responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 420

عن توحيد اللّٰه بما يطالعه في كل حين من مشاهدة الأسباب التي يظهر التكوين عندها و ليس ثمة إدراك يشهد به عين وجه الحق في الأسباب التي يكون عنها التكوين و هو لاستيلاء الغفلة و هذا الغطاء يتخيل أن التكوين من عين الأسباب فإذا جاءته الذكرى على أي وجه جاءته علم بمجيئها إنها تدل لذاتها على أنه لا إله إلا اللّٰه و أن تلك الأسباب لو لا وجه الأمر الإلهي فيها أو هي عين الأمر الإلهي ما تكون عنها شيء أصلا فلما كان هذا التوحيد بعد ستر رفعته الذكرى أنتج له أن يسأل ستر اللّٰه للمؤمنين و المؤمنات فإن لرفع الستر و وجود الكشف عند الرفع أو العلم بأنه عين الستر لا غيره لذة لا يقدر قدرها فهي من منن اللّٰه على عبده

(التوحيد الثالث و الثلاثون)

من نفس الرحمن هو قوله هُوَ اللّٰهُ الَّذِي لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ عٰالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ هُوَ الرَّحْمٰنُ الرَّحِيمُ هذا توحيد العلم و هو من توحيد الهوية و هو توحيده من حيث التفرقة لأنه ميز بين الغيب و الشهادة و جمع بين العلم و الرحمة و هذا لا يكون إلا في العلم اللدني و هو العلم الذي ينفع صاحبه قال في عبده خضر آتَيْنٰاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا و هو قوله اَلرَّحْمٰنُ الرَّحِيمُ ثم قال وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً من قوله عٰالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ فعلم الرحمة يكون معه اللين و العطف و هو الذي من لدنه و الغصن اللدن هو الرطيب وَ يُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً فعظمه وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ و ما أرسل إلا بالعلم إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ فجعل إرساله رحمة فهو علم يعطي السعادة في لين فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ لِنْتَ لَهُمْ فالعلم و إن كان شريفا فإن له معادن أشرفها ما يكون من لدنه فإن الرحمة مقرونة به و لها النفس الذي ينفس اللّٰه به عن عباده ما يكون من الشدة فيهم

(التوحيد الرابع و الثلاثون)

من نفس الرحمن هو قوله هُوَ اللّٰهُ الَّذِي لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ هذا توحيد النعوت و هو من توحيد الهوية المحيطة فله النعوت كلها نعوت الجلال فإن صفات التنزيه لا تعطي الثبوت و الأمر وجودي ثابت فلهذا قدم الهوية و أخرها حتى إذا جاءت نعوت السلب و حصلت الحيرة في قلب السامع منعت الهوية بإحاطتها أن يخرج السامع إلى العدم فيقول فما ثم شيء وجودي إذ قد خرج عن وجود العقل و الحس فيلحقه بالعدم فتمنعه الهوية فإن الضمير لا بد أن يعود على أمر مقرر فافهم

(التوحيد الخامس و الثلاثون)

من نفس الرحمن هو قوله اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ عَلَى اللّٰهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ هذا توحيد الرزايا و الرجوع فيها إلى اللّٰه ليزول عنه ألمها إذ رأى ما أصيب فيه قد حصل بيد من يحفظ عليه وجوده و لهذا أثنى اللّٰه على من يقول إذا أصابته مصيبة إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ فهم لله في حالهم و هم إليه راجعون عند مفارقة الحال فمن حفظ عليه وجوده و حفظ عليه ما ذهب منه و كان ما حصل عنده أمانة إلى وقتها فما أصيب و لا رزئ فتوحيد الرزايا أنفع دواء يستعمل و لذلك أخبر بما لهم منه تعالى في ذلك فقال أُولٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ و الرحمة لا يكون معها ألم وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ يقول الذين تبين لهم الأمر على ما هو عليه في نفسه فسمين مصيبة في حقه لنزولها به و في حق من ليس له هذا الذوق لنزول ألمها في قلبه فيتسخط فيحرم خيرها

(التوحيد
السادس و الثلاثون)

من نفس الرحمن هو قوله رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً هذا توحيد الوكالة و هو من توحيد الهوية في هذا التوحيد ملك اللّٰه العالم الإنساني جميع ما خلقه له من منافعه و أمره أن يوكل اللّٰه في ذلك ليتفرغ الإنسان لما خلق له من عبادة ربه في قوله وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ و أين هذا المقام من قوله وَ أَنْفِقُوا مِمّٰا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فجعل الإنفاق بأيديهم و الملك لله و في هذا القدر الذي أمرهم به من الإنفاق فيه أمرهم أن يتخذوه وكيلا فلا تنافر بين المقامين فالملك لله و الإنفاق للعبد بحث الأمر و ما أطلق له في ذلك و في الإنفاق أمر اللّٰه أن يوكل اللّٰه في ذلك لعلمه بمواضع الإنفاق و المصارف التي ترضي رب المال في الإنفاق فنزل الشرائع أبانت له مصارف المال فأنفق على بصيرة بنظر الوكيل فمن أنفق فيما لم يأمره الوكيل بالإنفاق فيه فعلى المنفق قيمة ما استهلك من مال من استخلفه فيه و لا شيء له فإنه مفلس بحكم الأصل فلا حكم عليه فأعطاه هذا التوحيد رفع الحكم عنه فيما أتلف من مال من استخلفه و هذا آخر تهليل ورد في القرن الذي وصل إلينا و هو ستة و ثلاثون مقاما قد ذكرناها بكمالها مبينة إلهية قرآنية ذكر اللّٰه بها نفسه و أمرنا أن نذكره بها فامتثلنا فلما ذكرناه بها علمنا من لدنه علما و كان ذكرها رحمة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 420
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست