responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 518

«الباب الثالث و العشرون و مائتان في معرفة حال التفرقة»



إذا اجتمعت فقد أثبت تفرقة كما تحققت قرآنا و فرقانا
و العين واحدة و الحكم مختلف و قد أقمت على ما قلت برهانا
فالجمع و الفرق حال ناقص أبدا فاعدل و كن واحدا إن كنت إنسانا
و ألزم طريقة جبريل و صاحبه إذ قررا لك إسلاما و إيمانا
و تم جاء بما قد صح بعدهما فقررا لك إحسانا و إحسانا
فتلك أربعة لا خامس لها سوى المؤيد جل الحق سبحانا

[أن التفرقة عبارة عن خلق بلا حق]

اعلم أن التفرقة عند بعض القوم إشارة من أشار إلى خلق بلا حق و عند أبي علي الدقاق الفرق ما ينسب إليك و عند بعضهم الفرق ما أشهدك الحق من أفعالك أدبا و عند بعضهم الفرق مشاهدة العبودية و قيل الفرق إثبات الخلق و قيل التفرقة شهود الأغيار لله و قيل التفرقة مشاهدة تنوع الخلق في أحوالهم و مستند مقام التفرقة من العلم الإلهي نعت الحق سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاٰنِ و هو انقضاء المدة التي سبق في علم اللّٰه مقدارها و هو زمان الحياة الدنيا في كل شخص شخص

[أن أصل الأشياء كلها التفرقة]

و اعلم أن أصل الأشياء كلها التفرقة و أول ما ظهرت في الأسماء الإلهية فتفرقت أحكامها بتفرق معانيها حتى لو نظر الإنسان فيها من حيث دلالتها كلها على العين مع الفرقان المعلوم بين معانيها التي يعقل فيها من أنه سميت هذه العين بكذا لكذا و لا سيما إذا كانت الأسماء تجري مجرى النعوت على طريق المدح و التفرقة أظهر و بالتفرقة تعرف إلينا سبحانه فقال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و قال أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاٰ يَخْلُقُ ففرق بين من يخلق و من لا يخلق و حدود الأشياء أظهرته التفرقة بين الأشياء و بالتفرقة ظهرت المقامات و الأحوال و كثرت مراتب الخلق و تميزت بها فلله ثمانون عبدا حققهم بحقائق الايمان و لله مائة عبد حققهم بحقائق النسب الإلهية و الأسماء و لله ستة آلاف عبد و يزيدون حققهم بحقائق النبوة المحمدية و لله ثلاثمائة عبد حققهم بحقائق الأخلاق الإلهية ففرق عز و جل بين عباده بالمراتب و عين الجمع هو عين التفرقة إذ هو دليل على الكثرة و إنما سمي جمعا من أجل العين الواحدة التي تجمع هذه التفرقة فقول من قال في التفرقة إنها إشارة من أشار إلى خلق بلا حق فمشهوده ما أعطته الحدود و الحدود لم يكن لها ظهور إلا في الخلق إذ كان الحق لا يعرف لأنه الغني عن العالمين أي هو المنزه عن إن تدل عليه علامة فهو المعروف بغير حد المجهول بالحد و الحدود أظهرت التفرقة بين الخلق و كل إنسان من أهل الذوق لا يتعدى في أخباره منزلة شهوده و ذوقه لأنهم أهل صدق لا يخبرون أبدا إلا عن شهود لا عن خبر و أما قول الدقاق الفرق ما نسبت إليك فهو ما ذكرناه فإنه ما نسب إليك إلا الحدود إذ الحق لا ينسب إليه حد و جميع ما ينسب إلى العبد فما له إلى الفناء و العدم و ما ينسب إلى الحق فما له إلى البقاء و الوجود فكن ممن ينسب إلى الحق و لا ينسب إلى الخلق و هو معنى قوله تعالى مٰا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ فوصف بالنفاد ما نسبه إلينا و ما لفظة تدل على كل شيء كذا قاله سيبويه وَ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ بٰاقٍ فمن كان عند اللّٰه منا صح له البقاء و من كان عند الخلق صح له النفاد أ لا ترى من هو عبد لغير اللّٰه من المماليك إذا جاء الموت ارتفع الملك إذا كان للسيد عليه فنفد فكل ما نسب إلى المخلوق فإنه ينفد بالموت أو بالشهادة و كل ما ينفد فقد فارق من كان عنده و هذا لا يوجد في الحق فإنه لا يفارقه شيء لأنه معنا و إليه تصير الأمور فهذا معنى قوله الفرق ما ينسب إليك و أما قول من قال الفرق ما أشهدك الحق من أفعالك أدبا يشير إلى الأفعال التي لا يعطي الأدب أن تنسب إلى اللّٰه و إن كانت من اللّٰه لا إلى الأفعال التي تنسب إلى اللّٰه أدبا و حقيقة و أفعال العباد لا بقاء لها عند العبد سوى زمان وجودها خاصة و تزول عنه في الزمان الذي يلي زمان وجودها فهذا معنى قول الدقاق فاجتمعا في المعنى غير أن هذا القائل خصص بعض الأفعال بقوله أدبا فإذا نسبت أعيان هذه الأفعال إلى اللّٰه اتصفت بالبقاء لا لأعيانها بل لكونها مشهودة لله وَ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ بٰاقٍ كما يبقى الفعل عندك ما دام مشهودا لك فإذا لم تشهده زال عينه عن شهودك و لهذا قال ما أشهدك الحق من أفعالك و لم يتعرض لما يشهدك كما أنه لم يتعرض إلى المحمود من أفعالك مع كونه ينسب إليك فقال أدبا و أما قول من قال الفرق مشاهدة العبودية فإنه نسب العبد إلى الصفة القائمة به و لا ينبغي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 518
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست