responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 513

الإلهي بالتحجير و هو غير مؤاخذ لهم لما سبقت لهم به العناية في الأزل فأباح لهم ما هو محجور على الغير و سائر من ليس له هذا المقام لا علم له بذلك فيحكم عليه بأنه ارتكب المعاصي و هو ليس بعاص بنص كلام اللّٰه المبلغ على لسان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و كأهل البيت حين أذهب اللّٰه عنهم الرجس و لا رجس أرجس من المعاصي و طهرهم تطهيرا : و هو خبر و الخبر لا يدخله النسخ و خبر اللّٰه صدق و قد سبقت به الإرادة الإلهية فكل ما ينسب إلى أهل البيت مما يقدح فيما أخبر اللّٰه به عنهم من التطهير و ذهاب الرجس فإنما ينسب إليهم من حيث اعتقاد الذي ينسبه لأنه رجس بالنسبة إليه و ذلك الفعل عينه ارتفع حكم الرجس عنه في حق أهل البيت فالصورة واحدة فيهما و الحكم مختلف و القسم الآخر رجال اطلعوا على سر القدر و تحكمه في الخلائق و عاينوا ما قدر عليهم من جريان الأفعال الصادرة منهم من حيث ما هي أفعال لا من حيث ما هي محكوم عليها بكذا أو كذا و ذلك في حضرة النور الخالص الذي منه يقول أهل الكلام أفعال اللّٰه كلها حسنة و لا فاعل إلا اللّٰه فلا فعل إلا لله و تحت هذه الحضرة حضرتان حضرة السدفة و حضرة الظلمة المحضة و في حضرة السدفة ظهر التكليف و تقسمت الكلمة إلى كلمات و تميز الخير من الشر و حضرة الظلمة هي حضرة الشر الذي لا خير معه و هو الشرك و الفعل الموجب للخلود في النار و عدم الخروج منها و أن نعم فيها فلما عاين هؤلاء الرجال من هذا القسم ما عاينوه من حضرة النور بادروا إلى فعل جميع ما علموا أنه يصدر منهم و فنوا عن الأحكام الموجبة للبعد و القرب ففعلوا الطاعات و وقعوا في المخالفات كل ذلك من غير نية لقرب و لا انتهاك حرمة فهذا فناء غريب أطلعني اللّٰه عليه بمدينة فاس و لم أر له ذائقا مع علمي بأن له رجالا و لكن لم ألقهم و لا رأيت أحدا منهم غير أني رأيت حضرة النور و حكم الأمر فيها غير أنه لم يكن لتلك المشاهدة فينا حكم بل أقامني اللّٰه في حضرة السدفة و حفظني و عصمني فلي حكم حضرة النور و إقامتي في السدفة و هو عند القوم أتم من الإقامة في حضرة النور فهذا معنى قول بعضهم في الفناء إنه فناء المعاصي

«و أما النوع
الثاني»من الفناء فهو الفناء عن أفعال العباد بقيام اللّٰه على ذلك

من قوله أَ فَمَنْ هُوَ قٰائِمٌ عَلىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ فيرون الفعل لله من خلف حجب الأكوان التي هي محل ظهور الأفعال فيها و هو قوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ وٰاسِعُ الْمَغْفِرَةِ أي ستره واسع و الأكوان كلها ستره و هو الفاعل من خلف هذا الستر وَ هُمْ لاٰ يَشْعُرُونَ و المثبتون من المتكلمين أفعال العباد خلقا لله يشعرون و لكن لا يشهدون لحجاب الكسب الذي أعمى اللّٰه به بصيرتهم كما أعمى بصيرة من يرى الأفعال للخلق حين أوقفه اللّٰه مع ما يشاهده ببصره فهذا لا يشعر و هو المعتزلي و ذلك لا يشهد و هو الأشعري فالكل عَلىٰ بَصَرِهِ غِشٰاوَةً

«و أما النوع الثالث»فهو الفناء عن صفات المخلوقين

بقوله تعالى في الخبر المروي النبوي عنه كنت سمعه و بصره و كذا جميع صفاته و السمع و البصر و غير ذلك من أعيان الصفات التي للعبد أو الخلق قل كيف شئت و عرف الحق أن نفسه هي عين صفاتهم لا صفته فأنت من حيث صفاتك عين الحق لا صفته و من حيث ذاتك عينك الثابتة التي اتخذها اللّٰه مظهرا أظهر نفسه فيها لنفسه فإنه ما يراه منك إلا بصرك و هو عين نظرك فما رآه إلا نفسه و أفناك بهذا عن رؤيته فناء حقيقة شهودية معلومة محققة لا يرجع بعد هذا الفناء حالا إلى حال يثبت لك أن لك صفة محققة ليست عين الحق و صاحب هذا الفناء دائما في الدنيا و الآخرة لا يتصف في نفسه و لا عند نفسه بشهود و لا كشف و لا رؤية مع كونه يشهد و يكشف و يرى و يزيد صاحب هذا الفناء على كل مشاهد وراء و مكاشف أنه يرى الحق كما يرى نفسه لأنك رأيته به لا بك و هذا مشهد عزيز لم أر له بالحال ذائقا فإنه دقيق فمن زعم أنه ذاقه ثم رجع بعد ذلك إلى حسه و نفسه و أثبت لنفسه صفة ليست هي عين الحق التي علمها فليس عنده خبر بما قاله و لا يعرف من شاهد و لا ما شاهد ثم إن صاحب هذا الفناء مهما فرق بين صفاته في حال الفناء فرأى غير ما سمع و سمع غير ما سعى و سعى غير ما شم و طعم و طعم غير ما علم و علم غير ما قدر و ميز و فرق بين هذه النسب و ادعى أنه صاحب هذا النوع من الفناء فليس هو و إذا توحدت عنده العين فسمع بما به رأى بما به تكلم بما به علم و سعى و شم و طعم و أحس و لم يختلف عليه الإدراك باختلاف الحكم فهو صاحب هذا الفناء ذوقا صحيح الحال

«و أما النوع الرابع»من الفناء فهو الفناء عن ذاتك

و تحقيق ذلك أن تعلم أن ذاتك مركبة من لطيف و كثيف و أن لكل ذات منك حقيقة و أحوالا تخالف بها الأخرى و أن لطيفتك متنوعة الصور مع

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 513
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست