responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 40

من علمها ذوقا و شربا فإنها لا تنال بالنظر الفكري و لا بضرورات العقول فلم يبق إلا أن يكون حصولها عن تجل إلهي في حضرة غيبة بمظهر من المظاهر فوقتا يكون المظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا و وقتا جسديا و وقتا يكون المظهر روحيا و وقتا روحانيا و هذا الباب من هذا الكتاب مما يطلب إيضاح تلك المسائل و شرحها فجعلت هذا الباب مجلاها إن شاء اللّٰه تعالى فمن ذلك

(السؤال الأول)كم عدد منازل الأولياء

الجواب اعلم أن منازل الأولياء على نوعين حسية و معنوية فمنازلهم الحسية في الجنان و إن كانت الجنة مائة درجة و منازلهم الحسية في الدنيا أحوالهم التي تنتج لهم خرق العوائد فمنهم من يتبرز فيها كالإبدال و أشباههم و منهم من تحصل له و لا يظهر عليه شيء منها و هم الملامتية و أكابر العارفين و هي تزيد على مائة منزل و بضعة عشر منزلا و كل منزل يتضمن منازل كثيرة فهذه منازلهم الحسية في الدارين

[معارف الأولياء و منازلهم فيها]

و أما منازلهم المعنوية في المعارف فهي مائتا ألف منزل و ثمانية و أربعون ألف منزل محققة لم ينلها أحد من الأمم قبل هذه الأمة و هي من خصائص هذه الأمة و لها أذواق مختلفة لكل ذوق وصف خاص يعرفه من ذاقه و هذا العدد منحصر في أربعة مقامات مقام العلم اللدني و علم النور و علم الجمع و التفرقة و علم الكتابة الإلهية ثم بين هذه المقامات مقامات من جنسها تنتهي إلى بضع و مائة مقام كلها منازل للأولياء و يتفرع من كل مقام منازل كثيرة معلومة العدد يطول الكتاب بإيرادها و إذا ذكرت الأمهات عرف ذوق صاحبها فأما العلم اللدني فمتعلقه الإلهيات و ما يؤدي إلى تحصيلها من الرحمة الخاصة و أما علم النور فظهر سلطانه في الملإ الأعلى قبل وجود آدم بآلاف من السنين من أيام الرب و أما علم الجمع و التفرقة فهو البحر المحيط الذي اللوح المحفوظ جزء منه و منه يستفيد العقل الأول و جميع الملإ الأعلى منه يستمدون و ما ناله أحد من الأمم سوى أولياء هذه الأمة و تتنوع تجلياته في صدورهم على ستة آلاف نوع و مئين فمن الأولياء من حصل جميع هذه الأنواع كأبي يزيد البسطامي و سهل بن عبد اللّٰه و منهم من حصل بعضها و قد كان للأولياء في سائر الأمم من هذه العلوم نفثات روح في روع و ما كمل إلا لهذه الأمة تشريفا لهم و عناية بهم لمكانة نبيهم سيدنا محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و فيه من خفايا العلوم التي هي بمنزلة الأصول ثلاثة علوم علم يتعلق بالإلهيات و علم يتعلق بالأرواح العلوية و علم يتعلق بالمولدات الطبيعية فما يتعلق منه بالإلهيات على قدم واحدة لا يتغير و إن تغيرت تعلقاته و الذي يتعلق منه بالأرواح العلوية فيتنوع من غير استحالة و الذي يتعلق بالمولدات الطبيعية يتنوع و يستحيل باستحالاتها و هو المعبر عنه بأرذل العمر لِكَيْلاٰ يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً فإن المواد التي حصل له منها هذا العلم استحالت فالتحق العلم بها بحكم التبعية

[طبقات الأولياء في أصول علوم الجمع و التفرقة]

و كما هي أصولها ثلاث علوم فالأولياء فيها على ثلاث طبقات الطبقة الوسطى منهم لهم مائة ألف منزل و ثلاثة و عشرون ألف منزل و ستمائة منزل و سبعة و ثمانون منزلا أمهات يحتوي كل منزل منها على منازل لا يتسع الوقت لحصرها لتداخل بعضها في بعضها و لا ينفع فيها إلا الذوق خاصة و ما بقي من الأعداد فمقسم بين الطبقتين و هما اللذان ظهرا برداء الكبرياء و إزار العظمة غير أن لهما من إزار العظمة مما يزيد على هذا الذي ذكرناه ألف منزل و بضعة و عشرون منزلا لهذه المنازل خصوص وصف لا يوجد في منازل رداء الكبرياء و ذلك أن رداء الكبرياء مظهره من الاسم الظاهر و الإزار مظهره من الاسم الباطن و الظاهر هو الأصل و الباطن نسبة حادثة و لحدوثها كانت لها هذه المنازل فإن الفروع محل الثمر فيوجد في الفرع ما لا يظهر في الأصل و هو الثمرة و إن كان مددهما من الأصل و هو الاسم الظاهر لكن الحكم يختلف فمعرفتنا بالرب تحدث عن معرفة بالنفس لأنها الدليل من عرف نفسه عرف ربه و إن كان وجود النفس فرعا عن وجود الرب فوجود الرب هو الأصل و وجود العبد فرع ففي مرتبة يتقدم فيكون له الاسم الأول و في مرتبة يتأخر فيكون له الاسم الآخر فيحكم له بالأصل من نسبة خاصة و يحكم له بالفرع من نسبة أخرى هذا يعطيه النظر العقلي

[ما تعطيه المعرفة الذوقية في معرفة الذات الإلهية]

و أما ما تعطيه المعرفة الذوقية فهو أنه ظاهر من حيث ما هو باطن و باطن من عين ما هو ظاهر و أول من عين ما هو آخر و كذلك القول في الآخر و إزار من نفس ما هو رداء و رداء من نفس ما هو إزار لا يتصف أبدا بنسبتين مختلفتين كما يقرره و يعقله العقل من حيث ما هو ذو فكر و لهذا قال أبو سعيد الخراز و قد قيل له بم عرفت اللّٰه فقال بجمعه بين الضدين ثم تلا هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّٰاهِرُ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست