responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 512

قال تعالى وَ خَشَعَتِ الْأَصْوٰاتُ لِلرَّحْمٰنِ فَلاٰ تَسْمَعُ إِلاّٰ هَمْساً حكم اقتضاه الموطن

[الخلق كلهم في قبضة الحق]

و اعلم أيها الولي الحميم أن الخلق كان في قبض الحق للحق فلما انبسط ظهر للعالم

قال اللّٰه تعالى لآدم و يداه مقبوضتان يا آدم اختر أيتهما شئت فقال آدم اخترت يمين ربي و كلتا يدي ربي يمين مباركة فبسطها فإذا فيها آدم و ذريته و لو فتح الأخرى لكان فيها سائر العالم فانظر إلى كون الإنسان في اليمين الحق إذ علم آدم أن بين اليدين فرقانا و لذلك قال أدبا و كلتا يدي ربي يمين مباركة فاختار القوة نظرا إلى نفسه لما علم أنه على الصورة و أنه خليفة فعلم إن القوة له فاختار الأقوى بأدب و لما كان الخلق مطويا في الحق لم ير نفسه و هو مشهود لله فلما كان البسط الإلهي ظهر العالم لنفسه فرأى نفسه و رأى من كان في قبضته عن شهود نفسه فعلم من أين صدر و كيف صدر و ما علم هل له رجوع أم لا فقيل له وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ و إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و علم أن الرجوع إنما هو رد إلى الأصل و قد علم أصل الوجود فعلم إلى أين يرجع و قد كان في الأصل لا يعلم نفسه فعلم أنه يرجع إلى منزله لا بعلم نفسه مع ظهور عينه كما لم يشهد نفسه إذ كان في قبضة موجدة فيكون مال العارفين و رجوعهم مع ثبوت عينهم إلى أن الحق عينهم لا هم و هذا مقام لا يكون إلا للعارفين فهم مقبوضون في حال بسطهم و لا يصح لعارف قط إن يكون مقبوضا في غير بسط و لا مبسوطا في غير قبض و ما سوى العارف إذا كان في حال قبض لا يكون له حال بسط و إذا كان في حال بسط لا يكون له حال قبض فالعارف لا يعرف إلا بجمعه بين الضدين فإنه حق كله كما قال أبو سعيد الخراز و قد قيل له بم عرفت اللّٰه فقال بجمعه بين الضدين لأنه شاهد جمعهما في نفسه و قد علم أنه على صورته و سمعه يقول هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّٰاهِرُ وَ الْبٰاطِنُ و بهذه الآية احتج في ذلك ثم نظر إلى العالم فرآه إنسانا كبيرا في الجرم و رآه قد جمع بين الضدين فإنه رأى فيه الحركة و السكون و الاجتماع و الافتراق و رأى فيه الأضداد و هو أيضا على صورة العالم كما هو على صورة الحق فانظر ما أعجب هذه اللفظة من أبي سعيد و لهذا المقام كان يشير ذو النون المصري في مسائله من إيراد الكبير على الصغير و إدخال الواسع في الضيق من غير إن يوسع الضيق أو يضيق الواسع و قد ذكرنا هذه المسألة في معرفة الخيال من باب المعرفة من هذا الكتاب مستوفاة فبسط العلماء بالله من البسط المنسوب إلى الحق بل هو عين البسط المنسوب إلى الحق لأنهم إليه رجعوا

فلم يكن البسط الإله فهم أهل محو و إن أثبتوا
و هذا القدر كاف في تحقيق البسط من العلم الإلهي

«الباب العشرون و مائتان في معرفة الفناء و أسراره»



إن الفناء أخو العدم
ثم الفناء عن الفناء
هي لفظة ما تحتها
فيه إذا سلطانه يمضيه تحصين الحكم

[ما المراد بالفناء]

اعلم أن الفناء عند الطائفة يقال بإزاء أمور فمنهم من قال إن الفناء فناء المعاصي و من قائل الفناء فناء رؤية العبد فعله بقيام اللّٰه على ذلك و قال بعضهم الفناء فناء عن الخلق و هو عندهم على طبقات منها الفناء عن الفناء و أوصله بعضهم إلى سبع طبقات فاعلموا أيدنا اللّٰه و إياكم بروح القدس أن الفناء لا يكون إلا عن كذا كما إن البقاء لا يكون إلا بكذا و مع كذا فعن للفناء لا بد منه و لا يكون الفناء في هذا الطريق عند الطائفة إلا عن أدنى بأعلى و أما الفناء عن الأعلى فليس هو اصطلاح القوم و إن كان يصح لغة

فأما الطبقة الأولى في الفناء فهي إن تفني عن المخالفات

فلا تخطر لك ببال عصمة و حفظا إلهيا و رجال اللّٰه هنا على قسمين القسم الواحد رجال لم يقدر عليهم المعاصي فلا يتصرفون إلا في مباح و إن ظهرت منهم المخالفات المسماة بالمعاصي شرعا في الأمة إلا إن اللّٰه وفق هؤلاء فكانوا ممن أذنبوا فعلموا إن لهم ربا يغفر الذنب و يأخذ بالذنب فقيل لهم على سماع منهم لهذا القول

اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم و كأهل بدر ففنيت عنهم أحكام المخالفات فما خالفوا فإنهم ما تصرفوا إلا فيما أبيح لهم فإن الغيرة الإلهية تمنع أن ينتهك المقربون عنده حرمة الخطاب

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 512
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست