responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 477

مجهولة التعلق لا يعرف مرادها إلا بتعريف إلهي فإذا أكده بالقسم عليه و الإيلاء كان أرفع للحرج من نفس المقسوم له كما نفس اللّٰه عن المؤمنين غير الموقنين بقسمه على الرزق و ما وعد به من الخير المطلق و المقيد بالشروط لمن وقعت منه و وجدت فيه أنه لحق مثل ما إنكم تنطقون فنفس اللّٰه عنهم بذلك و حصل لهم اليقين و ما بقي لهم بعد إلا الاضطراب الطبيعي فإن الآلام الطبيعية المحسوسة ما في وسع الإنسان رفعها إذا حصلت بخلاف الآلام النفسية فإنه في وسعه رفعها فوقع التنفيس بالقسم إن الرزق من اللّٰه لا بد منه و بقي في قلب بعض الموقنين بذلك من الحرج تعيين وقت حصوله ما وقع به التعريف و لو وقع لم يرفع الاضطراب الطبيعي فلما علم الحق أنه لا ينفس في تعيين الأوقات لذلك لم يوقع بها التعريف فإن الطبع أملك و الحس أقوى في الذوق من النفس و سبب ذلك أن المحسوس على صورة واحدة لا تتبدل و النفس تقبل التحول في الصور فلذلك لا يرتفع حكم الطبع في وجود الآلام الحسية لثبوته و ترتفع الآلام النفسية لسرعة تبدلها في الصور و لا يفنى أحد عن الآلام الطبيعية إلا بوارد إلهي أو روحاني قوي يرفع عنه ألم الطبع إن قام به و يكون موجب ذلك الوارد إما أمر محسوس أو معقول لا يتقيد كورود غائب عليه يحبه فيفنيه شغله بما حصل له من الفرح بوروده عن ألم الجوع و العطش الذي كان يجده قبل رؤية هذا الغائب أو السماع بقدومه فهذا موجب محسوس و الموجب المعقول معلوم عند العلماء فظهر في الأقسام الإلهية نفس الرحمن غاية الظهور و أعطى هذا القسم عند العلماء تعظيم المقسوم به إذ لا يكون القسم إلا بمن له مرتبة في العظمة فعظم اللّٰه بالقسم جميع العالم الموجود منه و المعدوم إذ كانت أشخاصه لا تتناهى فإنه أقسم به كله في قوله فَلاٰ أُقْسِمُ بِمٰا تُبْصِرُونَ وَ مٰا لاٰ تُبْصِرُونَ و هو الموجود الغائب عن البصر و المعدوم و دخل في هذا القسم المحدث و القديم غير أنه لما علم اللّٰه عظمته في قلوب عباده موحدهم و مشركهم و مؤمنهم و كافرهم و قد أقسم لهم بالمحدثات و بغير نفسه و علم أنه قد تقرر عندهم أنه لا يكون القسم إلا بعظيم عند المقسم فبالضرورة يعتقد العالم تعظيم المحدثات و لا سيما و قد أيد ذلك في بعض المحدثات بقوله وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعٰائِرَ اللّٰهِ و هي محدثات فَإِنَّهٰا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ و من صفات الحق الغيرة فحجر من كونه غيورا علينا أن نقسم بغيره مع اعتقادنا عظمة الغير بتعظيم اللّٰه فهذا التحجير دواء نافع لما أورثه القسم بالمحدثات في القلوب الضعيفة البصائر عن إدراك الحقائق من العلل و الأمراض و الأقسام كثيرة و لا فائدة في ذكرها مع ما ذكرناه من الأمر الجامع لها فهو يغني عن تفصيلها فإن الكتاب يطول بذكرها و كل إنسان إذا وقف على قسم منها عرف فيما وقع و ما نفس اللّٰه به و عمن نفس اللّٰه به من أول وهلة و إنما ينبغي لنا أن نذكر ما يغمض على بعض الأفهام أو أكثرها لحصول الفوائد العزيزة المنال عند أكثر الناس

«وصل»

و من نفس الرحمن تشريع الاجتهاد في الحكم في الأصول و الفروع و مراعاة الاختلاف و ثبوت الحكم من جانب الحق بإثباته إياه أنه حكم شرعي في حق المجتهد تحرم عليه مخالفته مع التقابل في الأحكام فقرر الحكمين المتقابلين و جعل المجتهدين في ذلك مأجورين فشرع المجتهد من الشرع الذي أذن اللّٰه فيه لهذه الأمة المحمدية أن يشرعه و لا أدري هل خصت به أو لم يزل ذلك فيمن قبلها من الأمم و الظاهر أنه لم يزل في الأمم فإن نفس الرحمن يقتضي العموم و لا سيما و قد جاء في القرآن ما يدل على أن ذلك لم يزل في الأمم في قوله تعالى وَ رَهْبٰانِيَّةً ابْتَدَعُوهٰا و ما ابتدعوها إلا باجتهاد منهم و طلب مصلحة عامة أو خاصة و أثنى على من رعاها حق رعايتها و ذكر هذا في بنى إسرائيل و كذلك في قوله في الأصول وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ لاٰ بُرْهٰانَ لَهُ بِهِ يعني في زعمه فإنه في نفس الأمر ليس إلا إله واحد و لهذا قرر صلى اللّٰه عليه و سلم حكم المجتهد سواء أصاب أو أخطأ بعد توفيته حق الاجتهاد جهد طاقته و ما رزقه اللّٰه من قوة النظر في ذلك و قرر له الأجر مرة واحدة إن أخطأ و مرتين إن أصاب فاعلم أن المجتهد قد يخطئ ما هو الأمر عليه في نفسه و مع هذا قد تعبده به و أعطاه على ذلك أجر الاجتهاد لما فيه من المشقة لأنه من الجهد و الجهد بذل الوسع خاصة فإن اللّٰه ما كلف عباده إلا وسعهم في نفس الأمر و لم يخص صلى اللّٰه عليه و سلم في الاجتهاد فرعا من أصل بل عم فمن خصص ذلك بالفروع دون الأصول فهو من الاجتهاد أيضا تخصيص ذلك و تعميمه و كلاهما مأجور في اجتهاده

«وصل»

و من نفس الرحمن أيضا قوله تعالى حكاية عن معصوم في قوله عن الخطاء و هو رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم مٰا مِنْ دَابَّةٍ إِلاّٰ هُوَ آخِذٌ بِنٰاصِيَتِهٰا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 477
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست