responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 458

يعقل بينهما ثالث أو أكثر فاعلم ذلك ثم إن الزمان و المكان من لواحق الأجسام الطبيعية أيضا غير أن الزمان أمر متوهم لا وجود له تظهره حركات الأفلاك أو حركات المتحيزات إذا اقترن بها السؤال بمتى فالحيز و الزمان لا وجود له في العين أيضا و إنما الوجود لذوات المتحركات و الساكنات و أما المكان فهو ما تستقر عليه المتمكنات لا فيه فإن كانت فيه فتلك الأحياز لا المكان فالمكان أيضا أمر نسبي في عين موجودة يستقر عليها المتمكن أو يقطعه بالانتقالات عليه لا فيه فإن اتصلت المتحيزات بطريق المجاورة على نسق خاص لا يكون فيه تداخل فذلك الاتصال فإن توالت الانتقالات حالا بعد حال فذلك التتابع و التتالي من غير أن يتخللها فترة فإن دخل بعضها على بعض و لم يفصل الداخل بين المتصلين فذلك الالتحام فما دخل في الوجود منه وصف بالتناهي و ما لم يدخل قيل فيه إنه لا يتناهى إن فرض متتاليا أبدا و إن أعطت هذه الانتقالات استحالة كان الكون و الفساد فانتقال الشيء من العدم إلى الوجود يكون كونا و إزالة ما ظهر عنه من صورة الكون يسمى فسادا فإذا انتقل من وجود إلى وجود يسمى متحركا و أما ما يلحق هذه الأجسام من الألوان و الأشكال و الخفة و الثقل و اللطف و الكثافة و الكدورة و الصفا و اللين و الصلابة و ما أشبه ذلك من لواحقه فإنه يرجع إلى أسباب مختلفة فأما الألوان فعلى قسمين منها ألوان تقوم بنفس المتلون و منها ألوان تظهر لناظر الرائي و ما هي في عين المتلون لاختلاف الأشكال و ما يعطيه النور في ذلك الجسم فإنه بالنور يقع الإدراك و كذلك الأشكال مثل الألوان ترجع إلى أمرين إلى حامل الشكل و إلى حس المدرك له و أما ما عداه مما ذكرناه من لواحق الأجسام فهي راجعة إلى المدرك لذلك لا إلى أنفسها و لا إلى الذات الموصوفة التي هي الأجسام الطبيعية هذا عندنا فإن اللطيفة كالهواء لا تضبط صورة النور و الجسم الكثيف يظهره و رأينا من لا يحجبه الكثائف و صورتها عنده صورة اللطائف في نفوذ الإدراك فإذا ما هي كثائف إلا عند من ليس له هذا النفوذ فمنا من لا يحجبه الجدران و لا يثقله شيء فصار مال هذه الأوصاف إلى المدرك و لو كانت لذوات الأجسام لوقع التساوي في ذلك كما وقع التساوي في كونها أجساما فإذا ليس حكم اللواحق يرجع إلى ذوات الأجسام عندنا و أما عند الطبيعيين فإنهم و إن اختلفوا فما هم على طريقنا في العلم بهذا

[أن الشيء الواحد العين إذا ظهرت عنه الآثار المختلفة فإن ذلك من حيث القوابل]

و اعلم أن الشيء الواحد العين إذا ظهرت عنه الآثار المختلفة فإن ذلك من حيث القوابل لا من حيث عينه و من هنا إذا حققت هذه المسألة يبطل قول الحكيم لا يصدر عن الواحد إلا واحد و صورة ذلك في العنصر الذي نحن بصدده إن النار بما هي نار لا يتغير حكمها من حيث ذاتها و تجد آثارها مختلفة الحكم فتنير أجساما و لا تنير أجساما مع أن إنارتها بالاشتعال فالهواء لها مساعد و تعقد أشياء و تسيل أشياء و تسود و تبيض و تسخن و تحرق و تنضج و تذيب الجوامد و هي على حقيقة واحدة و استعداد القوابل مظهر اختلاف الآثار منها في الحكم

فالعين واحدة و الحكم مختلف و يدرك العلم
ما لا يدرك البصر

[أن الأشياء بأنه أشياء لها حكم]

و اعلم أن الأشياء بآحادها لها حكم و بامتزاجاتها تحدث لها أحكام لم تكن و لا لواحد منها و لا يدرى على الحقيقة من هو المؤثر من أحد الممتزجين هل هو لواحد أو هل لكل واحد فيه قوة و الذي حدث لا يقدر على إنكاره فإنا نعرف سواد المداد حدث بعد أن لم يكن من امتزاج الزاج و العفص فهل الزاج صبغ العفص و هو المؤثر و العفص هو المؤثر فيه اسم مفعول و لو كان ذلك لبقي الزاج على حاله إذا كان غير ممتزج و ينصبغ ماء العفص و المشهود خلاف ذلك و كذلك القول في العفص فلم يبق إلا حقيقة المزج و هي التي أحدثت السواد ما هو لواحد بعينه حقيقة ما قلناه في الإلهيات سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاٰنِ و يأتي اللّٰه يوم القيامة للفصل و القضاء و بيده الميزان يخفض و يرفع اللّٰه و لا عالم هل يتصف بوقوع هذا الفعل فظهر بالعالم ما لم يظهر و لا عالم فليس الحكم على السواء

فقال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم كان اللّٰه و لا شيء معه و لم يقل و هو الآن على ما عليه كان كيف يقول ذلك صلى اللّٰه عليه و سلم و هو أعلم الخلق بالله و هو الذي جاء من عند اللّٰه بقوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ و سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاٰنِ و فرغ ربك من كذا و كذا و ينزل ربنا إلى السماء و قد كان و لا سماء و لا عالم هل كان يوصف بالنزول إلى من أو من أين و لا أين ثم أحدث الأشياء فحدثت النسب فاستوى و نزل و أخذ الميزان فخفض و رفع بذا وردت الأخبار التي لا تردها العقول السليمة من الأهواء و الايمان بها واجب و الكيف غير معقول فهو الواحد الواجد الأحد الماجد الذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لو لا وجود النفس و استعدادات المخارج

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 458
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست