responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 497

مكاشفة بالعلم و مكاشفة بالحال و مكاشفة بالوجد

فأما مكاشفة العلم

فهي تحقيق الأمانة بالفهم و هو أن تعرف من المشهود لما تجلى لك ما أراد بذلك التجلي لك لأنه ما تجلى لك إلا ليفهمك ما ليس عندك فالمشاهدة طريق إلى العلم و الكشف غاية ذلك الطريق و هو حصول العلم في النفس و كذلك إذا خاطبك فقد أسمعك خطابه و هو شهود سمعي فإن المشاهدة آنذا للقوى الحسية لا غير و الكشف للقوى المعنوية فما أسمعك إلا لتفهم عنه و إذا أفهمك بأي نوع تجلى لك من إدراك صور الحواس فإنما ذلك الفهم أمانة منه عندك لتلك الأمانة أهل لا ينبغي لك أن تودعها إلا لأهلها و إن لم تفعل فأنت خائن و

قال عليه السلام المجالس بالأمانة أي لا تحدث بما وقع في المجالس إلا لمن أعطاك اللّٰه الفهم منها من ينبغي أن تتحدث معه بما وقع فيها فذلك أهلها و إذا حدثك إنسان و رأيته يلتفت فاعلم إن ذلك الحديث أمانة أودعها إياك فحظ المشاهدة ما أبصرت و ما سمعت و ما طعمت و ما شممت و ما لمست و حظ الكشف ما فهمت من ذلك كله و ما فهمت فهو أمانة و إذا كان أمانة حكم عليك الأمر الإلهي بأدائها إلى أهلها أو ردها و ردها أن تتناساها إذ ما قد علمت لا تقدر على جهله فتجعل نفسك كأنك ما أبصرت و ما سمعت و هذا باب صعب جدا على العارفين يحتاج إلى أدب و حفظ و مراعاة حد فإنه ليس بينه و بين الكذب إلا حجاب واحد و كذلك الخيانة ليس بينه و بينها إلا حجاب واحد و مراعاة الحد تحول بينك و بين الخيانة و الكذب فأما علم هذا فهو إذا سألك من يكرم عليك عما تحملته أمانة من شهود بصرك أو سمعك أو ما كان من قوى حواسك و السائل ليس من أهله و معنى ليس من أهله أن الذي أعطاك هذه الأمانة علمت منه لمن أراد أن توصلها إليه فإن أجبت السائل لكرامته عليك فقد خنت و إن لم تجب و عدلت في الجواب إلى أمر آخر يقنع به السائل و لو عرف ما سترت عنه عز عليه ذلك فقد كذبت كمسألة الخليل في الكذبات الثلاث أثرت عنده في القيامة فاستحيا من اللّٰه أن يكلمه في فتح باب الشفاعة مع القصد الجميل في ذلك و الصدق في دلالة اللفظ و لكن لم يكن ذلك مقصود المخاطب فسمي كذبا فانظر ما أخطر هذا الموضع و إن قلت ما عندي خبر كذبت أشد من التعريض و الحق أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ و جواب الصادقين عن ذلك الذين آثروا الحق على غيره أن يقولوا للسائل إن الذي سألت عنه لنا وجوه في الجواب عنه فلا أدري عن أي وجه سألت لتعلمه فإن قال لك فصل الوجوه قل له أنت ابن لي عن مقصودك فإذا قال لك مقصوده من الجواب فإن كان مما يدخل في الأمانة فقل له إنه أمانة أخذ علينا العهد في حفظها و حق اللّٰه أحق أن يراعى و لا تستحي في ذلك منه و إن كرم عليك أو كان ذا سلطان و لا يكون السموأل اليهودي المحجوب أوفى منك و أنت العارف المشاهد حتى ضرب به المثل في الوفاء و إن ذكر هذا السائل وجه مطلوبه من حيث لا تعلق له بالأمانة فأجبه و لا بد لينتفع و لا تعطه ما ليس في وسعه حمله فيعود وباله عليك فهذا معنى قولهم تحقيق الأمانة بالفهم

و أما المكاشفة
بالحال

و هي تحقيق زيادة الحال فاعلم إن كل متصف بصفة في كل وقت فإن تلك الصفة هي حاله في ذلك الوقت أي صفة كانت و لهذا لا يأتي الحال إلا بعد تمام الكلام أي لو لم تذكر لأفاد الكلام دونها فإن كانت هي المقصودة بالإخبار عنها فما أفاد الكلام بالنظر إلى قصد المخبر تقول رأيت زيدا فاستقل الكلام و تم ثم بعد ذلك زدت راكبا فتقول رأيت زيدا راكبا أي في حال ركوبه فإن كان مقصودك التعريف برؤيتك إياه راكبا فما تم الكلام بهذا الاعتبار أي ما حصلت الفائدة التي اعتبرتها و قصدتها و لكن حصلت فائدة بالجملة و هي رؤية زيد أنك رأيته و لم تذكر على أي حالة فهذا معنى تحقيق زيادة الحال أن يتحقق إن الحال زائدة على ما تقع به الفائدة مطلقا من غير نظر إلى قصد و هذا راجع إلى الأول الذي هو تحقيق الأمانة بالفهم فلو لقيك أحد سألك هل رأيت زيدا فقلت له رأيته ثم زدت حالا لم يسألك عنها فقلت له مسافرا و كان في نفسه عند سؤاله هل رأيت زيدا حتى يعلم أنه في البلد فيجتمع به فلما قلت له مسافرا أعلمته بهذه الزيادة التي هي زيادة الحال بسفره فارحته من طلب الاجتماع به إذ لا يتمكن له ذلك مع كونه ليس في البلد فهذا و أمثاله من زيادة الحال و أما في طريق أهل اللّٰه فزيادة الحال هي أن تشهد ذاتا ما على حال ما فتطلع من ذلك الحال إلى ما يؤول إليه أمره لأجل ذلك الحال فسمى مثل هذا زيادة الحال و مكاشفة بالحال مثال ذلك أن تشاهد ذاتا ما على حال خاص من حركة أو سكون أو صفة ملائمة طبع الناظر أو غير ملائمة فتعرف من ذلك الحال أمرا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 497
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست