responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 488

إلا في الحضرة البرزخية و إن كان اللّٰه قد أتحفنا برؤيتها حسا بمدينة قرطبة يوما واحدا اختصاصا إلهيا و ورثا نبويا محمديا و هذه الأنوار الرياحية لها سلطان و قوة على جميع بنى آدم إلا أهل اللّٰه فإن هذه الأنوار تندرج في أنوارهم اندراج أنوار الكواكب في نور الشمس و ذلك لضعف نور البصر و إذا غشيت هذه الأنوار من شاء اللّٰه من العامة لا تغشاه إلا كالسحاب المظلم و إذا غشيت أهل اللّٰه لا تغشاهم إلا و هي أنوار على هيأتها

[أنوار الأرواح]

و أما أنوار الأرواح فمنا من يجعلها أنوار العقول و منا من يجعلها أنوار الرسل و لها القوة و السلطان و النفوذ في الكون لا يقف لها شيء غير أن لها حدودا تقف عندها لا تتعداها إذا شاهدها العبد يكشف بها ما غاب من العلوم المضنون بها على غير أهلها و هي أنوار سبوحية قدوسية تنزل من الحق المخلوق به إلى سدرة المنتهى و تطرح شعاعاتها على قلوب العارفين أهل الشهود التام فقلوبهم مطارح شعاعات هذه الأنوار و ليس في هذا الصنف الإنساني أكمل منهم في العلم فإن هذه الأنوار لا يقف لها حجاب إلا المشيئة الإلهية خاصة و قليل من عباد اللّٰه من تطرح على قلبه هذه الأنوار شعاعاتها على الكشف و هي مجالي الصادقين من عباد اللّٰه تعالى

[أنوار الأنوار]

و أما أنوار الأنوار فهي السبحات التي لو كشف الحق الحجاب الذي يسترها عنا لاحترقنا هي أشعة ذاتية إذا انبسطت ظهرت أعيان الممكنات فالممكنات هي الحجاب بيننا و بينها و هذا هو النور العظيم لا الأعظم إليه الإشارة بقوله تعالى في حق أهل الكتب الإلهية المنزلة بالأعمال المشروعة بقوله وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقٰامُوا التَّوْرٰاةَ و هم الموسويون وَ الْإِنْجِيلَ و هم العيسويون وَ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ و هم أصحاب الصحف و ما بقي من الكتب لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ و هي علوم خارجة عن الكسب وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ و هي علوم دخلت تحت الكسب فهي من علوم التحت و الفوق و إنه إذا كان النور بهذه الصفة لم يكن من تحتنا بل يكون هو الذي يصرفنا و أما النور الذي يكون من تحتنا فهو الذي نحكم عليه و هو المعبر عنه بالأكل من تحت الأرجل و أما النور الذي هو عين ذاتنا فهو كما

دعا فيه صلى اللّٰه عليه و سلم و اجعلني نورا فهو عين ذاته و

رواية و اجعل لي نورا هو جميع ما ذكرنا من الأنوار و أما قوله اجعلني نورا فهو مشاهدة نور ذاته إذ لا يشهد إلا به فإن ذاته ما قبلت هذه الأنوار من هذه الجهات الست إلا لعدم إدراكها نور نفسها الذي

قال في ذلك رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من عرف نفسه عرف ربه و اَللّٰهُ نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ و مثله بما مثله و هو أنت عين ذلك الممثل و المثل فتشاهد الأنوار منفهقة منك يتنور بذاتك عالم سماواتك و أرضك فما تحتاج إلى نور غريب تستضيء به فأنت المصباح و الفتيلة و المشكاة و الزجاجة و إذا عرفت هذا عرفت الزيت و هو الإمداد الإلهي و عرفت الشجرة و إذا كانت الزجاجة كالكوكب الدري و هو الشمس هنا فما ظنك بالمصباح الذي هو عين ذاتك فلا يكن يا أخي دعاؤك أبدا إلا أن يجعلك اللّٰه نورا و هنا سر عجيب أنبهك عليه من غير شرح لأنه لا يحتمل الشرح و هو أن اللّٰه يضرب الأمثال لنفسه و لا تضرب له الأمثال فيشبه الأشياء و لا تشبهه الأشياء فيقال مثل اللّٰه في خلقه مثل الملك في ملكه و لا يقال مثل الملك في ملكه مثل اللّٰه في خلقه فإنه عين ما ظهر و ليس ما ظهر هو عينه فإنه الباطن كما هو الظاهر في حال ظهوره فلهذا قلنا هو مثل الأشياء و ليست الأشياء مثله إذ كان عينها و ليست عينه و هذا من العلم الغريب الذي تغرب عن وطنه و حيل بينه و بين سكنه فأنكرته العقول لأنها معقولة غير مسرحة و هذا انموذج من تجلى أنوار الأنوار

[أنوار المعاني المجردة عن المواد]

و أما أنوار المعاني المجردة عن المواد فلا تنقال فإنه لو انقالت لدخلت في المواد لأن العبارات من المواد و قد قلنا إنها مجردة لذاتها عن المواد لا إنها تجردت لأنها لو تجردت لكسوناها المواد إذا شئنا و لم تمتنع لأنها قد كانت فيها فهي تعلم خاصة و لا تقال و لا تحكي و لا تقبل التشبيه و لا التمثيل

[أنوار الأرواح]

و أما أنوار الأرواح فهي أنوار روح القدس الجامع فمن أرسل من هذه الأرواح كان ملكا و من لم يرسل بقي عليه اسم الروح مع الاسم الخاص به العلم في الطائفتين المرسلين و غير المرسلين فهو روح خالص لم يشبه ما يخرجه عن نفسه و هو روح ذو روح في روحيته و ليس إلا الأرواح المهيمة و أرواح الأفراد منا تشبهها بعض شبه فلا يقع التجلي في أنوار أرواح إلا للافراد و لهذا قال الخضر لموسى مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً لأنه من الأفراد و إن الأنبياء يقع لهم التجلي في أنوار الأرواح الملائكة و ليس للافراد هذا التجلي بل هو مخصوص بالأنبياء و الرسل و هو قول خضر أنت على علم علمكه اللّٰه لا أعلمه أنا لأنه ليس له هذا التجلي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 488
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست