responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 450

و الاحتراقات و وجود حرف التاء المعجمة باثنتين من فوقها من الحروف و له من المنازل منزلة القلب الأثير ركن النار و هذه الأركان وجودها قبل وجود هذه الأفلاك من حيث ما تقول سماوات لا من حيث ما هي أفلاك و هو متصل بالهواء و الهواء حار رطب فبما في الهواء من الرطوبة إذا اتصل بهذا الأثير أثر فيه لتحركه اشتعالا في بعض أجزاء الهواء الرطبة فبدت الكواكب ذوات الأذناب و ذلك لسرعة اندفاعها تظهر في رأى العين تلك الأذناب

[الشياطين عرجوا إلى السماء الدنيا يسترقون السمع]

و إذا أردت تحقيق هذا فانظر إلى شرر النار إذا ضرب الهواء النار بالمروحة و غيرها يتطاير منها شرر أمثال الخيوط في رأى العين ثم تنطفئ كذلك هذه الكواكب و جعلها اللّٰه من زمان بعث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم رُجُوماً لِلشَّيٰاطِينِ فإن الشياطين و هم كفار الجن لهم عروج إلى السماء الدنيا يسترقون السمع أي ما تقوله الملائكة في السماء و تتحدث به مما أوحى اللّٰه به فيها فإذا سلك الشيطان أرسل اللّٰه عليه شِهٰاباً رَصَداً ثاقبا و لهذا يعطي ذلك الضوء العظيم الذي تراه و يبقى ذلك الضوء في أثره طريقا و رأيت مرة طريقه قد بقي ضوؤه ساعة و أزيد من ساعة و أنا بالطواف رأيته أنا و جماعة الطائفين بالكعبة و تعجب الناس من ذلك و ما رأينا قط ليلة أكثر منها ذوات أذناب الليل كله إلى أن أصبح حتى كانت تلك الكواكب لكثرتها و تداخل بعضها على بعض كما يتداخل شرر النار تحول بين أبصارنا و بين رؤية الكواكب فقلنا ما هذا إلا لأمر عظيم فبعد قليل وصل إلينا أن اليمن ظهر فيه حادث في ذلك الوقت الذي رأينا هذا و جاءتهم الريح بتراب شبيه التوتياء كثير إلى أن عم أرضهم و علا على الأرض إلى حد الركب و خاف الناس و أظلم عليهم الجو بحيث إن كانوا يمشون في الطرق في النهار بالسرج و حال تراكم الغمام بينهم و بين نور الشمس و كانوا يسمعون في البحر بزبيد دويا عظيما و ذلك في سنة ستمائة أو تسع و تسعين و خمسمائة الشك مني فإني ما قيدته حين رأيت ذلك و ما قيدته في هذا المكان إلا في سنة سبع و عشرين و ستمائة و لذلك أصابني الشك لبعد الوقت لكنه معروف عند الخاص و العام من أهل الحجاز و اليمن و رأينا في تلك السنة عجائب كثيرة و في تلك السنة حل الوباء بالطائف حتى ما بقي فيها ساكن حل بهم من أول رجب إلى أول رمضان سنة تسع و تسعين و خمسمائة عن تحقيق و كان الطاعون الذي نزل بهم إذا كانت علامته في أبدانهم ما يتجاوزون خمسة أيام حتى يهلك فمن جاز خمسة أيام لم يهلك و امتلأت مكة بأهل الطائف و بقيت ديارهم مفتحة أبوابها و أقمشتهم و دوابهم في مراعيها فكان الغريب في تلك المدة إذا مر بأرضهم فتناول شيئا من طعامهم أو قماشهم أو دوابهم إذ لم يكن هناك حافظ يحفظه أصابه الطاعون من ساعته و إذا مر و لم يتناول شيئا سلم فحمى اللّٰه أموالهم في تلك المدة لمن بقي منهم و لمن ورثهم و تابوا و ورثوا البنات في تلك السنة و سكنت الفتن التي كانت بينهم فلما نجاهم اللّٰه من ذلك و رفعه عنهم و استمر لهم الأمان عادوا إلى ما كانوا عليه من الإدبار و هذه الكواكب ذوات الأذناب ما تحدث في الأثير و إنما يحدث منه في الهواء تشعله فهو على الحقيقة هواء محترق لا مشتعل هذا هو الأثير فهو كالصواعق فإنها أهوية محترقة لا شعلة فيها فما تمر بشيء إلا أثرت فيه و لا يحدث في هذا الركن شيء سوى ما ذكرناه إلا أنه في نفس الأمر ملك كريم له تسبيح خاص و سلطان قوي و السماء الدنيا في غاية من البرودة لو لا أن اللّٰه حال بيننا و بين برد هذه السماء بهذه النار التي بين الهواء و بين السماء ما كان حيوان و لا نبات و لا معدن في الأرض لشدة البرد فسخن اللّٰه عالم الأرض و الماء و الهواء بما ترميه الكواكب من الشعاعات إلى الأرض بوساطة هذا الأثير فسخن العالم فتسري فيه الحياة و ذلك بتقدير العزيز العليم لا إله إلا هو رب كل شيء و مليكه

(الفصل التاسع و العشرون)في الاسم الإلهي الحي

و توجهه على إيجاد ما يظهر في ركن الهواء و له من الحروف حرف الزاي و من المنازل منزلة الشولة قال اللّٰه تعالى فَسَخَّرْنٰا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخٰاءً حَيْثُ أَصٰابَ فجعلها مأمورة يعلمنا أنها تعقل و لا يسمى الهواء ريحا إلا إذا تحرك و تموج فإن اشتدت حركته كان زعزعا و إن لم تشتد كان رخاء أي ريحا لينة و الريح ذو روح يعقل كسائر أجسام العالم و هبوبه تسبيحه تسري به الجواري و يطفئ السرج و يشعل النيران و يحرك المياه و الأشجار و يموج البحار و يزلزل الأرض و يلعب بالأغصان و يزجي السحاب

[إن الإنسان أقوى موجود لقوة الصورة التي خلق عليها]

و هو ركن أقوى من الماء و الماء أقوى من النار و النار أقوى من الحديد و الحديد أقوى من الجبال و الجبال أقوى من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست