عليه من ملك و شيطان و نفس فيأخذه من بادر إليه من هؤلاء بالتلقي فإن أخذه الملك و هو مما يقتضي وجود عمل سعادي أوحى إليه الملك في سره اعمل كذا و كذا فيقول له الشيطان لا تعمله و أخره إلى وقت كذا طمعا منه في إن لا يقع منه ما يؤدي إلى سعادته و هو ما يجده الإنسان من التردد في فعل الخير و تركه و في فعل الشر و تركه و كذلك إذا جاءه على طريق الإباحة فذلك التردد في فعل المباح و تركه إنما هو بين النفس و الشيطان لا بين الملك و الشيطان فإن لمة الملك و لمة الشيطان المقابلة إنما تكون في الأربعة الطرق من الأحكام

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 564
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست