responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 5

الحق حلة وجوده فعينها باطن وجوده و وجودها عين موجدها فما ظهر إلا الحق لا غيره و عين العبد باق على أصله لكنه استفاد ما لم يكن عنده من العلم بذاته و بمن كساه حلة وجوده و بمعرفة أمثاله و رأى العالم بعضه بعضا بعين وجود ربه

[درجات المعارف الإلهية]

فمن نظر إلى ذاته بعين ربه و لم يميز فقد انحرف عما ينبغي له فهو العبد الموصوف بالجهل في عين الحق و حكمه في هذا الوصف و الحال حكم من لم يتصف بالوجود لأن الجهل عدم فمن قال في رؤيته ما رأى اللّٰه إلا اللّٰه فهو العبد الكامل و هكذا في كل نسبة و هذه أسنى درجات المعارف و تليها المعرفة الثانية التي يقول فيها صاحبها كنت مغمض العينين ففتحتهما فما وقعت على شيء إلا كان هو اللّٰه فما رأيت إلا اللّٰه و الأعيان على أصولها لا أثر لها في رؤيتى إياها و المعرفة الثالثة هي التي يقول فيها صاحبها ما رأيت شيئا و المعرفة الرابعة أن يقول ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّٰه قبله و هذه رؤية تحديد و كذلك فيما نزل عن هذه المعرفة من فيه و بعده و عنده و غير ذلك و هي هذه المعارف التي تعطي التحديد من النسبة النزولية التي توهم التشبيه و المعارف الأول التي ذكرناها من مقام كون العبد بين النسبتين لا غير و أما المعارف التي تحصل من نسبة التنزيه فلا تنقال و لا تأخذها عبارة و لا تصح فيها الإشارة

[أمهات المعارف الإلهية]

فانحصر لك الأمر في ثلاث معارف أمهات معرفة نسبة التنزيه و معرفة نسبة التحديد و التشبيه و معرفة أعطاها مقامك بين هاتين النسبتين و هو عينك لا وجود عينك لكون وجود عينك هو وجود الحق فلا ينسب إليك فمن لا علم له بهذه الأمهات فهو المنحرف

[أركان بيت النوع الإنسانى]

و اعلم أن لله في كل نوع من المخلوقات خصائص و قد ذكرنا ذلك في هذا الكتاب و هذا النوع الإنساني هو من جملة الأنواع و لله فيه خصائص وصفوه و أعلى الخواص فيه من العباد الرسل عليهم السلام و لهم مقام النبوة و الولاية و الايمان فهم أركان بيت هذا النوع و الرسول أفضلهم مقاما و أعلاهم حالا أي المقام الذي يرسل منه أعلى منزلة عند اللّٰه من سائر المقامات و هم الأقطاب و الأئمة و الأوتاد الذين يحفظ اللّٰه بهم العالم كما يحفظ البيت بأركانه فلو زال ركن منها زال كون البيت بيتا ألا إن البيت هو الدين ألا إن أركانه هي الرسالة و النبوة و الولاية و الايمان إلا أن الرسالة هي الركن الجامع للبيت و أركانه إلا إنها هي المقصودة من هذا النوع

[القطب الذي يحفظ اللّٰه به العالم موجود دائما بجسده و روحه]

فلا يخلو هذا النوع أن يكون فيه رسول من رسل اللّٰه كما لا يزال الشرع الذي هو دين اللّٰه فيه ألا إن ذلك الرسول هو القطب المشار إليه الذي ينظر الحق إليه فيبقى به هذا النوع في هذه الدار و لو كفر الجميع إلا أن الإنسان لا يصح عليه هذا الاسم إلا أن يكون ذا جسم طبيعي و روح و يكون موجودا في هذه الدار الدنيا بجسده و حقيقته فلا بد أن يكون الرسول الذي يحفظ اللّٰه به هذا النوع الإنساني موجودا في هذا النوع في هذه الدار بجسده و روحه يتغذى و هو مجلى الحق من آدم إلى يوم القيامة

[الرسل الأحياء بأجسادهم في الدار الدنيا]

و لما كان الأمر على ما ذكرناه و مات رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بعد ما قرر الدين الذي لا ينسخ و الشرع الذي لا يبدل و دخلت الرسل كلهم في هذه الشريعة يقومون بها و الأرض لا تخلو من رسول حي بجسمه فإنه قطب العالم الإنساني و لو كانوا ألف رسول لا بد أن يكون الواحد من هؤلاء هو الإمام المقصود فأبقى اللّٰه تعالى بعد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من الرسل الأحياء بأجسادهم في هذه الدار الدنيا ثلاثة و هم إدريس عليه السلام بقي حيا بجسده و أسكنه اللّٰه السماء الرابعة

[السموات السبع هن من عالم الدنيا]

و السموات السبع هن من عالم الدنيا و تبقي ببقائها و تفني صورتها بفنائها فهي جزء من الدار الدنيا فإن الدار الأخرى تبدل فيها السموات و الأرض بغيرهما : كما تبدل هذه النشأة الترابية منا نشئات أخر غير هذه كما وردت الأخبار في السعداء من الصفاء و الرقة و اللطافة فهي نشأت طبيعية جسمية لا تقبل الأثقال فلا يغوطون و لا يبولون و لا يتمخطون كما كانت هذه النشأة الدنياوية و كذلك أهل الشقاء

[أبقى اللّٰه في الأرض الياس و عيسى و الخضر]

و أبقى في الأرض أيضا الياس و عيسى و كلاهما من المرسلين و هما قائمان بالدين الحنيفي الذي جاء به محمد صلى اللّٰه عليه و سلم فهؤلاء ثلاثة من الرسل المجمع عليهم إنهم رسل و أما الخضر و هو الرابع فهو من المختلف فيه عند غيرنا لا عندنا فهؤلاء باقون بأجسامهم في الدار الدنيا فكلهم الأوتاد و اثنان منهم الإمامان و واحد منهم القطب الذي هو موضع نظر الحق من العالم فما زال المرسلون و لا يزالون في هذه الدار إلى يوم القيامة و إن لم يبعثوا بشرع ناسخ و لا هم على غير شرع محمد صلى اللّٰه عليه و سلم وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ

[الأوتاد الأربعة الذين يحفظ اللّٰه بهم الدين الحنيفي]

و الواحد من هؤلاء الأربعة الذين هم عيسى و الياس و إدريس و خضر هو القطب و هو أحد أركان بيت الدين و هو ركن الحجر الأسود و اثنان منهم هما الإمامان

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست