responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 505

عليه و سلم بكلام اللّٰه و

قال تعالى كنت سمعه و بصره و لسانه و هذا من ألطف ما يكون ظهور رب في صورة خلق عن إعلام إلهي لا تعرف له كيفية و لا تنفك عنه بينية ف‌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ثم إنه من هذا الباب حنين الأمهات إلى أولادها و عطفها عليهم و الحنين إلى الأوطان و الشوق إلى الآلاف و هي مناسبات في الجملة بين الأمرين إذا أراد الشخص أن يعرف عللها لم يقدر على ذلك و لكن يقارب إلا من حصل له التعريف الإلهي فذلك عالم بما هو الأمر عليه تلقاه من أصل الوجود بل من عين الوجود إذ الحق هو الوجود ليس إلا

«الباب السادس عشر و مائتان في معرفة الفتوح و أسراره»



إن الفتوح هو الراحات أجمعها و هو العذاب فلا تفرح إذا وردا
حي ترى عين ما يأتي به فإذا رأيته فاتخذ ما شئته سندا
الريح بشرى من الرحمن بين يدي ما شاء من رحمة فيها إذا قصدا
و قد تكون عذابا ما استعد له كريح عاد بنقل ثابت شهدا
فالمكر منه خفي فاستعد له عسى تحوز بذاك الفوز و الرشدا

[أن الفتوح على ثلاثة أنواع]

اعلم أيدنا اللّٰه و إياك بما أيد به الخاصة من عباده أن الفتوح عند الطائفة على ثلاثة أنواع

النوع الواحد فتوح العبارة
في الظاهر

قالوا و ذلك سببه إخلاص القصد و هو صحيح عندي و قد ذقته و هو

قوله عليه السلام أوتيت جوامع الكلام و منه إعجاز القرآن و قد سألت في الواقعة عن هذه المسألة فقيل لي لا تخبر إلا عن صدق و أمر واقع محقق من غير زيادة حرف أو تزوير في نفسك فإذا كان كلامك بهذه الصفة كان معجزا

و أما النوع الثاني من الفتوح فهو فتوح الحلاوة
في الباطن

قالت الطائفة هو سبب جذب الحق بإعطافه

و أما النوع الثالث فهو فتوح المكاشفة بالحق

قالت الطائفة هو سبب المعرفة بالحق و الجامع لذلك كله إن كل أمر جاءك من غير تعمل و لا استشراف و لا طلب فهو فتوح ظاهرا كان أو باطنا و له علامة في الذائق الفتوح و هي عدم الأخذ من فتوح الغير أو نتائج الفكر و من شرط الفتوح أن لا يصحبه فكر و لا يكون نتيجة فكر و كان شيخنا أبو مدين يقول في الفتوح أطعمونا لَحْماً طَرِيًّا كما قال اللّٰه تعالى لا تطعمونا القديد أي لا تنقلوا إلينا من الفتوح إلا ما يفتح به عليكم في قلوبكم لا تنقلوا إلينا فتوح غيركم يرفع بهذا همة أصحابه لطلب الأخذ من اللّٰه تعالى فاعلموا يا إخواننا أن مقام الفتوح محتاج إلى ميزان حقيقي و هو مقام فيه مكر خفي و استدراج فإن اللّٰه قد ذكر الفتح بالبركات مِنَ السَّمٰاءِ وَ الْأَرْضِ و ذكر الفتح بالعذاب هذا حتى لا يفرح العاقل بالفتح عند فتح الباب حتى يرى ما يفتح له قال بعضهم عند الموت هذا باب كنت أقرعه منذ كذا و كذا سنة هو ذا يفتح لي و لا أدري بما ذا قالت عاد هٰذٰا عٰارِضٌ مُمْطِرُنٰا حجبتهم العادة قيل لهم بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهٰا عَذٰابٌ أَلِيمٌ فلا تغتر بالفتح إذا لم تدر ما ثمة وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً

[الفتح الإلهي]

و لما كان الفتح الإلهي على نوعين في العالم فتح عن قرع و فتح ابتداء لا عن قرع فأما فتح القرع فيعلم أهل اللّٰه بما ذا يفتح فإن القرع هو دليلهم على ما يفتح به و ليس مطلوب القوم بالفتوح هذا النوع و إنما مطلوبهم بالفتوح ما يكون ابتداء من غير تعمل لذلك و إن كان يطلبه العمل من العبد الذي هو عليه بحكم التضمن و لكن ما يخطر للعبد العامل ذلك جملة واحدة فيكون الفتح في حقه إذا ورد ابتداء و إذا ورد الفتح على اختلاف ضروبه كما قررناه تعين على هذا العبد إقامة الوزن بالقسط كما أمره اللّٰه في قوله وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ فيقيم الوزن هذا العبد بين حاله الذي هو عليه و بين الفتح فإن كان الفتح مناسبا للحال فهو نتيجة حاله فيقيم عند ذلك وزنا آخر و هو أن ينظر في مقدار الفتح و قوة الحال فإن ساواه فهو نتيجة بلا شك فليحذر هذا العبد مكر اللّٰه في هذا الفتح فإنه نتيجة في غير موطنها فربما عجلت له عطيته و انقلب إلى الدار الآخرة صفر اليدين فإن كان الفتح مما يعطي أدبا و ترقيا فليس بمكر بل هو عناية من اللّٰه تعالى بهذا العبد حيث زاده فتحا يؤديه إلى زيادة خير عند اللّٰه تعالى و إن أقام الوزن بين مقدار الفتح و قوة الحال و رأى الفتح فوق الحال فينزل منه مقدار قوة الحال و ما زاد فذلك هو الفتوح الذي ذكرته الطائفة هذا أصل ينبغي أن بعلم و يتحقق و له شواهد يعلمها الذائق له و إن لم يدخل الفتح

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 505
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست