responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 447

عزيزا و منهم الناظر إليه من حيث إنه مثل له في المرتبة فإنه بالمرتبة كان خليفة و قد شورك فيها فقال هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاٰئِفَ فِي الْأَرْضِ و قال يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فهم نواب الحق في عباده فيمدهم من ذلك المقام بأمور خاصة تختص بتلك المثلية كما يمده الحق من صورته بجميع أسمائه و ليس إلا هذه

[إن اللّٰه قسم خلقه إلى شقي و سعيد]

و قد قسم اللّٰه خلقه إلى شقي و سعيد و جعل مقر عباده في دارين دار جهنم و هي دار كل شقي و دار جنان و هي دار كل سعيد و سموا هؤلاء أشقياء لأنهم أقيموا فيما يشق عليهم و هو المخالفة و سموا هؤلاء سعداء لأنهم أقيموا فيما يسهل عليهم و هو المساعدة و الموافقة فمن كان مع اللّٰه على مراد اللّٰه فيه و في خلقه لم يشق عليه شيء مما يحدث في العالم(حكي)عن رابعة رضي اللّٰه عنها أنه ضرب رأسها ركن جدار فأدماها فما التفتت فقيل لها في ذلك فقالت شغلي بموافقة مراده فيما جرى شغلني عن الإحساس بما ترون من شاهد الحال فما شق عليها ما جرى فلو شق عليها لتعذبت في نفسها منها فالأشقياء ليس لهم عذاب إلا منهم لأنهم أقيموا في مقام الاعتراض و التعليل لأفعال اللّٰه في عباده و لأي شيء كان كذا و لو كان كذا كان أحسن و أليق و نازعوا الربوبية و شاقوا اللّٰه و رسوله فشقاؤهم شقاقهم فهي دار الأشقياء بدخولها في هذه الحال فإذا طال عليهم الأمد تغير الحال لأن طول الأمد له حكم بقوله تعالى فَطٰالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ فإذا طال الأمد على الأشقياء و علموا أن ذلك ليس بنافع قالوا فالموافقة أولى فتبدلت صورهم فأثر ذلك التبديل هذا الحكم فزالت المشاققة فارتفع العذاب عن بواطنهم فاستراحوا في دارهم و وجدوا في ذلك من اللذة ما لا يعلمه إلا اللّٰه لأنهم اختاروا ما اختار اللّٰه لهم و علموا عند ذلك أن عذابهم لم يكن إلا منهم فحمدوا اللّٰه على كل حال فأعقبهم ذلك أن يحمدوا اللّٰه المنعم المتفضل

[درجات الجنان و دركات النار]

ثم إن لهذا الإنسان المفرد الذي هو آدم و لكل إنسان أقيم فيما هو منفرد به نظر آخر إلى منازل السعداء و هي التي عينها الفلك المكوكب و هي منازل الجنان و منازل النار فان الجنة مائة درجة و النار مائة درك على عدد الأسماء الإلهية فهي بحكم الاشتراك تسعة و تسعون اسما ينالها كل إنسان بما هو مشارك غيره و الاسم الموفي مائة و هو وتر الغيب كما كانت التسعة و التسعون و نر الشهادة لأن اللّٰه وتر يحب الوتر فالاسم الموفي مائة مفرد منه يتجلى الحق للإنسان المفرد إذا كان مع الأمر الذي يسمى به إنسانا مفردا و إذا كان مع هذا الاسم الفرد كانت منازله ثمانيا و عشرين منزلة لأن حروف نفسه ثمانية و عشرون حرفا ظهر منها في مقام الجمع و الوجود علامات تدل على الحق و هي خمس آلاف علامة و ثمانمائة علامة و ثمان و ثلاثون علامة و هذه كلها منازل في هذه المنازل

[اقرأ و ارق]

و لهذا

يقال يوم القيامة لقارئ القرآن اقرأ و ارق فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ و لهذا تمدح أبو يزيد بأنه ما مات حتى استظهر القرآن و ينبغي لقارئ القرآن إذا لم يكن من أهل الكشف و لا من أهل التعليم الإلهي أن يبحث و يسأل علماء الرسوم أي شيء يثبت عندهم أو رأوه أنه كان قرآنا و نسخ لفظه من هذا المصحف العثماني و لا يبالي إذا قالوا له كذا و كذا صحيحا كان الطريق إلى ذلك أو غير صحيح فينبغي إن يحفظه فإنه يزيد بذلك درجات و قد اختلفت المصاحف فهذا ينفعه و لا يضره فإن هذا الذي بأيدينا هو قرآن بلا شك و نعلم أنه قد سقط منه كثير فلو كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم هو الذي جمعه لوقفنا عنده و قلنا هذا وحده هو الذي نتلوه يوم القيامة إذا قيل لقارئ القرآن اقرأ و ارق و الاحتياط فيما قلناه و لكن لا أريد بذلك أنه يصلي به و إنما يحفظه خاصة فإنه ليس بمتواتر مثل هذا و ما نازع أحد من الصحابة في مصحف عثمان إنه قرآن فإذا حصل الإنسان بما انفرد به في منزلة من هذه المنازل فإنها تعطيه حقيقة ما هي عليه مما وضعها اللّٰه له من الأمور الظاهرة في أفعال العباد في حركاتهم و سكونهم و تصرفاتهم و ما منعني من تعيينها إلا ما يسبق إلى القلوب الضعيفة من ذلك و وضع الحكمة في غير موضعها فإن الحافظين أسرار اللّٰه قليلون و إذا وفى الإنسان المفرد علم هذه الأمور و دخل الجنات الثمانية و رأى الكثيب الأبيض و عاين درجات الناس في الرؤية و تميز مراتبهم و منازلهم في ذلك و نظر إلى التكوينات الجنانية و الرقائق الممتدة إليها من فلك البروج علم إن لله أسرارا في خلقه فأراد أن يعرفه آثار ذلك فارتقى بنفسه إلى هذا الفلك و دار معه دورة واحدة لكل برج حتى أكمل اثنتي عشرة دورة و نظر بحلوله في كل دورة ما يعطي من الأثر في جنات النعيم و في جهنم و في عالم الدنيا و في البرزخ و في يوم القيامة و في أحوال الكائنات العرضيات في العالم و الخاصة بجسد الإنسان و روحه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 447
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست