responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 452

اليبوسة و المطر من رطوبته و ما يزيده الماء من رطوبته فإنه يزيد في كميتها و يتكون في هذا الهواء في الجبال التي ذكر اللّٰه أمرها في قوله وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّمٰاءِ مِنْ جِبٰالٍ فِيهٰا مِنْ بَرَدٍ و قد بيناها فيما قبل من هذا الكتاب تغلب الرطوبة في الهواء بما يزيده في رطوبته الماء و تعطيه النار من الحرارة ما يزيد في كمية حرارة الهواء فيحدث في الجو في هذه الجبال تعفين لأن هذه الأركان مركبة من الأربع الحقائق الطبيعية كل ركن منها و هذا سبب قبولها صور الكائنات فيها و لو لم يكن كذلك ما قبلت المولدات فإذا تعفن ما تعفن من ذلك كون اللّٰه في ذلك التعفين حيوانات هوائية جوية على صور حيات بيض و حيوانات للاستدارة أما هذه المستديرة فرأيناها و أما الحيات البيض فرأينا من رآها و قد وقفنا على ذكرها في بعض كتب الأنواء و إن البزاة البلنسية إذا علت في الجو في أوقات و وقعت بشيء منها نزلت بها على مرأى من أصحابها و ممن رآها والدي و قد نزل بها البازي من الجو في أيام السلطان محمد بن سعد صاحب شرق الأندلس و هذا الصنف المستدير الذي عايناه من ذلك التكوين يسمى بالأندلس بالشلمندار و أكثر ما ينزل في الكوانين مع المطر و فيه خواص إذا لعق باللسان لكن خرجت عني معرفة تلك الخواص في هذا الوقت و هو مجرب عندنا و مما يحدث في هذا الركن مما يلي ركن النار منه الصواعق و هي هواء محترق و البروق و هو هواء مشتعل تحدثه الحركة الشديدة و الرعود و هو هبوب الهواء تصدع أسفل السحاب إذا تراكم و هو تسبيح إذ كل صوت في العالم تسبيح لله تعالى حتى الصوت بالكلمة القبيحة هي قبيحة و هي تسبيحة بوجه يعلمه أهل اللّٰه في أذواقهم لمن عقل عن اللّٰه و هذا الملك المسمى بالرعد هو مخلوق من الهواء كما خلقنا نحن من الماء و ذلك الصوت المسمى عندنا بالرعد تسبيح ذلك الملك و في ذلك الوقت يوجده اللّٰه فعينه نفس صوته و يذهب كما يذهب البرق و ذوات الأذناب فهذه حوادث هذا الركن في العالم العنصري و له حرف الزاي و هو من حروف الصفير فهو مناسب له لأن الصفير هواء بشدة و ضيق و له الشولة و هي حارة فافهم

(الفصل الثلاثون)في الاسم الإلهي المحيي

و توجهه على إيجاد ما يظهر في ركن الماء و له حرف السين المهملة من الحروف و له من المنازل المقدرة منزلة النعائم قال تعالى وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ و قال تعالى وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطٰانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلىٰ قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدٰامَ فأعاد الضمير من به الاقدام على المطر

[ما المراد بالرجس]

و الرجس بالسين القذر عند القراء و هو هنا القذر المعنوي لأنه مضاف إلى الشيطان فلا يدل إلا على ما يلقيه من الشبه و الجهالات و الأمور التشكيكية ليقذر بها محل هذا القلب فيذهب اللّٰه ذلك بما في الماء المنزل من الحياة العلمية بالبراهين و الكشف فإذا زال ذلك القذر الشبهي بهذا الماء المنزل من عند اللّٰه زال الوسخ الجهلي و ارتفع الغطاء عن القلب فنظر بعينه في ملكوت السموات و الأرض فربط ذاته بما أعطاه العلم فعلم ما أريد به في كل نفس و وقت فعامله بما أعطاه العلم المنزل الذي ظهره به في ذلك الماء الذي جعل نزوله في الظاهر علامة على فعله في الباطن فكان من مواطنه مقابلة الأعداء فأداه ما عاينه و ربط قلبه به إن ثبتت قدمه يوم الزحف عند لقاء الأعداء فما ولوا مدبرين و أنزل اللّٰه نصره و هو تثبيت الاقدام فهذا ما أعطاه اللّٰه في الماء من القوة الإلهية حيث أنزله منزلة الملائكة بل أتم من الملائكة و إنما قلنا بل أتم فإن اللّٰه جعل الماء سبب تثبيت أقدام المجاهدين المؤمنين فقال وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدٰامَ فأنزله منزلة المعين على ما يريد و قال في الملائكة إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاٰئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ لما علم من ضعفهم أعلمهم أن اللّٰه معهم من حيث أنيته ليتقوى جأشهم فيما يلقونه في قلوب المؤمنين المجاهدين أن يثبتوا و يصابروا العدو و لا ينهزموا و هذه من لمات الملائكة فقال لهم فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا أي اجعلوا في قلوبهم إن يثبتوا ثم أعانهم فقال سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ أخبرهم بذلك ليلقوا في نفوس المجاهدين هذا الكلام فإنه من الوحي فيجد المجاهد في نفسه ذلك الإلقاء و هو وحي الملك في لمته

[الماء من نهر الحياة الطبيعية الذي فوق الأركان]

فانظر كم بين مرتبة الماء و مرتبة هؤلاء الملائكة و الماء و إن كان من الملائكة فهو ملك عنصري و أصله في العنصر من نهر الحياة الطبيعية الذي فوق الأركان و هو الذي ينغمس فيه جبريل كل يوم غمسة و ينغمس فيه أهل النار إذا خرجوا منها بالشفاعة فهذا الماء العنصري من ذلك الماء الذي هو نهر الحياة و هذه الملائكة التي تقوى قلوب المجاهدين و تثبتهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 452
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست