responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 525

عندهم و لهذا أهل النهاية من العارفين يحنون إلى البداية لأجل هذا اللذة فإنهم لا يجدونها في النهاية فإنهم أهل تمييز متحققون بالحق فهم أهل غضب و رضي فيحنون إلى البداية لأجل ما فيها من الالتذاذ و كلما كمل الرجل أعطاه اللّٰه التمييز في الأمور و حققه بالحقائق إذ الموطن يعطي ذلك فلو كان مزاج الدنيا على مزاج الجنة لم يعط إلا نعيما مجردا أو على مزاج النار لم يعط إلا ألما فلما كان ممتزجا وقتا هكذا و وقتا هكذا كان العارفون بحسب الموطن و إذا علمت هذا فاعلم أنه يكون أيضا من أحوال المراد رفع التمني و الطمع و الإخلاص من نفسه مع المبالغة في الأعمال فيشاهدها من حيث ما هو محل لجريانها و يجعلها من جملة الأقدار الجارية عليه و ذلك لفنائه عما ينسب إليه من الحول و القوة فليس له مقام و لا يحكم عليه حال فإنه لا يرى المقام و لا الحال لنظره إلى رب المقام و الحال بعين رب المقام و الحال متفرج في جريان الأقدار عليه و ظهورها فيه و هو مع نفسه كأنه لا داخل فيها و لا خارج عنها

«وصل»

و أما كون هذا الشخص سمي مرادا ليس معناه أنه مراد لما أريد به و إنما معناه أنه محبوب فإن المحبوب لا يكون معذبا بشيء فلا بد أن يحول المحب بين ما يؤلم محبوبه و بين محبوبه و إن لم يفعل ذلك فليس بمحب و لا ذلك محبوبا و كذا وقع أن اللّٰه ما ابتلى من ابتلى من عباده المحبوبين عنده من كونهم محبوبين و إنما رزقهم من جملة ما رزقهم أن جعلهم محبين له فلما ادعوا محبته ابتلاهم من كونهم محبين لا من كونهم محبوبين فافهم فالمحبوب له الإدلال و المحب له الخضوع فالمراد هو المحبوب فلا يذوق بلاء و أما المراد الذي يكون مرادا لما أريد به فإنه لا بد أن يرزق الإرادة لما أريد به فلا يقع له إلا ما هو مراد له و قد ذكرناه و ما كل مراد لما أريد به يكون له إرادة فيما أريد به فمن يكون له إرادة ذلك فهو المراد المصطلح عليه في هذا الطريق فالمراد لما أريد به هو حال يعم الخلق أجمعه ما فيه اختصاص و من يكون له إرادة فيما أريد به فذلك خصوص و هو المطلوب بهذه اللفظة و هذا الاسم في هذا الطريق عند أهل اللّٰه فيكون مرادا مريدا وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ فإن الكلام في باب الإرادة و المراد و المريد يطول

«الباب الثامن و العشرون و مائتان في حال المريد»

فاعلم يا ولي وفقك اللّٰه أنه

ليس المريد الذي قامت إرادته به و لكنه من ينقضي غرضه
فإن أراد أمورا ليس يدركها فإن حاكمه في صرفه مرضه
و ليس إذ ذاك من أهل الطريق و لا في حكمه جوهر في الكون أو عرضه

[ أعظم مرتبة المريد إن يكون نافذ الإرادة]

لفظة المريد عند المحققين من أهل اللّٰه تطلق بإزاء المنقطع إلى اللّٰه المؤثر جناب اللّٰه الساعي في محاب اللّٰه و مراضيه و قد يطلقونها بإزاء المتجرد عن إرادته و أعظم مراتب المريد عندهم و عندنا إن يكون نافذ الإرادة لا عن كشف فإن كان عن كشف فليس بمريد و إنما هو عالم بما يكون كما أنه ليس من شرط المراد أن تكون له إرادة فيما يقع في الوجود به و بغيره أن يكون ما يقع مشهودا له في إرادته فيريده قبل وقوعه بل قد لا يكون ذلك و ليس بشرط و إنما حاله إن الأمر إذا وقع في الوجود يرضى به و يلتذ بوقوعه و لا يرده بخاطره و لا يكرهه

[إن من أعلمه اللّٰه مراده فيما يكون عناية منه فإنه مطلوب بالتأهب]

فاعلم أنه من أعلمه اللّٰه مراده فيما يكون عناية منه فإنه مطلوب بالتأهب لذلك و لا سيما فيما يقع به لا بغيره فيتلقاه بالصفة التي يطلبها ذلك الواقع شرعا من رضي أو صبر أو شكر فإن كان مع هذا الإعلام يكون مريدا لذلك فتلك إرادة موافقة و يكون مريدا لقيام الإرادة به لا لنفوذ إرادته فإنه لا ينبغي في الطريق أن يسمى مريدا إلا من تنفذ إرادته و هو اللّٰه أو من أعطاه اللّٰه ذلك من خلقه و ما سمعنا إنه نال هذا المقام أحد من خلق اللّٰه فإنه قد صح عندنا كشفا و نقلا إنه لا مقام أعلى من مقام محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و مع هذا قد سأل اللّٰه في أشياء منها أن لا يجعل اللّٰه بأس أمته بينها فلم يقبل سؤاله في ذلك قال صلى اللّٰه عليه و سلم فمنعنيها فإذا لم يكمل مقام نفوذ الإرادة له صلى اللّٰه عليه و سلم فكيف يناله غيره فإنه ممن انفرد اللّٰه به فمن أطلعه اللّٰه على مراداته فما أراد إلا ما يقع فيظهر نفوذ إرادته و ما يعلم الناس ما هو مشهوده الذي أشهده الحق فهم يتخيلون أن ذلك المراد الواقع من أثر همته و ليس

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 525
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست