responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 510

فقد قبض بكلتا يديه على ما اعتقده وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ فلو كان تسبيحهم راجعا إلى أمر واحد لم يجهل أحد تسبيح غيره و قد قال اللّٰه إن تسبيح الأشياء لا يفقه فدل على إن كل شيء يسبح إلهه بما تقرر عنده منه مما ليس عند الآخر و لما كان في قضية العقل إن اللّٰه عز و جل لا يكون محصورا و في قضية الوقوع وجود الحصر وصف نفسه في آخر الآية بأنه حليم فلم يؤاخذ مع القدرة من زعم أن الحق على وصف كذا خاصة و ما هو على وصف كذا و وصف نفسه في آخر هذه الآية بأنه غفور لما ستر به قلوبهم عن العلم به إلا من شاء من عباده فإنه أعطاه العلم به على الإجمال و قال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لأنه عين كل شيء بدليل العلامة التي ثبتت عنه و الشيء لا يكون مثلا لعينه لأنه عين كل شيء في كل ظل و كل فيء و كل طائفة سوى أهل اللّٰه قد نزهته أن يكون كذا و لهذا أخبر عنهم فقال وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ أي ينزه بِحَمْدِهِ أي بالثناء عليه و التنزيه البعد و ما ذكر اللّٰه أنه أمرهم بتسبيحه بل أخبر أنهم يسبحون بحمده فاجعل بالك لقول اللّٰه في تلاوتك لما يقوله ربك عن نفسه و ما يقوله العالم عنه و فرق و لا تحتج فيه إلا بما قاله عن نفسه لا بما يحكيه من قول العالم فيه تكن من أهل القرآن الذين هم أهل اللّٰه و خاصته و حقيقة حال القبض الإلهي

في إخباره تعالى عن نفسه ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أنا أكره مساءته و لا بد له من لقائي فوصف نفسه بالكراهة و كل كاره فحاله القبض فافهم ما نبهتك عليه تعثر على الحق و قد حصل في هذا الخبر أمران موجبان للقبض و هما التردد و الكراهة و الغضب المنسوب إليه و الغضب حكم قبض بلا شك و لكن لما كان الجناب الإلهي في اعتقاد العامة يضيق المجال فيه الذي وسعه الشارع لم نقدر على إيضاح الأمر على ما هو عليه ذلك الجناب الإلهي إذ له الاتساع الذي لا ينبغي إلا له و من أسمائه الواسع و هو من أعظم الأسماء إحاطة و هو الاسم الذي يتضمن الأسماء الإلهية التي تطلبها الأكوان كلها لاتساعه و هي أكثر من أن تحصى كثرة و أعيانها معلومة عند أهل اللّٰه تعالى في قوله عز و جل يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرٰاءُ إِلَى اللّٰهِ فمن كحل عين بصيرته بكحل الكشف علم ما قلناه و كل أثر و خبر ورد فيه القهر الإلهي فإنه من باب القبض الإلهي و من هناك ظهر القبض فينا فمن وفى مقام القبض حالا و ذوقا كان قبضه إلهيا بلا شك و أما القبض الذي هو عن حال الخوف كما يراه بعضهم فذلك قبض خاص يتعلق بالنفس و سواء خاف صاحبه على نفسه أو على غيره فإن كان خوفه على غيره صحبه الإشفاق إذ كان آمنا على نفسه و كخوف الأنبياء على أممهم يوم القيامة فهم و أمثالهم ممن يحزنهم الفزع الأكبر من أجل أممهم و هم ممن لا يحزنهم الفزع الأكبر من أجل أنفسهم و القبض حال خوف أبدا إلا القبض المجهول سببه فإنه أيضا مجهول الخوف فإذا ورد القبض المجهول على قلب العارف سكن تحته و لم يتحرك رأسا حتى ينقدح له السبب فيعمل عند ذلك بحسب ما تقتضيه حقيقة ذلك السبب من الأثر فيه في أي جانب ظهر من حق و خلق و هو من المقامات المستصحبة إلى أول قدم يلقيه في الجنة فيرتفع عنه و لا يتصف به أبدا كما يرتفع بعض حكم الأسماء الإلهية الموجودة هنا و في الآخرة بانقضاء مدة حكمها فلا تجد قابلا فترتفع بارتفاع حكمها إذ كانت عين حكمها و من هنا تعلم أن أعيان الأسماء الإلهية هي أعيان أحكامها و لذلك تبقي أعيانها ما بقيت أحكامها و تفني بفناء أحكامها فلو كانت الأسماء الإلهية راجعة إلى ذات المسمى موجودة قائمة بها لم يصح فناؤها و لا فناء أحكامها و لو كانت أيضا راجعة إلى ذات المسمى لكان حكمها كذلك فلم يبق أن تكون إلا لنسب و إضافات لا وجود لها في عينها فلذلك قلنا إنها عين أحكامها فتزول بزوال الحكم و تثبت بثبوته

«الباب التاسع عشر و مائتان في معرفة البسط و أسراره»



البسط حال و لكن ليس يدريه إلا الإله الذي أقامنا فيه
له التحكم في الأكوان أجمعها به الوجود الذي تبدو معانيه
و ليس يحجبه عنا سوى قدر و هو الذي عن عيون الخلق يخفيه
البغي حكم له إن كنت ذا نظر جاء الكتاب به لو كنت تدريه
في عالم الخلق هذا الحكم ليس له في عالم الأمر هذا في تجليه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 510
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست