responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 419

عَلَى النّٰاسِ فيكون هذا التوحيد شكرا لما تفضل به اللّٰه على الناس مع قوله لَخَلْقُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّٰاسِ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ أراد في المنزلة فإن الجرم يعلمه كل أحد و لكن ما تفطن الناس لقوله تعالى أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّٰاسِ من كونهم ناسا و لم يقل أكبر من آدم و لا من الخلفاء فإنه ما خلق على الصورة من كونه من الناس إذ لو كان كذلك لما فضل الناس بعضهم بعضا و لا فضلت الرسل بعضهم بعضا ففضل الصورة لا يقاومها فضل فقوله لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّٰاسِ إذ كان الفاضل ممن له أيضا هذا الاسم و المراد بالفضل العام و الخاص فوحده بلسان العموم و الخصوص فظهر توحيد الفضل من حضرة الكرم و البذل

(التوحيد الثلاثون)

من نفس الرحمن هو قوله هُوَ الْحَيُّ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ هذا توحيد الحياة و هو توحيد الكل و هو من توحيد الهوية الخالصة و الحياة شرط في كل متنفس فلهذا هذا العالم حي بما فيه من الأبخرة الصاعدة منه فتوحيد الحياة توحيد الكل فإنه ما ثم إلا حي فإنه ما ثم إلا الحق و هو المسبح نفسه بما أعطى الرحمن في نفسه من الكلام الإلهي فقال سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ سُبْحٰانَ الَّذِي أَسْرىٰ بِعَبْدِهِ فَسُبْحٰانَ اللّٰهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ و ما ثم إلا العالم و ما من شيء من العالم إلا و هو مسبح بحمده و لا ثناء أكمل من الثناء بالأحدية فإن فيها عدم المشاركة فالتوحيد أفضل ثناء و هو لا إله إلا اللّٰه فلهذا قلنا إنه توحيد الحياة و توحيد الكل و هو إخلاص التوحيد لله من اللّٰه و من العالم

(التوحيد الحادي و الثلاثون)

من نفس الرحمن هو قوله لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ يُحْيِي وَ يُمِيتُ رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبٰائِكُمُ الْأَوَّلِينَ هذا توحيد البركة لأنه في السورة التي ذكر فيها أنه أنزله فِي لَيْلَةٍ مُبٰارَكَةٍ و هي لَيْلَةُ الْقَدْرِ الموافقة ليلة النصف من شعبان المخصوصة بالآجال و لهذا نعت هذا التوحيد بأنه يُحْيِي وَ يُمِيتُ و هو قوله فِيهٰا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أي محكم فتظهر الحكم فيه التي جاءت بها الرسل الإلهيون و نطقت بها الكتب الإلهية رحمة بعباد اللّٰه عامة و خاصة فكل موجود يدركها و ما كل موجود يعلم من أين صدرت فهي عامة الحكم خاصة العلم إذ كانت الاستعدادات من القوابل مختلفة فأين نور الشمس من نور السراج في الإضاءة و مع هذا فأخذ الشمس من السراج اسمه و افتقر إليه مع كونه أضوأ منه و جعل نبيه في هذا المقام سراجا منيرا و به ضرب اللّٰه المثل في نوره الذي أنار به السموات و الأرض فمثل صفته بصفة المصباح ثم ذكر ما أوقع به التشبيه مما ليس في الشمس من الإمداد و الاعتدال مع وجود الاختلاف بذكر الشجرة من التشاجر الموجود في العالم لاختلاف الألسنة و الألوان التي جعل اللّٰه فيها من الآيات في خلقه و ذكر المشكاة و ما هي للشمس فلنور السموات و الأرض الذي هو نور اللّٰه مشكاة يعرفها من وحده بهذا التوحيد المبارك الذي هو توحيد البركة و في هذه المشكاة مصباح و هو عين النور الذي تحفظه هذه المشكاة من اختلاف الأهواء و حكمها فيما يقع في السرج من الحركة و الاضطراب و إذا تقوت الأهواء أدى إلى طفئ السرج كذلك يغيب الحق بين المتنازعين و يخفى و يحصل فيه الحيرة لما نزلت ليلة القدر تلاحا رجلان فارتفعت فإنها لا تقبل التنازع و لما كانت الأنبياء لا تأتي إلا بالحق و هو النور المبين لذلك

قال ع عند نبي لا ينبغي تنازع فلا ينازع من عنده نور ثم إن لهذا المصباح الذي ضرب به المثل زجاجة فللنور الإلهي زجاجة يعرفك هذا التوحيد ما هي تلك الزجاجة و ليس ذلك للشمس و الزجاجة تشبه الكوكب الدري فإذا كان المحل الذي ظهر فيه المصباح مشبه بالكوكب الدري الذي هو الشمس فكيف يكون قدر السراج في المنزلة و هو صاحب المنزل ثم قال في هذا السراج إنه اِسْتَوْقَدَ أي يتوقد و يضيء مِنْ شَجَرَةٍ مُبٰارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ فلا بد للنور الإلهي من حقيقة بها يقع التشبيه بالشجرة كما جاء في اختلاف الأسماء الإلهية من الضار النافع و المعز المذل و المحيي المميت و أسماء التقابل ثم إن هذه الشجرة لاٰ شَرْقِيَّةٍ وَ لاٰ غَرْبِيَّةٍ فوصفها بالاعتدال فلهذا كان السراج المذكور الذي وقع به التشبيه هو السراج الذي في المشكاة و الزجاجة فيكون محفوظا عن الحركة و الاضطراب لكون الشجرة لا شرقية و لا غربية فهذا كله لا يوجد في غير السراج و لا بد أن يعتبر هذا كله في النور الإلهي

(التوحيد
الثاني و الثلاثون)

من نفس الرحمن هو قوله فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ اللّٰهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنٰاتِ وَ اللّٰهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَ مَثْوٰاكُمْ هذا توحيد الذكرى و هو توحيد اللّٰه فاعلم أن الإنسان لما جبله اللّٰه على الغفلات رحمة به فيغفل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 419
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست