responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 556

و لا يقال ما إلا في محدود و لا يقال كيف إلا في قابل للأحوال و الحق منزه عن هذه الأمور المعقولة من هذه المطالب فهو منزه الذات عن هذه المطالب بل لا يجوز عليه لا في حق من يرى أن الوجود هو اللّٰه و لا في حق من لا يراه فإن الذي يرى أن الوجود هو اللّٰه فيرى أن حكم ما ظهر به الحق إنما هو أحكام أعيان الممكنات فما وقعت هذه المطالب إلا على مستحقها فإنه ما طلبت عين الحق إلا من حيث ظهورها بحكم عين الممكن فعين الممكن هو المطلوب و التبس على الطالب و أما من لا يرى أن عين الوجود هو الحق فلا تجوز عليه المطالب ثم نرجع فنقول أما الإبدار الذي نصبه اللّٰه مثالا في العالم لتجليه بالحكم فيه فهو الخليفة الإلهي الذي ظهر في العالم بأسماء اللّٰه و أحكامه و الرحمة و القهر و الانتقام و العفو كما ظهر الشمس في ذات القمر فأناره كله فسمي بدرا فرأى الشمس نفسه في مرآة ذات البدر فكساه نورا سماه به بدرا كما رأى الحق في ذات من استخلفه فهو يحكم بحكم اللّٰه في العالم و الحق يشهده شهود من يفيده نور العلم قال تعالى إِنِّي جٰاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً و علمه جميع الأسماء و اسجد له الملائكة لأنه علم أنهم إليه يسجدون فإن الخليفة معلوم أنه لا يظهر إلا بصفة من استخلفه فالحكم لمن استخلفه قال الحق لأبي يزيد في بعض مكاناته مع الحق اخرج إلى الخلق بصفتي فمن رآك رآني و من عظمك عظمني فتعظيم العبيد لتعظيم سيدهم لا لنفوسهم فهذا سر الإبدار فنصب اللّٰه صورة البدر مع الشمس مثلا للخلافة الإلهية و أن الحق يرى نفسه في ذات من استخلفه على كمال الخلقة فإنه لا يظهر له إلا في صورته و على قدره و من يرى أن الحق مرآة العالم و أن العالم يرى نفسه فيه جعل العالم كالشمس و الحق كالبدر و كلا المثلين صحيح واقع

[إن اللّٰه ينبه بضرب الأمثال على أنه هو]

و اعلم أن اللّٰه قصد ضرب الأمثال للناس فقال كَذٰلِكَ يَضْرِبُ اللّٰهُ الْأَمْثٰالَ لِلَّذِينَ اسْتَجٰابُوا لِرَبِّهِمُ الآية فالعالم كله بما فيه ضرب مثل ليعلم منه أنه هو فجعله دليلا عليه و أمرنا بالنظر فيه فمما ضرب اللّٰه في العالم من المثل صورة القمر مع الشمس فلا يزال الحق ظاهرا في العالم دائما على الكمال فالعالم كله كامل و جعل اللّٰه للعالم وجهين ظاهرا و باطنا فما نقص في الظاهر من إدراك تجليه أخذه الباطن و ظهر فيه فلا يزال العالم بعين الحق محفوظا أبدا و لا ينبغي أن يكون إلا هكذا و أحوال العالم مع اللّٰه على ثلاث مراتب مرتبة يظهر فيها تعالى بالاسم الظاهر فلا يبطن عن العالم شيء من الأمر و ذلك في موطن مخصوص و هو في العموم موطن القيامة و مرتبطة يظهر فيها الحق في العالم في الباطن فتشهده القلوب دون الأبصار و لهذا يرجع الأمر إليه و يجد كل موجود في فطرته الاستناد إليه و الإقرار به من غير علم به و لا نظر في دليل فهذا من حكم تجليه سبحانه في الباطن و مرتبطة ثالثة له فيها تجل في الظاهر و الباطن فيدرك منه في الظاهر قدر ما تجلى به و يدرك منه في الباطن قدر ما تجلى به فله تعالى التجلي الدائم العام في العالم على الدوام و تختلف مراتب العالم فيه لاختلاف مراتب العالم في نفسها فهو يتجلى بحسب استعدادهم فمن فهم هذا علم أن الإبدار لا يزال فافهم وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السابع و الخمسون و مائتان في معرفة المحاضرة

و هي حضور القلب بتواتر البرهان و مجاراة الأسماء الإلهية بما هي عليه من الحقائق التي تطلبها الأكوان»

محاضرة الأسماء في حضرة الذات دليل على الماضي دليل على الآتي
أقول بها و الكون يعطي وجودها لوجدان آلام و وجدان لذات
فلو لا وجود المحو ما صح عندنا و لا عند من يدري وجود لإثبات

[المحاضرة و هي حضور القلب بتواتر البرهان]

المحاضرة صفة أهل الاعتبار و النظر المأمور به شرعا فما يفرغون من نظر في دليل بعد إعطائه إياهم مدلوله إلا و يظهر اللّٰه لهم دليلا آخر فيشتغلون بالنظر فيه إلى أن يوفي لهم ما هو عليه من الدلالة فإذا حصلوا مدلوله أراهم الحق دليلا آخر هكذا دائما و هو قوله تعالى سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ فذكر أنه يريهم آيات ما جعل ذلك آية واحدة ثم قال حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ و هو عثورهم على وجه الدليل و حصول المدلول و هذه مسألة تختلف فيها فتوح المكاشفة فمنهم من يعطي الدليل و مدلوله كشفا و لا يعطي أبدا ذلك المدلول دون دليله حتى زعم بعض العلماء به أن علوم الوهب التي من شأنها أن لا تدرك في النظر إلا بالدليل العقلي لا توهب لمن وهبت إلا بأدلتها فإنها بها مرتبطة ارتباطا عقليا و منهم من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 556
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست