responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 464

نباتا

(وصل)

ثم اعلم أن الحركات في النبات على ثلاثة أقسام و أن الرأس من النبات هو الذي يطلب الحركات فحيثما توجه من الجهات نسب إليها فإذا قابل غيرها كان نكسا في حقه ثم اعتبر العلماء الجهات بوجود الإنسان و جعلوا الاستقامة في نشأته و حركته إلى جهة رأسه فسموا حركته مستقيمة و كل نبات إنما يتحرك إلى جهة رأسه فكل حركة تقابل حركة الإنسان على سمتها تسمى منكوسة و ذلك حركة الأشجار و إذا كانت الحركة بينهما يقابل المتحرك برأسه الأفق كانت حركته أفقية فالنبات الذي لا حس له و له النمو حركته كلها منكوسة بخلاف شجر الجنة فإن حركة نبات الجنة مستقيمة لظهور حياتها فإنها الدار الحيوان و النبات الذي له حس على قسمين منه ما له الحركة المستقيمة كالإنسان و منه من له الحركة الأفقية كالحيوان و بينهما وسائط فيكون أول الإنسان و آخر الحيوان فلا يقوي قوة الإنسان و لا يبقى عليه حكم الحيوان كالقرد و النسناس كما بين الحيوان و النبات وسط مثل النخلة كما بين المعدن و النبات وسط مثل الكمأة فحركة النبات منكوسة و منها مخلقة و غير مخلقة فالمخلقة تسمى شجرا و هو كل نبات قام على ساق و غير المخلقة يسمى نجما و هو كل نبات لم يقم على ساق بل له الطلوع و الظهور على وجه الأرض خاصة و هو قوله تعالى وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدٰانِ أي ما قام على ساق من النبات و ما لم يقم على ساق فتمام الخلق في النبات القيام على ساق فلذلك كان النجم غير مخلق كما جاء في خلق الإنسان و من خلق من نطفة في قوله تعالى ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ و يدخل الكل في حكم أعطى كل شيء خلقه فأعطى غير المخلقة خلقها كما أعطى المخلقة خلقها كما أنه من كمال الوجود وجود النقص فيه و لما حكم العلماء على حركة النبات على ما قررناه من الانتكاس ما وفوا النظر حقه بل حركته عندنا مستقيمة فإنه ما تحرك إلا للنمو و ما تحرك حيوان و لا إنسان هذه الحركة التي لنموه إلا من كونه نباتا و لا يقال في النبات إنه مختلف الحركات من حيث هو نبات و إنما تختلف الحركات إذا كانت لغير النمو مثل الحركات في الجهات فإن الحركات في الجهات من المتحرك إنما ذلك نسبة إرادة التحرك لذلك الجسم من المحرك و قد يكون المحرك عين المتحرك مثل حركة الاختيار و قد تكون الحركة في المتحرك عن متحرك آخر و لذلك الآخر آخر حتى ينتهي إلى المحرك أو المتحرك بالقصد لما ظهر من هذه الحركات و أما الحركة للزيادة في الأجسام فمن كون الجسم نباتا في حيوان كان أو في غيره فهي حركة واحدة و هي حركة عن أصل البزرة التي عنها ظهر الجسم بحركة النماء فيتسع في الجهات كلها بحسب ما يعطيه الإمداد في تلك الجهة فقد تكون حركته إلى جهة اليمين تعطي نموا أقل من حركته إلى الفوق و كذلك ما بقي و

قد أخبر النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن النشأة تقوم على عجب الذنب فإذا أظهرت الرجل و الساق و الفخذ و المقعدة فعن حركة منكوسة و ما ظهر من عجب الذنب إلى وجود الرأس فعن حركة مستقيمة و ما ظهر في الاتساع عن جهة اليمين و الشمال و الخلف و الأمام فعن حركة أفقية و كل ذلك عندنا حركة مستقيمة و إنما الحركة المنكوسة عندنا كل حركة في متحرك يكون بخلاف ما يقتضيه طبعه و ذلك لا يكون إلا في الحركة القهرية لا في الحركة الطبيعية فإذا تحرك كل جسم نحو أعظمه فتلك حركته الطبيعية المستقيمة كحركة اللهب نحو الأثير و جسم الحجر نحو الأرض فإذا تحرك الجسم الناري نحو الأرض و السفل و تحرك الحجر نحو العلو كانت الحركة منكوسة و هي الحركة القسرية فإذا انتهى النمو في الجسم بحيث أن لا يقبله الجسم من الوجه الذي لا يقبله ثم تحرك ذلك الجسم في ذلك الوجه فما حركته حركة إنبات و نمو كالجسم الذي قد تناهي في الطول إلى غايته فيه على التعيين فما له حركة نمو في تلك الجهة فإذا تحرك إلى جهة الطول تحرك بكله لا للطول بل للانتقال من مكانه إلى مكان الطول سفلا أو علوا و انظر فيما حررناه في حركة النبات في أنها ليست بحركة منكوسة فإذا البذرة تمد فروعا إلى جهة الفوق و تمد فروعا إلى جهة التحت و غذاؤها ليس أخذ النبات له من الفروع التي في التحت المسماة أصولا و إنما أخذ النبات الغذاء من البذرة التي ظهرت عنها هذه الفروع و لهذا يحصل اليبس في بعض فروع التحت كما يحصل في الفروع الظاهرة الحاملة الورق و الثمر مع وجود النمو و الحياة في باقي العروق و الفروع كما ينقسم الدم من الكبد في العروق إلى سائر الأعضاء علوا و سفلا فالذي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 464
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست