responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 476

فلا يخلو كل واحد منهما أن يجمعهما مقام واحد أعلى أو أدنى أو متوسط أو لا يجمعهما فإن جمعهما مقام واحد فلا يخلو إما أن يكون ذلك المقام مما يقتضي التنزيه أو التشبيه أو المجموع و على كل حال فحكم التجلي من حيث الظهور واحد و من حيث ما يجده المتجلي له مختلف الذوق لاختلافهما في أعيانهما لأن هذا ما هو هذا لا في الصورة الطبيعية و لا الروحانية و لا في المكانية و إن كان هذا مثل لهذا و لكن هذا ما هو هذا فغايتهما إما أن يتحقق كل واحد منهما بمعرفته بنفسه و نفس هذا غير هذا فيحصل من العلم لهذا ما لم يحصل لهذا فنعلم أنهما و إن اجتمعا في عين الفرق أو يتحقق الواحد بمعرفته بنفسه و يفنى الآخر عن مشاهدة ذاته فيختلفان في عين الجمع أو يعطي الواحد ما يعطي المراد و يعطي الآخر ما يعطي المريد فعلى كل وجه هما مختلفان في الوجود متفقان في الحال و الشهود فإن اقتضى المقام التنزيه لكل واحد منهما فغاية تنزيه كل واحد منهما أن ينزهه عن صورة ما هو عليها في نفسه فهما مختلفان بلا شك و إن كانا مثلين و إن اقتضى ذلك المقام التشبيه فالحال مثل الحال و كذلك إن اقتضى المجموع فإن المجموع إنما هو جميع طرفين في حضرة وسطي فالحال الحال فلا يجتمعان أبدا في الوجود و إن اجتمعا في الشهود و إن لم يجمعهما مقام واحد و كان كل واحد في مقام ليس للآخر و ظاهر بصورة ما هي لصاحبه و إن اجتمعا في الصورة إلا أنهما أعطيا من القوة بحيث أن يشهد كل واحد منهما حضور صاحبه في بساط ذلك المشهود لكون المشهود تجلى في صورة مثالية و هذا التجلي و الشهود هو الذي يجمع فيه صاحبه بين الخطاب و الشهود إن شاء المشهود و أما في غير هذه الحضرة فلا يجتمع شهود و خطاب و لا رؤية غير و حكمهما إذا كانا بهذه المثابة حكم من جمعهما مقام واحد في معرفته بنفسه أو فناء أحدهما أو يقام أحدهما مرادا و الآخر مريدا فيخبر المريد عن قهر و شدة و يخبر المراد عن لين و عطف و ما ثم إلا هذا و لا يخبر واحد منهما عما حصل لصاحبه فإن الإلقاء لكل واحد منهما إنما يكون بالمناسب الذي يقتضيه المزاج الخاص به الذي كان سبب اختلاف صور أرواحهما في أصل النشأة فإذا رجع إلى أصحابه من هذه حاله يقول و إن كان أحدهما في المغرب و الآخر في المشرق لأصحابه في هذه الساعة أشهد فلان و عاينته و عرفت صورته و من حليته كذا و كذا فيصفه بما هو عليه من الصفات فمن لا علم له بالحقائق منهما فإنه يقول و أعطاه الحق مثل ما أعطاني و الأمر ليس كذلك فإن كل واحد منهما لم يحصل له إسماع ما للآخر و ذلك لافتراقهما في المناسب كما قدمنا و إن كان من أهل الحقائق و المعرفة التامة و يقال له فما حصل له فيقول لا أدري فإني لا أعرف إلا ما تقتضيه صورتي و ما أنا هو فإن الحق لا يكرر صورة

«وصل»

و لما كان هذا الباب يضم كل ذي نفس حقا و خلقا احتجنا أن نبين فيه ما نفس الرحمن به عن نفسه لما وصف نفسه بأنه أحب أن يعرف و معلوم أن كل شيء لا يعلم شيئا إلا من نفسه و هو يحب أن يعرفه غيره و لا يعرفه ذلك الغير إلا من نفسه فإن لم يكن العارف على صورة المعروف فإنه لا يعرفه فلا يحصل المقصود الذي له قصد الوجود فلا بد من خلقه على الصورة لا بد من ذلك و هو تعالى الجامع للضدين بل هو عين الضدين ف‌ هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّٰاهِرُ وَ الْبٰاطِنُ فخلق الإنسان الكامل على هذه المنزلة فالإنسان عين الضدين أيضا لأنه عين نفسه في نسبته إلى النقيضين ف‌ هُوَ الْأَوَّلُ بجسده وَ الْآخِرُ بروحه وَ الظّٰاهِرُ بصورته وَ الْبٰاطِنُ بموجب أحكامه و العين واحدة فإنه عين زيد و هو عين الضدين فزيد هو عين الأخلاط الأربعة المتضادة و المختلفة ليس غيره و ذو الروح النفسي و المركب الطبيعي و هنا قال الخراز عرفت اللّٰه بجمعه بين الضدين فقال صاحبنا تاج الدين الأخلاطي حين سمع هذا منا لا بل هو عين الضدين و قال الصحيح فإن قول الخراز يوهم أن ثم عينا ليست هي عين الضدين لكنها تقبل الضدين معا و الأمر في نفسه ليس كذلك بل هو عين الضدين إذ لا عين زائدة فالظاهر عين الباطن و الأول و الآخر و الأول عين الآخر و الظاهر و الباطن فما ثم إلا هذا فقد عرفتك بالنشأة الإنسانية أنها على الصورة الإلهية و سيرد الكلام في خلق الإنسان من حيث مجموعه الذي به كان إنسانا في الباب الحادي و الستين و ثلاثمائة في فصل المنازل في منزل الاشتراك مع الحق في التقدير

«وصل»

الأقسام الإلهية من نفس الرحمن الواردة في القرآن و السنة فإن بها نفس اللّٰه عن المقسوم له ما كان يجده من الحرج و الضيق الذي يعطيه في الموجودات قوله فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ و إرادته

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 476
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست