responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 451

الأرض و ما ثم شيء أقوى من الهواء إلا الإنسان حيث يقدر على قمع هواه بعقله الذي أوجده اللّٰه فيه فيظهر عقله في حكمه على هواه فإنه لقوة الصورة التي خلق عليها الرئاسة له ذاتية و لكونه ممكنا الفقر و الذلة له ذاتية فإذا غلب فقره على رياسته فظهر بعبوديته و لم يظهر لربوبية الصورة فيه أثر لم يكن مخلوق أشد منه و هكذا أخبر صلى اللّٰه عليه و سلم على ما

حدثناه محمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن عبد الكريم التميمي الفاسى قال حدثنا عمر بن عبد المجيد الميانشي حدثنا عبد الملك ابن قاسم الهروي حدثنا محمود بن القاسم الأزدي حدثنا عبد الجبار بن محمد الجراحي حدثنا محمد بن أحمد المحبوبي حدثنا أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي حدثنا محمد بن بشار حدثنا يزيد بن هارون حدثنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم قال لما خلق اللّٰه الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فقال بها عليها فاستقرت فعجبت الملائكة من شدة الجبال فقالوا يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال نعم الحديد فقالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد قال نعم النار قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار قال نعم الماء قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء قال نعم الريح قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح قال ابن آدم تصدق بصدقة بيمينه يخفيها عن شماله هذا حديث غريب ففي هذا الحديث علم جوارح الإنسان بالأشياء و لهذا وصفها اللّٰه تعالى يوم القيامة بأنها تشهد فقال يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِمٰا كٰانُوا يَعْمَلُونَ فالهواء موجود عظيم و هو أقرب الأركان نسبة إلى نفس الرحمن فهو أحق بهذا الباب و الهواء هو نفس العالم الكبير و هو حياته و له القوة و الاقتدار و هو السبب الموجب لوجود النغمات بتحريك الآلات من حركات الأفلاك و أغصان الأشجار و تقاطع الأصوات فيؤثر السماع الطبيعي في الأرواح فيحدث فيها هيمان و سكر و طرب فالهواء إذا تحرك أقوى المؤثرات الطبيعية في الأجسام و الأرواح و قد جعل اللّٰه هذا الركن أصل حياة العالم الطبيعي كما جعل الماء أصل الصور الطبيعية فصورة الهواء من الماء و روح الماء من الهواء و لو سكن الهواء لهلك كل متنفس و كل شيء في العالم متنفس فإن الأصل نفس الرحمن و جعله اللّٰه لطيفا ليقبل سرعة الحركة فإن العالم المتنفس يحتاج في وقت إلى نفس كثير و في وقت إلى نفس قليل أ لا ترى الإنسان في زمان الصيف إذا حمي بدنه حرك الهواء بالمروحة ليبرد عنه ما يجده من الحرارة لما في الهواء من برودة الماء من حيث صورته و إن كانت له حركة خفية و لكن لا تكفي المحرور كما أنه إذا كثر بحيث أن يتأذى منه الإنسان طلب التستر عنه لأنه ليس في قوة الحيوان تقليله الهواء إلا إذا كان الإنسان هو الذي يثير حركة الهواء فإنه يقدر على تقليله بضعف حركة السبب الذي به أثاره و أما إذا كان السبب خارجا عن حكم الإنسان فإنه لا يقدر على تقليله و الهواء هو الذي يسوق الأرواح إلى المشام من طيب و خبيث و فيه تظهر صور الحروف و الكلمات فلو لا الهواء ما نطق ناطق و لا صوت مصوت

[أن علم الباري تعالى بالعالم علمه بنفسه]

و لما كان البارئ متكلما و وصف نفسه بالكلام وصف نفسه بأن له نفسا و إن كان ليس كمثله شيء و لكن نبه عباده العارفين أن علمه بالعالم علمه بنفسه و وصف نفسه سبحانه بأنه ينفخ الأرواح فيعطي الحياة في الصور المسواة فجاء بالنفخ الذي يدل على النفس فحياة العالم بالنفخ الإلهي من حيث إن له نفسا فلم يكن في صور العالم أحق بهذه الحياة من الهواء فهو الذي خرج على صورة النفس الرحماني الذي ينفس اللّٰه به عن عباده ما يجدونه من الكرب و الغم الذي تعطيه الطبيعة و بعد أن عرفتك بمنزلة الهواء من العالم فلنذكر ما يحدث فيه فمما يحدث فيه صور الجنين في النكاح و الثمر في اللقاح قال تعالى وَ أَرْسَلْنَا الرِّيٰاحَ لَوٰاقِحَ و هذا معروف بالمشاهدة في تلقيح الثمار فالهواء ينكح بما يحمله من روائح الذكورية و العقيم منه ما عدا اللواقح و اللواقح من الرياح ليست مخصوصة بالثمر و إنما هي كل ريح تعطي الصور و العقيم كل ريح تذهب بالصور فالهواء الذي يشعل النار من الرياح اللواقح و الذي يطفئ السرج من الريح العقيم و إن كانت واحدة في العين فما هي واحدة عند من يرى تجديد العالم في كل نفس فإنهم في لبس من خلق جديد و أصل هذا في العلم الإلهي أن اللواقح ما تعطيه الربوبية من وجود أعيان المربوبين و العقيم سبحات الوجه المذهبة أعيان الكائنات من خلقه و مما وجد من العالم في الهواء البرد و الثلج و الجليد إذا غلب عليه برد الماء فتشكل البرد من استدارته و جليده من اليبوسة التي تعطيه برد التراب و الثلج دون الجليد في

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 451
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست