responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 527

ما تتعلق به هذه الهمة فإن تعلقت بمحال لم يقع و عاد وبالها على صاحبها فأثر في نفسه بهمته و إن تعلقت بما ليس بمحال وقع و لا بد و هنا من هذه الطائفة تعلقت بالمحال و هو نفي العلم عن اللّٰه ببعض أعمال العباد فعذبهم اللّٰه بأعمالهم فظنهم أرداهم و هذه مسألة لا يمكننا أن أو فيها حقها لاتساعها و ما يدخل فيها مما لا ينبغي أن يقال و لا يذاع غير أن لها النفوذ حيث وجدت فإذا لم تجتمع و دخلها خلل فليس لها هذا الحكم فلو إن هؤلاء الذين ظنوا بربهم أنه لا يعلم كثيرا مما يعملون يظنون أن اللّٰه لا يؤاخذ على الجريمة لما هو عليه من الصفح و التجاوز و تحجبهم جمعيتهم على هذا عن بطشه تعالى و شديد عقابه لم يؤاخذهم فإن ظنهم أنما تعلق بممكن و أما همة الحقيقة التي هي جمع الهمم بصفاء الإلهام فتلك همم الشيوخ الأكابر من أهل اللّٰه الذين جمعوا هممهم على الحق و صيروها واحدة لاحدية المتعلق هربا من الكثرة و طلبا لتوحيد الكثرة أو للتوحيد فإن العارفين أنفوا من الكثرة لا من أحديتها في الصفات كانت أو في النسب أو في الأسماء و هم متميزون في ذلك أي هم على طبقات مختلفة و إن اللّٰه يعاملهم بحسب ما هم عليه لا يردهم عن ذلك إذ لكل مقام وجه إلى الحق و إنما يفعل ذلك ليتميز الكثير الاختصاص بالله الذي اصطنعه اللّٰه لنفسه من عباد اللّٰه عن غيره من العبيد فإن اللّٰه أنزل العالم بحسب المراتب لتعمير المراتب فلو لم يقع التفاضل في العالم لكان بعض المراتب معطلا غير عامر و ما في الوجود شيء معطل بل هو معمور كله فلا بد لكل مرتبة من عامر يكون حكمه بحسب مرتبته و لذلك فضل العالم بعضه بعضا و أصله في الإلهيات الأسماء الإلهية أين إحاطة العالم من إحاطة المريد من إحاطة القادر فتميز العالم عن المريد و المريد عن القادر بمرتبة المتعلق فالعالم أعم إحاطة فقد زاد و فضل على المريد و القادر بشيء لا يكون للمريد و لا للقادر من حيث إنه مريد و قادر فإنه يعلم نفسه تعالى و لا يتصف بالقدرة على نفسه و لا بالإرادة لوجوده إذ من حقيقة الإرادة أن لا تتعلق إلا بمعدوم و اللّٰه موجود و من شأن القدرة أن لا تتعلق إلا بممكن أو واجب بالغير و هو واجب الوجود لنفسه فمن هناك ظهر التفاضل في العالم لتفاضل المراتب فلا بد من تفاضل العامرين لها فلا بد من التفاضل في العالم إذ هو العامر لها الظاهر بها و هذا مما لا يدرك كشفا بل إدراكه بصفاء الإلهام فيكشف المكاشف عمارة المراتب بكشفه للعامرين لها و لا يعلم التفاضل إلا بصفاء الإلهام الإلهي فقد نبهناك على معرفة الهمة بكلام مبسوط في إيجاز فافهم وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الموفي ثلاثين و مائتان في الغربة»



تغرب عن الأوطان و الحال و الحق عساك تحوز الأمر في مقعد الصدق
و كن نافذا في كل أمر ترومه و لا تدهشن إن جاءك الحق بالحق
و لو لا وجود الفتق في الأرض و السما لما دارت الأفلاك من شدة الرتق
كذاك سماوات العقول و أرضها و أعني بها الطبع المؤثر في الخلق
فدارت بأفلاك القوي ثم أبرزت معارفها للسامعين من النطق

[أن الغربة عبارة عن مفارقة الوطن في طلب المقصود]

اعلم أن الغربة عند الطائفة يطلقونها و يريدون بها مفارقة الوطن في طلب المقصود و يطلقونها في اغتراب الحال فيقولون في الغربة الاغتراب عن الحال من النفوذ فيه و الغربة عن الحق غربة عن المعرفة من الدهش أما غربتهم عن الأوطان بمفارقتهم إياها فهو لما عندهم من الركون إلى المألوفات فيحجبهم ذلك عن مقصودهم الذي طلبوه بالتوبة و أعطتهم اليقظة و هم غير عارفين بوجه الحق في الأشياء فيتخيلون إن مقصودهم لا يحصل لهم إلا بمفارقة الوطن و أن الحق خارج عن أوطانهم كما فعل أبو يزيد البسطامي لما كان في هذا المقام خرج من بسطام في طلب الحق فوقع به رجل من رجال اللّٰه في طريقه فقال له با أبا يزيد ما أخرجك عن وطنك قال طلب الحق قال له الرجل إن الذي تطلبه قد تركته ببسطام فتنبه أبو يزيد و رجع إلى بسطام و لزم الخدمة حتى فتح له فكان منه ما كان فهؤلاء هم السائحون فجعل اللّٰه سياحة هذه الأمة الجهاد في سبيل اللّٰه و اعلم أن هذا الأمر ليس باختيار العبد و إنما صاحب هذا الأمر يطلب وجود قلبه مع ربه في حاله فإذا لم يجده في موضع يقول ربما إن اللّٰه تعالى لم يقدر أن يظهر إلى قلبي في هذا الموضع فيرحل عنه رجاء

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 527
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست