responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 561



البعد منك دنو وتر و شفع و تو
لما رأيت إماما يقول للقوم سووا
صفوفكم في صلاة لها العلا و الدنو
علمت إن وجودي له البقاء و السمو
و اعلم أن البعد يختلف باختلاف الأحوال فيدل على ما يراد به قرائن الأحوال و أن الأحوال و جميع ما ذكرناه فيما يكون قربا إذا لم يكن صفة للعبد فعدمه عين البعد هذا هو الجامع لهذا الباب الذي أشار إليه القوم

[حكم البعد عند ابن العربي]

و أما حكم البعد عندنا فقد يكون على خلاف ما قرروه بعدا مع تقريرنا ما قرروه بعدا أنه بعدا بلا شك إلا إنا زدنا فيه أمورا أغفلتها الجماعة لا أنهم جهلوا ما نذكره إلا أنهم ما ذكروه في معرفة البعد و أدخلوه في باب القرب و ذلك أن القرب اجتماع و البعد افتراق و ما يقع به الاجتماع غير ما يقع به الافتراق فالبعد غير القرب فإذا اجتمع أمران في شيء ما فذلك غاية القرب لأن عين كل واحد منهما عين الآخر فيما وقع فيه الاجتماع فإذا تميز كل واحد من العينين عن صاحبه بنعت لا يكون عليه الآخر فقد تميز عنه و إذا تميز عنه فذلك البعد لأنه ليس عينه من حيث ما هو عليه مما وقع له به الافتراق و يظهر ذلك في حدود الأشياء و إذا وقع البعد اختلف الحكم و قد يكون البعد بنعت عرضي كالمكان و الزمان و الحد و المقدار و الأكوان و الألوان في حق من تطلب ذاته هذه النعوت فإذا عقل أمران لا اجتماع بين واحد منهما مع الآخر و افترقا من جميع الوجوه كلها فذلك غاية البعد فلا أبعد من العالم من اللّٰه لأنه ما ثم من حيث ذاته شيء يجمع بينهما و هذا موجود في قوله تعالى فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ و كان اللّٰه و لا شيء معه ثم ننزل في درجة البعد دون هذا فنقول العبد لا يكون سيدا لمن هو عبد له فلا شيء أبعد من العبد من سيده فالعبودية ليست بحال قربة و إنما يقرب العبد من سيده بعلمه أنه عبد له و علمه بأنه عبد له ما هو عين عبوديته فعبوديته تقتضي البعد عن السيد و علمه بها يقضي بالقرب من السيد قال اللّٰه لأبي يزيد البسطامي لما حار في القرب و ما عرف بما ذا يتقرب إليه فقال له الحق في سره يا أبا يزيد تقرب إلي بما ليس لي الذلة و الافتقار فنفى سبحانه عن نفسه هاتين الصفتين الذلة و الافتقار و ما نفاه عنه فإنه صفة بعد منه فمن قامت به تلك الصفة التي تقتضي البعد فهو بحيث هي و هي تقتضي البعد و قال أبو يزيد لربه في وقت آخر بم أتقرب إليك فقال له الحق اترك نفسك و تعال و إذا ترك نفسه فقد ترك حكم عبوديته لما كانت العبودية عين البعد من السيادة فالعبد بعيد من السيد فطلب منه في الذلة و الافتقار القرب بالعبودية و طلب منه في ترك النفس القرب بالتخلق بأخلاق اللّٰه و هو ما يكون به الاجتماع فالتجلي في غير مادة تجلى البعد و في المواد تجلى القرب و أما البعد من الأسماء الإلهية فكل اسم لا بكون العبد تحت حكمه في الوقت

[ظهور الأسماء الإلهية من العبد]

و اعلم أن الأسماء الإلهية إذا ظهر بها العبد عن الأمر الإلهي فهو في قرب النيابة عن اللّٰه لا في قرب الحقيقة و إذا ظهر ببعضها عن غير أمر إلهي فهو في عين البعد المستعاذ منه في

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم و أعوذ بك منك لأن حقيقة المخلوق لا تتمكن في حال شهوده لمخلوقيته أن يكون خالقا و الكبرياء و الجبروت صفة للحق فإذا قامت بالعبد فقد قام به الحق فاستعاذ منه و ما ثم أعظم منه يستعاذ به فاستعاذ به فأين كبرياء الحق و جبروته من صفته بأنه يفرح بتوبة عبده و يصف نفسه بجوع عبده و عطشه و مرضه فبمثل هذا استعاذ و من مثل ذلك الآخر استعاذ و المنعوت بهما واحد العين و هو اللّٰه فاستعاذ به منه

فقال و أعوذ بك منك و هذا غاية ما يصل إليه تعظيم المحدث إذا عظم جناب اللّٰه و أما بعد المخالفة فهو بعد العبد عن سعادته و عن الأسماء الإلهية التي تقتضي الموافقة في القرب بالطاعات و إن كان في المخالفة قريبا من الأسماء الإلهية التي تطلب الأكوان من حيث التكليف فإنها محصورة في عفو و مؤاخذة فهو قريب بالمؤاخذة منه فالمخالفة تطلب الرحمة و تتعرض للعقوبة و هو سبحانه على مشيئته في ذلك فلم يبق في بعد المخالفة إلا البعد عن سعادته إما بنقصان حظ عن غيره أو مؤاخذة بالجريمة و أما البعد منك الذي ذكرته الطائفة فهو قوله لأبي يزيد اترك نفسك و تعال و من ترك نفسه بعد عنها و قد بينا لك في هذا الباب معنى هذا القول وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الثاني و الستون و مائتان في معرفة الشريعة»

الشريعة التزام العبودية بنسبة الفعل إليك

إن الشريعة حد ما له عوج عليه أهل مقامات العلى درجوا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 561
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست