responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 460

لأحرقت العالم فلا تخلو هذه الحجب إما أن تكون من العالم و لا شك أن السبحات لو لم تنبسط على الحجب لما كانت حجبا عنها و لو اقتضت السبحات الإحراق احترقت الحجب ثم لا تخلو الحجب أن تكون كثيفة أو لطيفة فإن كانت لطيفة لم تحجب كما لم يحجب الهواء اتصال شعاع الشمس بالأجسام الأرضية و إن كانت كثيفة كالجدران و أشباهها فلا خفاء إن الجدار يسخن بشعاع الشمس إذا كان متراص الأجزاء غير مخلخل ثم إن النور لا تحجبه الظلمة لأنه ينفرها فلا تجتمع به لكن تجاوره من خلف الحجاب الموجد للظلمة التي تباشر النور فالظلمة تجاور الشعاع و الموجد للظلمة يقبل انبساط الشعاع عليه فلا تكون الظلمة حجابا بهذا الاعتبار و قد ثبت كونها حجابا و كون النور حجابا على نور الوجه و النور يتقوى بالنور لا يحجبه فافهم حقيقة سبحات الوجه و إنها دلائل ذاتية إذا ظهرت أحرقت نسبا لا أعيانا فتبين أنها عين تلك الأعيان أعني الوجه فزال الجهل الذي كانت ثمرته إن العالم ما هو عين الوجه فبقي العالم على صورته لم تذهبه السبحات بل أثبتته و أبانت عن وجه الحق ما هو فكان الحجاب معنويا فاحترقت النسبة

(الفصل الثاني و الثلاثون)في الاسم الإلهي العزيز

و توجهه على إيجاد المعادن و له حرف الظاء المعجمة و من المنازل سعد الذابح

[رجوع جميع الصفات و الأسماء إلى الذات الباري تعالى]

اعلم أن الذات لما اختصت بسبع نسب تسمى صفات إليها يرجع جميع الأسماء و الصفات و قد ذكرنا رجوعها إليها في كتاب إنشاء الجداول كما ذكرها من تقدم قبلنا غير أني زدت على من تقدم بإلحاق الاسم المجيب مع الاسم الشكور لصفة الكلام فإن المتقدمين قبلنا ما ألحقوا بالاسم الشكور الاسم المجيب و كانت السموات سبعا و السيارة سبعة و الأرضون سبعة و الأيام سبعة جعل اللّٰه تكوين المعادن في هذه الأرض عن سباحة هذه السبعة الدراري بسبعة أفلاكها في الفلك المحيط فأوجد فيها سبعة معادن و لما كان الاسم العزيز المتوجه على إيجادها و لم يكن لها مشهود سواه عند وجودها أثر فيها عزة و منعا فلم يقو سلطان الاستحالة التي تحكم في المولدات و الأمهات من العناصر يحكم فيها بسرعة الإحالة من صورة إلى صورة مثل ما يحكم في باقي المولدات فإن الاستحالة تسرع إليهم و يظهر سلطانها فيهم بزيادة و نقص و خلع صورة منهم و عليهم و هذا يبعد حكمه في المعادن فلا تتغير الأحجار مع مرور الأزمان و الدهور إلا عن بعد عظيم و ذلك لعزتها التي اكتسبتها من الاسم الإلهي العزيز الذي توجه على إيجادها من الحضرة الإلهية ثم إن هذا الاسم طلب بإيجادها رتبة الكمال لها حتى تتحقق بالعزة فلا يؤثر فيها دونه اسم إلهي نفاسة منه لأجل انتسابها إليه و علم العلماء بأن وجودها مضاف إليه فلم يكن القصد بها إلا صورة واحدة فيها عين الكمال و هو الذهبية فطرأت عوارض لها في الطريق من الاسم الضار و إخوانه فأمرض أعيانهم و عدل بهم عن طريقهم حكمت عليهم بذلك المرتبة التي مروا عليها و لا يتمكن لاسم أن يكون له حكم في مرتبة غيره فإن صاحب المنزل أحق بالمنزل و هم أرباب الأدب الإلهي و معلمو الأدب فبقي الاسم العزيز في هذه المرتبة يحفظ عين جوهر المعدن و صاحب المرتبة من الأسماء يتحكم في صورته لا في عين جوهره و للأسماء الإلهية في المولدات و العناصر سدنة من الطبائع و من العناصر يتصرفون في هذه الأمور بحكم صاحب المرتبة الذي هو الاسم الإلهي و هم المعدن و حرارته و برد الشتاء و حرارة الصيف و الحرارة المطلقة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة و لكل واحد مما ذكرناه حكم يخصه يظهر في جوهر المولدات و العناصر فيسخف و يكثف و يبرد و يسخن و يرطب و ييبس و رتبة الكمال من تعتدل فيه هذه الأحكام و تتمانع و لا يقوى واحد منهم على إزالة حكم صاحبه فإذا تنزه الجوهر عن التأثير فخلع صورته عنه و منع نفسه من ذلك فذلك حكم رتبة الكمال و ليس إلا الذهب في المعدن و أما سائر الصور فقامت بها أمراض و علل أخرجتهم عن طريق الكمال فظهر الزئبق و الأسرب و القزدير و الحديد و النحاس و الفضة كما ظهر الياقوت الأصفر و الأكهب في جوهر الياقوت و لما فارقت المعدن الذي هو موطنها في ركن الأرض بقيت على مرضها ظاهرة بصورة الاعتلال دائما فالحاذق النحرير من علماء الصنعة إذا عرف هذا و أراد أن يلحق ذلك المعدن برتبة الكمال و لا يكون ذلك إلا بإزالة المرض و ليس المرض إلا زيادة أو نقصا في الجوهر و ليس الطب إلا زيادة تزيل حكم النقص أو نصا يزيل حكم الزيادة و ليس الطبيب إلا أن يزيد في الناقص أو ينقص من الزائد فينظر الحاذق من أهل النظر في طب المعادن ما الذي صيره حديدا أو نحاسا أو ما كان و حال بينه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 460
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست