responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 410

فاستكف بالله الذي هو رب مثل هذا العرش و من كان اللّٰه حسبه انقلب بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ وَ فَضْلٍ لم يمسسه سوء و جاء في ذلك بما يرضى اللّٰه وَ اللّٰهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ على من جعله حسبه و الفضل الزيادة أي ما يعطيه على موازنة عمله بل أزيد من ذلك مما يعظم عنده إذا رآه ذوقا و من أعجب ما رأيت من بعض الشيوخ من أهل اللّٰه ممن كان مثل أبي يزيد في الحال و ربما أمكن منه فيه فقعدت مع هذا الشخص يوما بجامع دمشق و هو يذكر لي حاله مع اللّٰه و ما يجري له معه في وقائعه فقال لي إن الحق ذكر له عظم ملكه قال الشيخ فقلت له يا رب ملكي أعظم من ملكك فقال لي كيف تقول و هو أعلم فقلت له يا رب لأن مثلك في ملكي فإنك لي تجيبني إذا دعوتك و تعطيني إذا سألتك و ما في ملكك مثلك قال فقال لي صدقت و ما رأيت أحدا ذهب إلى ما يقارب هذا المذهب أو هو هو سوى محمد بن علي الترمذي الحكيم فإنه يقول في هذا المقام مقام ملك الملك و قد شرحناه في مسائل الترمذي في هذا الكتاب التي سأل عنها أهل اللّٰه في كتاب ختم الأولياء ثم بكى هذا الشيخ أدبا مع اللّٰه و يقول يا أخي هو يجزئني عليه و يباسطني فكنت أقول له إذا كان يفرح بتوبة عبده كما قاله عنه رسوله ص فكيف يكون نظره إلى العارفين به

(التوحيد الثاني عشر)

من نفس الرحمن هو قوله حَتّٰى إِذٰا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قٰالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرٰائِيلَ هذا توحيد الاستغاثة و هو توحيد الصلة فإنه جاء بالذي في هذا التوحيد و هو من الأسماء الموصولة و جاء بهذا ليرفع اللبس عن السامعين كما فعلت السحرة لما آمنت برب العالمين فقالت رَبِّ مُوسىٰ وَ هٰارُونَ لرفع اللبس من أذهان السامعين و لهذا توعدهم ثم تمم و قال وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لما علم إن الإله هو الذي ينقاد إليه و لا ينقاد هو لأحد قال على ابن أبي طالب أهللت بما أهل به رسول اللّٰه ص و هو لا يعرف بما أهل به فقيل منه مع كونه أهل على غير علم محقق فأحرى إذا كان على علم محقق فاعلم بذلك فرعون ليعلم قومه برجوعه عما كان ادعاه فيهم من أنه ربهم الأعلى فأمره إلى اللّٰه فإنه آمن عند رؤية البأس و ما نفع مثل ذلك الايمان فرفع عنه عذاب الدنيا إِلاّٰ قَوْمَ يُونُسَ و لم يتعرض للآخرة ثم إن اللّٰه صدقه في إيمانه بقوله آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ فدل على إخلاصه في إيمانه و لو لم يكن مخلصا لقال فيه تعالى كما قال في الأعراب الذين قالوا آمنا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنٰا وَ لَمّٰا يَدْخُلِ الْإِيمٰانُ فِي قُلُوبِكُمْ فقد شهد اللّٰه لفرعون بالإيمان و ما كان اللّٰه ليشهد لأحد بالصدق في توحيده إلا و يجازيه به و بعد إيمانه فما عصى فقبله اللّٰه إن كان قبله طاهرا و الكافر إذا أسلم وجب عليه إن يغتسل فكان غرقه غسلا له و تطهيرا حيث أخذه اللّٰه في تلك الحالة نَكٰالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولىٰ و جعل ذلك عبرة لِمَنْ يَخْشىٰ و ما أشبه إيمانه إيمان من غرغر فإن المغرغر موقن بأنه مفارق قاطع بذلك و هذا الغرق هنا لم يكن كذلك لأنه رأى البحر يبسا في حق المؤمنين فعلم أن ذلك لهم بإيمانهم فما أيقن بالموت بل غلب على ظنه الحياة فليس منزلته منزلة من حضره الموت فقال إِنِّي تُبْتُ الْآنَ و لا هو من اَلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفّٰارٌ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللّٰهِ تعالى و لما قال اللّٰه له فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً كما كان قوم يونس فهذا إيمان موصول و قدم الهوية لبعيد ضميريه عليه ليلحق بتوحيد الهوية

(التوحيد الثالث عشر)

من نفس الرحمن هو قوله فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمٰا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللّٰهِ وَ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ هذا توحيد الاستجابة و هو توحيد الهو و هو توحيد غريب فإن قوله فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا يعني المدعين لَكُمْ يعني الداعين فَاعْلَمُوا أَنَّمٰا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللّٰهِ فالضمير في فاعلموا يعود على الداعين و هم عالمون بأنه إنما أنزل بعلم اللّٰه و لو أراد المدعين لقال فيعلموا بالياء كما قال يستجيبوا بياء الغيبة ثم قال وَ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ أي و اعلموا أنه لا إله إلا هو كما علمتم أنه إنما أنزل بعلم اللّٰه ثم قال فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ و قد كانوا مسلمين و هذا كله خطاب الداعين إن كانت هل على بابها و إن كانت هنا مثل ما هي في قوله هَلْ أَتىٰ عَلَى الْإِنْسٰانِ اعتمادا على قرينة الحال فأخرجت عن الاستفهام و إلا فما هذا خطاب الداعين إلا أن يكون مثل قولهم

إياك أعني فاسمعي يا جارة
فالخطاب لزيد و المراد به عمرو و لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ و فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمّٰا أَنْزَلْنٰا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكَ و معلوم أنه مغفور له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر : و هو عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ في ماله فعلمنا بقرائن الأحوال أنه المخاطب و المراد غيره لا هو و حكمة ذلك مقابلة الإعراض بالإعراض لأنهم أعرضوا عن قبول دعوة الداعين فأعرض اللّٰه عنهم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 410
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست