responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 563



إن الحقيقة تعطي واحدا أبدا و العقل بالفكر ينفي الواحد الأحدا
فالذات ليس لها ثان فيشفعها و الكون يطلب من آثاره العددا
و الكل ليس سوى عين محققة لا أهل فيها و لا أبا و لا ولدا

[أن الحقيقة هي ما هو عليه الوجود بما فيه من الخلاف و التماثل و التقابل]

أعلم أيدنا اللّٰه و إياك بروح منه أن الحقيقة هي ما هو عليه الوجود بما فيه من الخلاف و التماثل و التقابل إن لم تعرف الحقيقة هكذا و إلا فما عرفت فعين الشريعة عين الحقيقة و الشريعة حق و لكل حق حقيقة فحق الشريعة وجود عينها و حقيقتها ما تنزل في الشهود منزلة شهود عينها في باطن الأمر فتكون في الباطن كما هي في الظاهر من غير مزيد حتى إذا كشف الغطاء لم يختل الأمر على الناظر

قال بعض الصحابة لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أنا مؤمن حقا فادعى حق الايمان و هو من نعوت الباطن فإنه تصديق و التصديق محله القلب فآثاره في الجوارح إذا كان تصديق له أثر فإن كان تصديق ما له أثر فلا يلزم ظهوره على الجوارح كما قال و الفرج يصدق ذلك أو يكذبه فنسب الصدق إلى الفرج و هو عضو ظاهر فقال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فما حقيقة إيمانك فقال كأني أنظر إلى عرش ربي بارزا و قد كان صدق رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في قوله إن عرش ربه يبرز يوم القيامة فجعله هذا السامع مشهود الوقوع في خياله فقال كأني أنظر إليه أي هو عندي بمنزلة من أشاهده ببصري فلما أنزله منزلة الشهود البصري و الوجود الحسي عرفنا إن الحقيقة تطلب الحق لا تخالفه فما ثم حقيقة تخالف شريعة لأن الشريعة من جملة الحقائق و الحقائق أمثال و أشباه فالشرع ينفي و يثبت فيقول لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فنفى و أثبت معا كما يقول وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ و هذا هو قول الحقيقة بعينه فالشريعة هي الحقيقة فالحقيقة و إن أعطت أحدية الألوهة فإنها أعطت النسب فيها فما أثبتت إلا أحدية الكثرة النسبية لا أحدية الواحد فإن أحدية الواحد ظاهرة بنفسها و أحدية الكثرة عزيزة المنال لا يدركها كل ذي نظر فالحقيقة التي هي أحدية الكثرة لا يعثر عليها كل أحد و لما رأوا أنهم عاملون بالشريعة خصوصا و عموما و رأوا أن الحقيقة لا يعلمها إلا الخصوص فرقوا بين الشريعة و الحقيقة فجعلوا الشريعة لما ظهر من أحكام الحقيقة و جعلوا الحقيقة لما بطن من أحكامها لما كان الشارع الذي هو الحق قد تسمى بالظاهر و الباطن و هذان الاسمان له حقيقة فالحقيقة ظهور صفة حق خلف حجاب صفة عبد فإذا ارتفع حجاب الجهل عن عين البصيرة رأى أن صفة العبد هي عين صفة الحق عندهم و عندنا إن صفة العبد هي عين الحق لا صفة الحق فالظاهر خلق و الباطن حق و الباطن منشا الظاهر فإن الجوارح تابعة منقادة لما تريد بها النفس و النفس باطنة العين طاهرة الحكم و الجارحة ظاهرة الحكم لا باطن لها لأنه لا حكم لها فينسب الاعوجاج و الاستقامة للماشي بالممشي به لا إلى من مشى به و الماشي بالخلق إنما هو الحق و ذكر أنه على صراط مستقيم فالاعوجاج قد يكون استقامة في الحقيقة كاعوجاج القوس فاستقامته التي أريد لها اعوجاجه فما في العالم إلا مستقيم لأن الآخذ بناصيته هو الماشي به و هو على صراط مستقيم فكل حركة و سكون في الوجود فهي إلهية لأنها بيد حق و صادرة عن حق موصوف بأنه على صراط مستقيم بأخبار الصادق فإن الرسل لا تقول على اللّٰه إلا ما تعلمه منه فهم أعلم الخلق بالله و ليس للكون معذرة أقوى من هذه فمن رحمة الرسل بالخلق تنبيه الخلق على مثل هذا و لما حكاها الحق عنه يسمعنا مقالته علمنا إن ذلك من رحمته بنا حيث عرفنا بمثل هذا فكان تعريفه إيانا بما قاله رسوله بشرى من اللّٰه لنا من قوله لَهُمُ الْبُشْرىٰ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا و كانت البشرى من كلمات اللّٰه و لاٰ تَبْدِيلَ لِكَلِمٰاتِ اللّٰهِ و من باب الحقيقة كونه عين الوجود و هو الموصوف بأن له صفات من كون الموجودات ذات صفات ثم أخبر أنه من حيث عينه عين صفات العبد و أعضائه فقال كنت سمعه فنسب السمع إلى عين الموجود السامع و أضافه إليه و ما ثم موجود إلا هو فهو السامع و السمع و هكذا سائر القوي و الإدراكات ليست إلا عينه فالحقيقة عين الشريعة فافهم وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الرابع و الستون و مائتان في معرفة الخواطر و الخواطر ما يرد على القلب»

و الضمير من الخطاب من غير إقامة و هو من الواردات التي لا تعمل لك فيها فإذا أقامت فهي حديث نفس ما هي خواطر

إذا كان واردنا خاطرا يمر بنا ثم لا يرجع

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 563
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست