responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 474

فيها هذه الصور كما لا يتغير الجوهر عن جوهريته بما يظهر عليه من الأحوال و الأعراض فإن ذلك الظاهر حكم المعنى المبطون الذي لا وجود له إلا بالحكم في عين الناظر فأحكامه لا موجودة و لا معدومة و إن كانت ثابتة فيعتمد على العالم بأنه علامة لا على اللّٰه فإن اللّٰه غني عن العالمين و إنما هو علامة على ثبوت المعاني التي لها هذه الأحكام الظاهرة في عين حق فالعالم علامة على نفسه و هكذا كل شيء فلا شيء أدل من الشيء على نفسه فإنها دلالة لا تزول و الدلالات الغريبة تزول و لا تتبعت فمن اعتمد على العالم من هذا الوجه فقد اعتمد على أمر صحيح لا يتبدل و لا يكون الاعتماد على الحقيقة إلا عليه على هذا الوجه فإن الحق إذا كان كل يوم في شأن فلا يدرى ما يكون ذلك الشأن فلا يقدر على الاعتماد على من لا يعلم ما في نفسه فالكامل من أهل اللّٰه من يتنوع لتنوع الشئون فإن الحق ما يظهر في الوجود إلا بصور الشئون فيكون اعتماد هذا الشخص اعتمادا إلهيا أي هو متصف في ذلك بنعت الحق في قبوله الشئون التي تظهر للعالم بها و هذا من العلم المضنون به على غير أهله فاعلم ذلك وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الفصل السابع و الأربعون»في الاعتماد على الوعد قبل كونه

و هو الاعتماد على المعدوم لصدق الوعد

[إن الخبر الصادق إذا لم يكن حكما لا يدخله نسخ]

اعلم أن هذا الباب ما نفس اللّٰه به عن عباده و هو نفس الرحمن فإن الخبر الصدق إذا لم يكن حكما لا يدخله نسخ و قد ورد بطريق الخبر الوعد و الوعيد فجاء نفس الرحمن بثبوت الوعد و نفوذه و التوقف في نفوذ الوعيد في حق شخص شخص و ذلك لكون الشريعة نزلت بلسان قوم الرسول صلى اللّٰه عليه و سلم فخاطبهم بحسب ما تواطئوا عليه فمما تواطئوا عليه في حق المنعوت بالكرم و الكمال إنفاذ الوعد و إزالة حكم الوعيد فقال أهل اللسان في ذلك على طريق المدح

و إني إذا أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادى و منجز موعدي

و قد ورد في الصحيح ليس شيء أحب إلى اللّٰه من أن يمدح و المدح بالتجاوز عن المسيء غاية المدح فالله أولى به تعالى و الصدق في الوعد مما يتمدح به قال تعالى فَلاٰ تَحْسَبَنَّ اللّٰهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ فذكر الوعد و أخبر عن الإيعاد في تمام الآية بقوله إِنَّ اللّٰهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقٰامٍ و قال في الوعيد بالمشيئة و في الوعد بنفوذه و لا بد و لم يعلقه بالمشيئة في حق المحسن لكن في حق المسيء علق المشيئة بالمغفرة و العذاب فيعتمد على وعد اللّٰه فلا ظهور له إلا بوجود ما وعد به و هو بعد ما وجد و الاعتماد عليه لا بد منه لما يعطيه التواطؤ في اللسان و صدق الخبر الإلهي بالدليل و اللّٰه عند ظن عبده به فليظن به خيرا و الظن هنا ينبغي أن يخرج مخرج العلم كما ظهر ذلك في قوله عَلَى الثَّلاٰثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ... وَ ظَنُّوا أَنْ لاٰ مَلْجَأَ مِنَ اللّٰهِ إِلاّٰ إِلَيْهِ أي علموا و تيقنوا و قال أهل اللسان في ذلك

فقلت لهم ظنوا بالغي مدجج
أي تيقنوا

[أن مرتبة الظن برزخية]

و اعلموا فإن الظن لما كانت مرتبته برزخية لها وجه إلى العلم و إلى نقيضه ثم دلت قرائن الأحوال على وجه العلم فيه حكمنا عليه بحكم العلم و أنزلناه منزلة اليقين مع بقاء اسم الظن عليه لا حكمه فإن الظن لا يكون إلا بنوع من ترجيح يتميز به عن الشك فإن الشك لا ترجيح فيه و الظن فيه نوع من الترجيح إلى جانب العلم و كذا قال أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا فأبان أن في الظن ترجيحا و لا بد إما إلى جانب الخير و إما إلى جانب الشر و اللّٰه عند ظن عبده به و لكن ما وقف هنا لأن رحمته سبقت غضبه فقال معلما فليظن بي خيرا على جهة الأمر فمن لم يظن به خيرا فقد عصى أمر اللّٰه و جهل ما يقتضيه الكرم الإلهي فإنه لو وقع التساوي من غير ترجيح كالشك لكان من أهل من يقول إن عدله لا يؤثر في فضله و لا فضله في عدله فلما كان الظن يدخله الترجيح أمرنا الحق أن نرجح به جانب الخير في حقنا ليكون عند ظننا به فإنه رحيم فمن أساء الظن بأمر فإن العائد عليه سوء ظنه لا غير ذلك و اللّٰه يجعلنا من أهل العلم و إن قضى علينا بالظن فنظن الخير بالله و قد فعل بحمد اللّٰه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الفصل الثامن و الأربعون»في الاعتماد على الكنايات

و ما يظهر منها من الفتوح و هي المعبر عنها بالإنية في الطريق و كيف يعتل الصحيح و يصح المعتل

[أن كل ما سوى اللّٰه فإنه معلول بالذات صحيح بالعرض]

اعلم أيدك اللّٰه أن كل ما سوى اللّٰه فإنه معتل بالذات صحيح بالعرض فإن الصحة تعرض للمحدث إذا أحبه اللّٰه حب سبب كحبه لأصحاب التقرب بالنوافل فيكون الحق سمعهم و بصرهم فيزول عنه المرض و الاعتلال و يصح فينفذ بصره في كل مبصر و سمعه في كل مسموع و أما الصحيح بالذات المعتل بالعرض فهو

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 474
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست