responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 515

و إما أن تكون لنا حقا و نعت نفسه بها توصلا لنا و خبره بها صدق لا كذب و إن كنا نحن فيها الأصل فهو مكتسب و إن كان هو الأصل فقد كسبنا إياها و هذه من أغمض نتائج العلم بالله فإنه أضاف إليه نعوت المحدثات كلها بأخبار قديم أزلي فمنها ما أشار به في أخباره بأنه مكتسب لبعضها مثل قوله وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّٰى نَعْلَمَ و منها ما ذكره و لم يقيد باكتساب و لا غيره و من هذا الباب أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ و اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ و اسئلوني أعطكم و استغفروني أغفر لكم و فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ و أما قولهم الفناء عن الفناء فما هو نوع ثامن و إنما هو الفاني إذا لم يعلم في فنائه إنه فإن فذلك الفناء عن الفناء كصاحب الرؤيا الذي لا يعلم أنه في رؤيا فهو حال تابع في كل نوع يقوم من أنواع الفناء و حال الفناء لا ينال بتعمل أي لا يقصد و أدناه درجة حكمه في المتفكر فإذا استغرق الإنسان الفكر في أمر ما من أمور الدنيا أو في مسألة من العلم فتحدثه و لا يسمعك و تكون بين يديه و لا يراك و ترى في عينه جمودا في تلك الحالة فإذا عثر على مطلوبه أو طرأ أمر يرده إلى إحساسه حينئذ يراك و يسمعك فهذه أدنى درجاته في العالم و سبب ذلك ضيق المحدث فإنه لا شيء أوسع من حقيقة الإنسان و لا شيء أضيق منها فأما اتساع القلب فإنه لا يضيق عن شيء و لكن عن شيء واحد و أما ضيقه فإنه لا يسع خاطرين معا فإنه أحدي الذات فلا يقبل الكثرة فهو من حيث هذه الحقيقة في الحكم الإلهي في معنى قوله فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ و في الرتبة الأخرى في

قوله فأحببت إن أعرف و هذا القدر كاف في معرفة هذا الباب وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الأحد و العشرون و مائتان في معرفة البقاء و أسراره»



إذا رأيت قيام اللّٰه جل على كل النفوس بما فيها من الأثر
ذاك البقاء الذي قال الرجال به و أنت باق به إن كنت ذا نظر
فكن به لا تكن بالفكر متصفا فإنما الغير مشتق من الغير
و أين غير و ما في الكون أجمعه سوى الوجود الذي تدعوه بالبشر
فإنه اسم يعم الكون أجمعه عينا و علما فلا تخرج عن الصور

[أن البقاء بقاء الطاعات كما أن الفناء فناء المعاصي]

اعلم أن البقاء عند بعض الطائفة بقاء الطاعات كما كان الفناء فناء المعاصي عند صاحب هذا القول و عند بعضهم البقاء بقاء رؤية العبد قيام اللّٰه على كل شيء و هذا قول من قال في الفناء إنه فناء رؤية العبد فعله بقيام اللّٰه تعالى على ذلك و عند بعضهم البقاء بقاء بالحق و هو قول من قال في الفناء إنه فناء عن الخلق*

[أن البقاء نسبة إلى الحق]

اعلم أن نسبة البقاء عندنا أشرف في هذا الطريق من نسبة الفناء لأن الفناء عن الأدنى في المنزلة أبدا عند الفاني و البقاء بالأعلى في المنزلة أبدا عند الباقي فإن الفناء هو الذي أفناك عن كذا فله القوة و السلطان فيك و البقاء نسبتك إلى الحق و إضافتك إليه أعني البقاء في هذا الطريق عند أهل اللّٰه فيما اصطلحوا و الفناء نسبتك إلى الكون فإنك تقول فنيت عن كذا و نسبتك إلى الحق أعلى فالبقاء في النسبة أولى لأنهما حالان مرتبطان فلا يبقى في هذا الطريق إلا فإن و لا يفنى إلا باق و الموصوف بالفناء لا يكون إلا في حال البقاء و الموصوف بالبقاء لا يكون إلا في حال الفناء ففي نسبة البقاء شهود حق و في نسبة الفناء شهود خلق لأنك لا تقول فنيت عن كذا إلا مع تعقلك من فنيت عنه و نفس تعقلك إياه هو نفس شهودك إياه إذ لا بد من إحضاره في نفسك لتعقل حكم الفناء عنه و كذلك البقاء لا بد من شهود من أنت باق به و لا يكون البقاء في هذا الطريق إلا بالحق فلا بد من شهود الحق فإنه لا بد من إحضارك إياه في قلبك و تعقلك إياه فحينئذ تقول بقيت بالحق و هذه النسبة أشرف و أعلى لعلو المنسوب إليه فحال البقاء أعلى من حال الفناء و إن تلازما و كانا للشخص في زمان واحد فلا خفاء عند ذي نظر سليم في الفرق بين النسبتين في الشرف و المنزلة«شرح هذا المقام يتضمنه شرح باب الفناء»و ذلك أن ننظر في كل نوع من أنواع الفناء إلى السبب الذي أفناك عن كذا فهو الذي أنت باق معه هذا جماع هذا الباب إلا أن هنا تحقيقا لا يكون إلا في الفناء و ذلك أن البقاء نسبة لا تزول و لا تحول حكمه ثابت حقا و خلقا و هو نعت إلهي و الفناء نسبة تزول و هو نعت كياني لا مدخل له في حضرة الحق و كل نعت ينسب إلى الجانبين فهو أتم و أعلى من النعت المخصوص بالجانب الكوني إلا العبودة فإن نسبتها إلى الكون أتم و أعلى من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 515
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست