responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 532

سره في صورة الجمال أثر في نفسه هيبة فإن الجمال نعت الحق تعالى و الهيبة نعت العبد و الجمال نعت الحق و الأنس نعت العبد فإذا اتصف العبد بالهيبة لتجلى الجمال فإن الجمال مهوب أبدا كان عن الهيبة أثر في القلب و خدر في الجوارح حكم ذلك الأثر اشتعال نار الهيبة فيخاف لذلك سطوته فيسكن و علا منه فيه في الظاهر خدر الجوارح و موتها فإن تحرك من هذه صفته فحركته دورية حتى لا يزول عن موضعه فإنه بخيل إليه إن تلك النار محيطة به من جميع الجهات فلا يجد منفذا فيدور في موضعه كأنه يريد الفرار منه إلى أن يخف ذلك عنه بنعت آخر يقوم به و هو حال ليس هو مقام و لما كان هذا الاصطلام نعت الشبلي كان يدور لضعفه و خوفه غير إن اللّٰه كانت له عناية منه فكان يرده إلى إحساسه في أوقات الصلوات فإذا أدى صلاة الوقت غلب عليه حال الاصطلام بسلطانه فقيل للجنيد عنه فقال أ محفوظ عليه أوقات الصلوات فقيل نعم فقال الجنيد الحمد لله الذي لم يجر عليه لسان ذنب فما أحسن قول الجنيد لسان ذنب فإنه أخيذ وقته فليس بصاحب ذنب و الغريب يشهده تاركا للصلاة و من أعجب حكم الاصطلام الجمع بين الضدين فإن الخدر ينفي الحركة فهو مخدور الجوارح بل هو محرك يدار به و هو صاحب خدر هكذا يحسه من نفسه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الثالث و الثلاثون و مائتان في الرغبة»



رغبت عنه و فيه من أجل ما يقتضيه
مقام من هو مثلي في كل ما يرتضيه
لله سيف حسام للكل إذ ينتضيه

[الرغبة على ثلاثة أنحاء]

الرغبة في اصطلاح القوم على ثلاثة أنحاء رغبة محلها النفس متعلقها الثواب و رغبة محلها القلب متعلقها الحقيقة و رغبة محلها السر متعلقها الحق فأما الرغبة النفسية فلا تكون إلا في العامة و في الكمل من رجال اللّٰه لعلمهم بأن الإنسان مجموع أمور أنشأه اللّٰه عليها طبيعية و روحانية و إلهية فعلم إن فيه من يطلب ثواب ما وعد اللّٰه به فرغب فيه له إثباتا للحكم الإلهي و أما العامة فلا علم لها بذلك فيشترك الكامل و العامي في صورة الرغبة و يتميز في الباعث كل واحد عن صاحبه كالخوف يوم الفزع الأكبر يشترك فيه الرسل عليهم السلام و هم أعلى الطوائف و العوام و هم المذنبون و العصاة فالرسل عليهم السلام خوفا على أممها لا على أنفسها فإنهم الآمنون في ذلك الموطن و العامة تخاف على نفوسها فيشتركان في الخوف و يفترقان في السبب الموجب له كان بعض الكمل قد برد ماء في الكوز ليشربه فنام فرأى في الواقعة المبشرة حوراء من أحسن ما يكون من الحور العين قد أقبلت فقال لها لمن أنت فقالت لمن لا يشرب الماء المبرد في الكيزان ثم تناولت الكوز و هو ينظر إليها فكسرته فكانت له فلما استيقظ وجد الكوز مكسورا فترك خزفه في موضعه لم يرفعه حتى عفي عليه التراب تذكرة له فعلم إن فيه من يطلب ربه و فيه من يطلب تلك الجارية و لذلك استفهمها فأعطى كل ذي حق حقه فلم يكن ظلوما لنفسه فإن من المصطفين من عباد اللّٰه من يكون ظالما لنفسه أي من أجل نفسه يظلم نفسه بأنه لا يوفيها حقها لنزوله في العلم عن رتبة من يعلم أن حقائقه التي هو عليها لا تتداخل و لا تتعدى كل حقيقة مرتبتها و لا تقبل إلا ما يليق بها فلا تقبل العين إلا السهر و النوم و ما يختص بها و لا تقبل من الثواب إلا المشاهدة و الرؤية و الأذن لا تقبل في الثواب إلا الخطاب إذ ليس الشهود للسمع و الكامل يسعى لقواه على قدر ما تطلبه و هو إمام ناصح لرعيته ليس بغاش لها فإن ظلمها فإنما يظلمها لها في زعمه و ذلك لجهله بما علم غيره من ذلك

كسلمان الفارسي و أخيه في اللّٰه أبي الدرداء في حالهما فرجح رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم سلمان فإنه كان يعطي كل ذي حق حقه فيصوم و يفطر و يقوم و ينام و كان أبو الدرداء مع كونه مصطفى ظالما لنفسه يصوم فلا يفطر و يقوم فلا ينام و أما الرغبة القلبية في الحقيقة فإن الحقيقة في الوجود التلوين و المتمكن في التلوين هو صاحب التمكين ما هو المقابل للتلوين لأن الحقيقة تعطي أن يكون الأمر هكذا لأن اللّٰه كل يوم في شأن فهو في التلوين فهذا القلب يرغب في شهود هذه الحقيقة و جعل اللّٰه محلها القلب ليقرب على الإنسان تحصيلها لما في القلب من التقليب و لم يجعلها في العقل لما في العقل من التقييد فربما يرى أنه يثبت على حالة واحدة لو كانت هذه الرغبة في العقل بخلاف كونها في القلب فإنه يسرع إليه التقليب فإنه بين أصابع الرحمن فلا يبقى على حالة واحدة في نفس الأمر فيثبت على تقليبه في أحواله بحسب شهوده و ما يقلبه الأصابع فيه و أما الرغبة السرية التي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 532
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست