responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 414

إلا بطريق الايمان و أعمانا عن توجهه على إيجاد الأشياء بما نصب من الأسباب فأنزل المطر فنزل و حرثت الأرض و بذر الحب و انبسطت الشمس و طلع الحب و حصد و طحن و عجن و خبر و مضغ بالأسنان و ابتلع و نضج في المعدة و أخذه الكبد فطبخه دما ثم أرسل في العروق و انقسم على البدن فصعد منه بخار فكان حياة ذلك الجسم من أجل ذلك النفس فهذه أمهات الأسباب مع تحريك الأفلاك و سير الكواكب و إلقاء الشعاعات على مطارح الأنوار مع نظير النفس الكلية بإذن اللّٰه مع إمداد العقل لها هذه كلها حجب موضوعة أمهات سوى ما بينها من دقائق الأسباب فيحتاج السمع إلى شق هذه الحجب كلها حتى يسمع قول كُنْ فخلق في المؤمن قوة الايمان فسرت في سمعه فأدرك قول كن و سرت في بصره فشاهد المكون للأسباب و فعل هذا كله من نفس الرحمن ليرحم بها من عبد غير اللّٰه إذا استوفى منه حقوق الشركاء الذين يتبرءون منهم يوم القيامة فإذا استوفى حقوقهم بالعقوبة و الانتقام رجع الأمر إليه على الانفراد و انقضت الأيام التي استوجب الشركاء فيها حقوقهم فلما انفرد و رجع الأمر إليه رحمهم فيما هو حق له بهذه الحجب التي ذكرناها لعلمه بما وضع و بأنه أنطق ألسنتهم بما قالوه و خلق في نفوسهم ما تخيلوه فسبحانه من حكم عدل لطيف خبير يفعل ما ينبغي كما ينبغي لما ينبغي لا إله إلا هو فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ

(التوحيد التاسع عشر)

من نفس الرحمن هو قوله وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنَا فَاعْبُدُونِ هذا توحيد الاقتدار و التعريف و هو من توحيد الإنابة و هو توحيد عجيب و مثل هذا يسمى التعريض أي كذا فكن أنت مثل قوله مٰا يُقٰالُ لَكَ إِلاّٰ مٰا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ و جاء بالعبادة و لم يذكر الأعمال المعينة فإنه قال لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهٰاجاً و ذلك تعيين الأعمال و هي التي ينتهي فيها مدة الحكم المعبر عنه بالنسخ في كلام علماء الشريعة و ما ثم من الأعمال العامة السارية في كل نبوة إلا إقامة الدين و الاجتماع عليه و كلمة التوحيد و هو قوله تعالى شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مٰا وَصّٰى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ وَ مٰا وَصَّيْنٰا بِهِ إِبْرٰاهِيمَ وَ مُوسىٰ وَ عِيسىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لاٰ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ و بوب البخاري على هذا باب ما جاء أن الأنبياء دينهم واحد و ليس إلا التوحيد و إقامة الدين و العبادة ففي هذا اجتمعت الأنبياء ع و اختصاص هذا الوحي بالأناية دل على أنه كلام إلهي بحذف الوسائط فما أوحي إليهم منهم فإنه لا يقول إنا إلا من هو متكلم فإن قيل فقد قال إنه ينزل بمثل هذا الملائكة فهذا لا يبعد أن تأخذه الرسل من وجهين إذا نزلت به الملائكة يكون على الحكاية كما قال

سمعت الناس ينتجعون غيثا فقلت لصيدح انتجعي بلالا
فرفع السين من الناس على الحكاية فلو كان هذا السامع انتجاعهم لنصب السين فهذا قوله أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنَا فَاتَّقُونِ و نزلت به الملائكة و إذا ورد مثل هذا معرى عن القرائن أو النص عليه حمل على ما هو الأصل عليه فما يقول أنا إلا المتكلم أ لا ترى ما ذكرناه في الحديث المتقدم إن اللّٰه يصدق عبده في موطن كما يحكي عنه في موطن فقال في التصديق إذا قال العبد لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر صدقه ربه فقال لا إله إلا أنا و أنا أكبر فهو القائل بالأناية لا غيره و أما حكايته ما قال فهو قوله لاٰ تَحْزَنْ إِنَّ اللّٰهَ مَعَنٰا بهذا اللفظ عينه فإن حكي على المعنى فمثل قوله عن فرعون يٰا هٰامٰانُ ابْنِ لِي صَرْحاً فإنه قالها بلسان القبط و وقعت الترجمة عنه باللسان العربي و المعنى واحد فهذه الحكاية على المعنى فهكذا فلتعرف الأمور إذا وردت حتى يعلم قول اللّٰه من قول ما يحكيه لفظا أو معنى كل إنسان بما هو عليه فقول اللّٰه وَ إِذْ أَخَذَ اللّٰهُ مِيثٰاقَ النَّبِيِّينَ لَمٰا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتٰابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جٰاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمٰا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قٰالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قٰالُوا و انتهى كلام اللّٰه ثم حكى معنى قولهم مترجما عنهم أَقْرَرْنٰا و كذلك قوله وَ إِذٰا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قٰالُوا إلى هنا قول اللّٰه آمَنّٰا حكاية وَ إِذٰا خَلَوْا إِلىٰ شَيٰاطِينِهِمْ قٰالُوا إلى هنا قول اللّٰه إِنّٰا مَعَكُمْ إِنَّمٰا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ حكاية فإذا ذكرت فاعلم بلسان من تذكر و إذا تلوت فاعلم بلسان من تتلو و ما تتلو و عمن تترجم

(التوحيد العشرون)

من نفس الرحمن هو قوله وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ هذا توحيد الغم و هو توحيد المخاطب و هو توحيد التنفيس كما نفس الرحمن عن محمد ص بالأنصار

فقال إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن فكانت الأنصار التي تكونت من ذلك النفس

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 414
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست