responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 559

قرب من اسم إلهي صاحب بعد من اسم آخر لا حكم له فيه في الوقت فإن كان حكم ذلك الاسم الحاكم في الوقت المتصف بالقرب منه يعطي للعبد فوزا من الشقاء و حيازة لسعادته فذلك هو القرب المطلوب عند القوم و هو كل ما يعطي العبد سعادة و إن لم يعط ذلك فليس بقرب عند القوم و إن كان قربا من وجه آخر لا من حيث ما وقع عليه الاصطلاح

أخبر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن ربه في هذا الباب أن اللّٰه يقول ما تقرب المتقربون بأحب إلي من أداء ما افترضته عليهم و لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا و بصرا و يدا و مؤيدا و

قال سبحانه في الخبر الصحيح من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا و من تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا و من أتاني يسعى أتيته هرولة و قال تعالى وَ إِذٰا سَأَلَكَ عِبٰادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ و قال في حق الميت وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لٰكِنْ لاٰ تُبْصِرُونَ و معناه عندنا لا تميزون يقول تبصرون و لكن لا تعرفون ما تبصرون فكأنكم لا تبصرون

[أن القرب من اللّٰه على ثلاثة أنحاء]

اعلم أن القرب من اللّٰه على ثلاثة أنحاء

قرب بالنظر في معرفة اللّٰه جهد الاستطاعة

أصاب في ذلك أو أخطأ بعد بذل الوسع في الاجتهاد في ذلك فقد يعتقد المجتهد فيما ليس ببرهان أنه برهان فيجازيه اللّٰه مجازاة أصحاب البراهين الصحيحة و قد نبه سبحانه على ما يفهم منه ما ذكرناه و هو قوله وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ لاٰ بُرْهٰانَ لَهُ بِهِ و قد رأى بعض العلماء أن الاجتهاد يسوغ في الفروع و الأصول فإن أخطأ فله أجر و إن أصاب فله أجران

[النوع الثاني قرب بالعلم]

و النوع الآخر قرب بالعلم

و النوع الثالث قرب بالعمل

و ينقسم على قسمين قرب بأداء الواجبات و قرب بالمندوبات في عمل الظاهر و الباطن فأما قرب العلم فأعلاه توحيد اللّٰه في الوهته فإنه لا إله إلا هو فإن كان عن شهود لا عن نظر و فكر فهو من أولي العلم الذين ذكرهم اللّٰه في قوله شَهِدَ اللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ الْمَلاٰئِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ لأن الشهادة إن لم تكن عن شهود و إلا فلا فإن الشهود لا يدخله الريب و لا الشكوك و إن وحده بالدليل الذي أعطاه النظر فما هو من هذه الطائفة المذكورة فإنه ما من صاحب فكر و إن أنتج له علما إلا و قد يخطر له دخل في دليله و شبهة في برهانه يؤديه ذلك إلى التحير و النظر في رد تلك الشبهة فلذلك لا يقوى صاحب النظر في علم ما يعطيه لنظر قوة صاحب الشهود و هذا الصنف إذا قضى اللّٰه عليه بدخول النار لأسباب أوجبت له ذلك فهو الذي يخرجه الحق من النار بعد شفاعة الشافعين و أما قرب العمل فهو علم ظاهر و هو ما يتعلق بالجوارح و علم باطن و هو ما يتعلق بالنفس فأعم الأعمال الباطنة الايمان بالله و ما جاء من عنده لقول الرسول لا للعلم بذلك و عمل الايمان يعم جميع الأفعال و التروك فما من مؤمن يرتكب معصية ظاهرة أو باطنة إلا و له فيها قربة إلى اللّٰه من حيث إيمانه بها إنها معصية فلا يخلص أبد المؤمن عمل سيئ دون أن يخالطه عمل صالح قوله تعالى فيمن هذه صفته عَسَى اللّٰهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ و ما ذكر لهم قربة فما تاب هنا في هذه الآية عليهم ليتوبوا و إنما هو رجوع بالعفو و التجاوز و عسى من اللّٰه واجبة عند جميع العلماء فالشرط المصحح لقبول جميع الفرائض فرض الايمان ثم يتقرب العبد بأداء الفرائض فمن حصل له هنا ثمرتها كان سمعا للحق و بصرا فيريد الحق بإرادته على غير علم منه أن مراده مراد لله وقوعه فإن علم فليس هو صاحب هذا المقام هذا ميزان أداء الفرائض و هو أحب ما يتقرب به إلى اللّٰه و أما قرب النوافل فإنه أيضا يحبه اللّٰه و محبة اللّٰه أعطته أن يكون الحق سمعه و بصره هذا ميزانها في قرب النوافل و لما كانت المحبة لها مراتب متميزة في المحب قيل محب و أحب و قد وصف اللّٰه نفسه بأحب في قوله بأحب إلي من أداء ما افترضته عليه و في النوافل قال أحببته من غير مفاضلة و افترض عليه الايمان به و بما جاء من عنده فالمؤمن له مرتبة الحب و الأحب و أما عمل الجوارح فإنه قرب أيضا و لا بد أن تجني الجارحة ثمرتها أي ثمرة عملها في حق كل إنسان من غير تقييد و لكن هم في ذلك على طبقات مختلفة في أي دار كانوا أو من أي صنف كانوا و سواء قصد القرب بذلك العمل أو لم يقصد فإن العمل يطلب ميزانه و قد وقع من الجارحة فهو حق لها و النية حق للنفس حتى أنه لو ذكر اللّٰه بيمين فاجرة يقتطع بها حق امرئ لكان للجارحة أجر ذكر اللّٰه لما جرى على اللسان و على النفس وزر ما نوته من ذلك و التنبيه على ما ذكرناه كون حكم ظاهر الشرع أسقط عنه بيمينه حق الطالب فإذا كان أثرها في الظاهر بهذه القوة في الدنيا فما ظنك بما تجنيه تلك الجارحة الذاكرة ربها في الأخرى فإن الجارحة لا خبر لها بما نوته

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 559
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست