responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 55

النسخ في مذهب من يراه فلنتكلم على الأمرين معا ليقع الشرح باللسانين فيعم الجواب

[البدء افتتاح وجود الممكنات على التتالى]

اعلم أن علم البدء علم عزيز و أنه غير مقيد و أقرب ما تكون العبارة عنه أن يقال البدء افتتاح وجود الممكنات على التتالي و التتابع لكون الذات الموجدة له اقتضت ذلك من غير تقييد بزمان إذ الزمان من جملة الممكنات الجسمانية فلا يعقل إلا ارتباط ممكن بواجب لذاته فكان في مقابلة وجود الحق أعيان ثابتة موصوفة بالعدم أزلا و هو الكون الذي لا شيء مع اللّٰه فيه إلا أن وجوده أفاض على هذه الأعيان على حسب ما اقتضته استعداداتها فتكونت لأعيانها لا له من غير بينية تعقل أو تتوهم وقعت في تصورها الحيرة من الطريقين من طريق الكشف و من طريق الدليل الفكري و النطق عما يشهده الكشف بإيضاح معناه يتعذر فإن الأمر غير متخيل فلا يقال و لا يدخل في قوالب الألفاظ بأوضح مما ذكرناه

[البدء كان عن نسبة أمر فيه رائحة جبر]

و سبب عزة ذلك الجهل بالسبب الأول و هو ذات الحق و لما كانت سببا كانت إلها لمألوه لها حيث لا يعلم المألوه أنه مألوه فمن أصحابنا من قال إن البدء كان عن نسبة القهر و قال بعض أصحابنا بل كان عن نسبة القدرة و الشرع يقول عن نسبة أمر و التخصيص في عين ممكن دون غيره من الممكنات المميزة عنده و الذي وصل إليه علمنا من ذلك و وافقنا الأنبياء عليه أن البدء عن نسبة أمر فيه رائحة جبر إذ الخطاب لا يقع إلا على عين ثابتة معدومة عاقلة سميعة عالمة بما تسمع بسمع ما هو سمع وجود و لا عقل وجود و لا علم وجود فالتبست عند هذا الخطاب بوجوده فكانت مظهرا له من اسمه الأول الظاهر و انسحبت هذه الحقيقة على هذه الطريقة على كل عين عين إلى ما لا يتناهى

[البدء حالة مستصحبة قائمة لا تنقطع]

فالبدء حالة مستصحبة قائمة لا تنقطع بهذا الاعتبار فإن معطي الوجود لا يقيده ترتيب الممكنات فالنسبة منه واحدة فالبدء ما زال و لا يزال فكل شيء من الممكنات له عين الأولية في البدء ثم إذا نسبت الممكنات بعضها إلى بعض تعين التقدم و التأخر لا بالنسبة إليه سبحانه فوقف علماء النظر مع ترتيب الممكنات حين وقفنا نحن مع نسبتها إليه و العالم كله عندنا ليس له تقييد إلا بالله خاصة و اللّٰه يتعالى عن الحد و التقييد فالمقيد به تابع له في هذا التنزيه فأولية الحق هي أوليته إذ لا أولية للحق بغير العالم لا يصح نسبتها و لا نعته بها بل هكذا جميع النسب الأسمائية كلها

فالعبد ملك إذ قد تسمى في عين حال بما تسمى
و الملك عبد في عين حال إذا تسمى بما أسمي
فإنه بي و لست أعني عني لكونى أصم أعمى
عن كل عين سوى عياني لكونه أظهرته الأسماء
هذه طريقة البدء

[البداء هو ظهور الابتداء و ابتداء الظهور]

و أما إذا أراد البدا و هو أن يظهر له ما لم يكن ظهر هو مثل قوله وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّٰى نَعْلَمَ و هو قوله وَ سَيَرَى اللّٰهُ عَمَلَكُمْ فيكون الحكم الإلهي بحسب ما يعطيه الحال و قد كان قرر الأمر بحال معين بشرط الدوام لذلك الحال في توهمنا فلما ارتفع الدوام الحالي الذي لو دام أوجب دوام ذلك الأمر بدا من جانب الحق حكم آخر اقتضاه الحال الذي بدا من الكون فقابل البدا بالبداء فهذا معنى علم البدا له على الطريقة الأخرى قال تعالى وَ بَدٰا لَهُمْ مِنَ اللّٰهِ مٰا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ

يقول صلى اللّٰه عليه و سلم اتركوني ما تركتكم و كانت الشرائع تنزل بقدر السؤال فلو تركوا السؤال لم ينزل هذا القدر الذي شرع و معقول ما يفهم من هذا علم البدا و بعد أن علمت هذا فقد علمت علم الظهور و علم الابتداء فكأنك علمت علم ظهور الابتداء أو ابتداء الظهور فإن كل نسبة منهما مرتبطة بالأخرى فإن كان ظهور الابتداء فما حضرة الإخفاء التي منها ظهر هذا الابتداء فلا شك أنه لم يكن يصح هذا الوصف إلا له ففيه خفي و به ظهر فحالة ظهوره عن ذلك الخفاء هو المعبر عنه بالابتداء و إن كان ابتداء الظهور و فهل له نسبة لي القدم إذ لم يكن له حالة الظهور فما نسبة القدم إليه قلنا عينه الثابتة حال عدمه هي له نسبة أزلية لا أول لها و ابتداء الظهور عبارة عما اتصفت به من الوجود الإلهي إذ كانت مظهر الحق فهو المعبر عنه بابتداء الظهور فإن تعدد الأحكام على المحكوم عليه مع أحدية العين إنما ذلك راجع إلى نسب و اعتبارات فعين الممكن لم تزل و لا تزال على حالها من الإمكان فلم يخرجها كونها مظهرا حتى انطلق عليها الاتصاف بالوجود عن حكم الإمكان فيها فإنه وصف ذاتي لها و الأمور لا تتغير عن حقائقها باختلاف الحكم عليها لاختلاف

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست