responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 465

ينبغي أن يقال في الحركات المعنوية و الحسية إنها ثلاث حركات حركة من الوسط و هي التي تعطي ما ظهر عن الأصل الذي منه تنشأ الأجسام الطبيعية و حركة إلى الوسط و هي الإمداد الإلهي و حركة في الوسط و هي ما به بقاء عين الأصل و ما من نبات إلا و هو دواء و داء أي فيه منفعة و مضرة بحسب قبول الأمزجة البدنية و ما هي عليه من الاستعداد فيكون المضر لبعض الأمزجة عين ما هو نافع لمزاج غيرها فلو كان لعينه لم يختلف حكمه و إنما كان للقابل و القابل نبات كما هو نبات فما أثر بضرره و لا نفعه إلا في نفسه من كونه نباتا و إن كثرت أشخاصه و تميزت بالشخصية و إنما نبهنا بهذا على أعيان أشخاص العالم و ما أثر بعضه في بعضه و العين واحدة بالحد الذاتي كثير بالصور العرضية و قد أعلمتك في غير موضع من هو عين العالم الظاهر و أنه غير متغير الجوهر و لمن هو الحكم الذي ظهر به التغيير في هذه العين و أنه مثل ظهور التغيير في صور المرآة لتغيير هيأت الرائي و قد يكون لتغيير المتجليات في أنفسها و المرآة محل ظهور ذلك لعين الرائي فالعماء الذي هو النفس الإلهي هو القابل لهذه الصور كلها فاعلم ذلك وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الفصل الرابع و الثلاثون»في الاسم الإلهي المذل

و توجهه على إيجاد الحيوان و له من الحروف الذال المعجمة و من المنازل سعد السعود قال تعالى وَ ذَلَّلْنٰاهٰا لَهُمْ فَمِنْهٰا رَكُوبُهُمْ وَ مِنْهٰا يَأْكُلُونَ و قال وَ سَخَّرَ لَكُمْ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ فدخل الحيوان في ذلك

[جعل اللّٰه الحيوان مسخرا للإنسان باسم المذل]

و هذا حكم الاسم المذل في العالم بالتسخير حتى في المسخر له جعل اللّٰه بعضه مسخر البعض من الاسم المذل فإن أصل الكل مخلوق من الأرض و هي الذلول بالجعل الإلهي كما هي العزيزة بالأصالة و جعل علة تسخير بعضها لبعض مع كون العالم مسخرا لنا رفعة لبعضنا على بعض بالدرجة التي يحتاج إليها المسخر المفعول قال تعالى وَ رَفَعْنٰا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجٰاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا فاعلم أيدك اللّٰه بروح منه أني ما أتكلم في هذه الموجودات في هذا النفس الإلهي إلا من حيث حكم الاسم الإلهي الذي أذكره مع ذلك الموجود من العالم خاصة و بعض ما له فيه من الأثر

[أن التسخير قد يكون إذلالا و قد يكون للقيام بما يحتاج إليه ذلك
المسخر له بالحال]

فاعلم أن التسخير قد يكون إذلالا و قد يكون للقيام بما يحتاج إليه ذلك المسخر له بالحال و هذا الفرقان بين التسخيرين بما تعطيه حقيقة المسخر و المسخر له فالعبد الذي هو الإنسان مسخر لفرسه و دابته فينظر منها في سقيها و علفها و تفقد أحوالها مما فيه صلاحها و صحتها و حياتها و هي مسخرة له بطريق الإذلال لحمل أثقاله و ركوبه و استخدامه إياها في مصالحه و هكذا في النوع الإنساني برفع الدرجات بينهم فبالدرجة يسخر بعضهم بعضا فتقتضي درجة الملك أن يسخر رعيته فيما يريده بطريق الإذلال للقيام بمصالحه لافتقاره إلى ذلك و تقتضي درجة الرعايا و السوقة أن تسخر الملك في حفظها و الذب عنها و قتال عدوها و الحكم فيما يقع بينها من المخاصمات و طلب الحقوق فهذه سخرية قيام لا سخرية إذلال اقتضتها درجة السوقة و درجة الملك و المذل من الأسماء هو الحاكم في الطرفين ثم يأتي الكشف في هذه المسألة بأمر عجيب ينطق به القرآن و يشهده العيان فقال وَ هُوَ اللّٰهُ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ فِي الْأَرْضِ و قال وَ سَخَّرَ لَكُمْ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ و قال لقمان لابنه يٰا بُنَيَّ إِنَّهٰا إِنْ تَكُ مِثْقٰالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمٰاوٰاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللّٰهُ فإنه في الأرض و هو في السماء و هو في الصخرة و معنا أينما كنا فإن الخالق لا يفارق المخلوق و المذل لا يفارق الإذلال إذ لو فارقه لفارقه هذا الوصف و زال ذلك الاسم و قال تعالى وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ أي يتذللوا إلي و لا يتذللون إلي إلا حتى يعرفوا مكانتي و عزتي فخلقهم باسم المذل لأنه خلقهم لعبادته و وصف نفسه بأنه القيوم القائم عَلىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ و قال وَ لاٰ يَؤُدُهُ حِفْظُهُمٰا فوصف نفسه بأنه يحفظ ما في السموات و ما في الأرض فبالدرجة يكون حافظا لما يطلبه العالم من حفظ الوجود عليه و بالدرجة يكون العالم محفوظا له فإذا علمت أن السيد يسخر عبده بالدرجة و العبد يسخر سيده بالحال و ما يفعل ذلك السيد للعبد بطريق الجبر من العبد و الإذلال و إنما يفعله لثبوت سيادته عليه فما سخره للعبد إلا حظ نفسه أ لا ترى أنه يزول عن السيد اسم السيد إذا باع عبده أو هلك فانظر في حكم هذا الاسم ما أعجبه و إنما اختص بالحيوان لظهور حكم القصد فيه و لأنه مستعد للاباية لما هو عليه من الإرادة فلما توجه عليه الاسم المذل صار حكمه تحت حكم من لا إرادة له و لا قدرة لما

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 465
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست