responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 492

ذنبك فلم يذكرك إياه فإنك إن ذكرته أحصرته بينك و بين الحق و هو قبيح الصورة فجعلت بينك و بين الحق صورة قبيحة تؤذن بالبعد فهذا فائدة النسيان لما قال اللّٰه لنبيه عليه الصلاة و السلام لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ لم يزل جبريل ينزل عليه في صورة دحية و كان أجمل أهل زمانه يقول له بصورة الحال يا محمد ما بيني و بينك إلا صورة الحسن و الجمال فإن جبريل كان بينه و بين اللّٰه و كان من جمال دحية إنه لما ورد إلى المدينة و خرج الناس إليه نساء و رجالا فما رأته حامل إلا ألقت ما في بطنها لما أدركها في نفسها مما رأته من حسن صورته فالله ينسى التائبين من العارفين ذنوبهم السالفة و لهذا غفرت أي سترت عنهم و الستر على نوعين إما أن تستر عنهم جملة واحدة و إما أن تبدل بحسنة فتحسن صورة تلك السيئة بالتوبة فتظهر له حسنة كما قال يُبَدِّلُ اللّٰهُ سَيِّئٰاتِهِمْ حَسَنٰاتٍ أي يرد قبحها حسنا فمن تنبيهات الحق قوله تعالى فَأُوْلٰئِكَ يُبَدِّلُ اللّٰهُ سَيِّئٰاتِهِمْ حَسَنٰاتٍ فإذا علموا ذلك أسرعوا في الرجعة إلى اللّٰه و سارعوا إليها فهذا قد أبنت لك معنى حال العلة عند الطائفة و ما تؤثر في الرجال «بسم اللّٰه الرحمن الرحيم»

«الباب الثامن و مائتان في حال الانزعاج»



إذا انتبه القلب السليم من النوم تحرك تحريك انزعاج من الوجد
إلى طلب الأنس الذي قد أقامه فأول ما يلقي التحقق بالزهد
فيدعي بعبد و هو سيد وقته و شتان ما بين السيادة و العبد
فيفني به عنه ليبقى بربه نزيها عن الفصل المقوم و الحد
مع الحد للعهد الذي كان بينهم و ذلك برهان على كرم الود

[الانزعاج حال انتباه القلب من سنة الغفلة و التحرك للانس و الوجد]

اعلم أن الانزعاج عند الطائفة حال انتباه القلب من سنة الغفلة و التحرك للانس و الوجد فالانزعاج حكم العلة على هذا أي العلة أورثته هذا الانزعاج و هو اندفاع النفس من حال صح لها إلى أصلها الذي خرجت عنه لأنه من ذلك الأصل دعاها و الأصل طاهر فهو اندفاع بشهوة شديدة و قوة و لهذا الانزعاج أسباب مختلفة فمنهم من تزعجه الرغبة و منهم من تزعجه الرهبة و منهم من يزعجه التعظيم فأما انزعاجه للانس و الوجد فقد يكون فهما و قد يكون لقاء و قد يكون إلقاء و قد يكون تلقيا فمن ذلك ما يكون عن خاطر إلهي و عن خاطر ملكي و عن خاطر شيطاني و عن خاطر نفسي و لكن لا يكون لهذا الولي عن النفس و الشيطان إلا بفهم يرزقه اللّٰه فيه عناية من اللّٰه لا إن الشيطان له عليه سلطان بل الشيطان في خدمته و هو لا يشعر و ساع بما يلقي إليه في سره في ارتقاء درجة هذا الولي من حيث لا يعلم الشيطان و هذا من مكر اللّٰه الخفي بإبليس لأنه يسعى في ترقي درجات العارفين من حيث يتخيل أنه ينزلهم عنها و إذا كان الأمر على هذا فلنقل إن حال العلة إذا تحقق في العبد أظهر في النفس انزعاجا و لا بد و انزعاجه أولا إنما هو ليفارق الحال التي كان عليها لما كشف اللّٰه عن بصيرته بالعلة فرأى نفسه في محل البعد فانزعج لذلك رغبة في مفارقة ذلك الموطن من غير تعيين حضرة من حضرات القرب فإذا فارق ذلك الموطن بقدم واحدة و زال عن شهوده أخذ نفسه ساعة و استراح و هو ما يجده المريد من اللذة و حلاوة التوبة التي تهون عليه ركوب الشدائد و تسهل عليه صعوبة طريقه يجد كل أحد هذا من نفسه في هذا الحال لا يقدر على إنكاره فإذا فارق موطن المخالفة بانزعاجه و استراح حينئذ يتهدى على نفسه و يفتح عينيه و يعلم أنه قد تخلص مما كان فيه فحينئذ يقوم له ما يؤثر عنده الانزعاج إليه فأول الانزعاج أبدا في هذا الطريق إنما هو منه و في ثاني حال يظهر حكم الانزعاج إليه فإن أقيم له في أول نظرة ما يستحقه جلال اللّٰه من التعظيم أو كان هذا الرجل ممن تقدم له العلم بالله من حيث الأدلة النظرية فيكون انزعاجه تعظيما لله لا رغبة فيما عنده بل ينزعج لأداء حق ما تعين عليه لله تعالى و ما تعطيه مرتبة العبد من سيده فما هو مشغول بما ينعم عليه و يرغبه فيه من لذات نفسه بل يرى ما لله عليه من الحقوق فيجهد نفسه في أداء ذلك و هو قوله اِتَّقُوا اللّٰهَ حَقَّ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 492
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست