responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 4

الذي نزلت هذه الألفاظ بلغتهم فنكون من الذين يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوٰاضِعِهِ و من الذين يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مٰا عَقَلُوهُ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ بمخالفتهم و نقر بالجهل بكيفية هذه النسب و هذا هو اعتقاد السلف قاطبة من غير مخالف في ذلك

[الحق في الجمع بين النسبتين]

فإذا تقرر عندك ما ذكرناه من هاتين النسبتين للحق المشروعتين و أنت المطلوب بالتوجه بقلبك و بعبادتك إلى هاتين النسبتين فلا تعدل عنهما إن كنت كاملا أو إلى إحداهما إن كنت نازلا عن هذه المرتبة الكمالية إما لما يقوله أهل الكلام في اللّٰه من حيث عقولهم و إما لما توهمه القاصرة عقولهم من تشبيه الحق بخلقه فهؤلاء جهلوا و هؤلاء جهلوا و الحق في الجمع بينهما و

قد ورد الخبر في النشأة الآدمية أن اللّٰه خلق آدم على صورته و ورد في القرآن أن اللّٰه خلقه بيديه على جهة التشريف لقرينة الحال حين عرف بذلك إبليس لما ادعى الشرف على آدم بنشأته فقال مٰا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمٰا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ و لا يسوغ هنا حمل اليدين على القدرة لوجود التثنية و لا على أن تكون الواحدة يد النعمة و الأخرى يد القدرة فإن ذلك سائغ في كل موجود فلا شرف لآدم بهذا التأويل فلا بد أن يكون لقوله بيدي خلاف ما ذكرناه مما يصح به التشريف

[المشبه و المنزه و الكامل]

فتوجهت على خلق الإنسان هاتان النسبتان نسبة التنزيه و نسبة التشبيه فخرج بنو آدم لهذا على ثلاث مراتب كامل و هو الجامع بين هاتين النسبتين أو واقف مع دليل عقله و نظر فكره خاصة أو مشبه بما أعطاه اللفظ الموارد و لا رابع لهم من المؤمنين فالمقابلة أو الانحراف لا تكون إلا من جهة نسبة التنزل الإلهي الخيالي في

قوله عليه السلام اعبد اللّٰه كأنك تراه في هذا هي المقابلة للمعبود و الانحراف عن هذه المقابلة إما بتنزيه و هو انحراف المتكلمين و إما بتشبيه محدود و هو انحراف المجسمين و الكمل هم أهل القول بالأمرين

[الاسم الإلهي الدهر و مقاماته لأهل الشهود]

و هذه الحضرة التي ذكرناها تحوي على ستين و ثلاثمائة مقام منها ستة و ثلاثون أمهات و ما بقي فهي نازلة عن هذه الستة و الثلاثين تحصل كلها لأهل الشهود من الاسم الدهر فإن اللّٰه هو الدهر و لا يتوهم من هذا القول الزمان المعروف الذي تعده حركات الأفلاك و نتخيل من ذلك درجات للفلك التي تقطعها الكواكب ذلك هو الزمان و كلامنا إنما هو في الاسم الدهر و مقاماته التي ظهر عنها الزمان و الزمان على التحقيق قد عرفناك أنه نسبة لا أمر وجودي و أنه للمحدث بمنزلة الأزل للقديم فهذه المقامات تحصل لأهل الشهود إذا قابلوها بذواتهم من حيث خلقهم على الصورة كذلك يقابل الزمان الدهر و الأبد يقابله الأزل و لا يكون منهم عند المقابلة نظر إلى كون أصلا يميزونه عن ذواتهم و ذوات ما قابلوه فإن وقع لمن هذا مقامه تميز لكون من الأكوان أو للذي قابلوه يميز لهم عما قابلوه من ذواتهم فقد حدوه و انحرفوا عن المقابلة و انحطوا بذلك إلى ثمانية عشر مقاما و هو النصف فأما أن يكون انحرافهم إليه أو إليهم فإن كان إليه تعالى فقد غابوا عنهم و المطلوب منهم حضورهم بهم له و إن كان الانحراف إليهم فقد غابوا عنه و المطلوب حضورهم معه فإن زاد الانحراف انحطوا إلى نصف ذلك و هو تسعة مقامات فغاب عنهم من الذي انحطوا عنه النصف فإن زاد الانحراف انحطوا إلى ستة مقامات و هو غاية الانحطاط و هو الثلث من الثمانية عشر و السدس من المجموع الذي هو ستة و ثلاثون

[الكامل يقابل كل نسبة بذاته من غير تغيير في ذاته]

فمنزل العبد الكامل يكون بين هاتين النسبتين يقابل كل نسبة منهما بذاته فإنه لا ينقسم في ذاته و ما لا ينقسم لا يوصف بأنه يقابل كل نسبة بغير الذي يقابل بها الأخرى و ما ثم إلا ذاته كالجوهر الفرد بين الجوهرين أو الجسمين يقابل كل واحد مما هو بينهما بذاته لأن ما لا ينقسم لا يكون له جهتان مختلفتان في حكم العقل و إن كان الوهم يتخيل ذلك كذلك الإنسان من حيث حقيقته و لطيفته يقابل بذاته الحق من حيث نسبه التنزيه و بذلك الوجه عينه يقابل الحق من حيث صفة النزول الإلهي إلى الاتصاف بالصفات التي توهم التشبيه و هي النسبة الأخرى و كما أن الحق الذي هو الموصوف بهاتين النسبتين واحد في نفسه و أحديته و لم تحكم عليه هاتان النسبتان بالتعداد و الانقسام في ذاته كذلك العبد الكامل في مقابلة الحق في هاتين النسبتين لا يكون له وجهان متغايران

[العين من الحق و العين من العبد واحدة]

فهذه هي المقابلة للحق من جميع النسب على كثرتها فإنها و إن كثرت فهي راجعة إلى هاتين النسبتين و ليستا بأمر زائد على عين الموصوف بها فالكل عين واحدة و ما ثم كل وجودي و إنما جئنا به من حيث النسب و هي لا أعيان لها فالعين من الحق واحدة و العين من العبد واحدة لكن عين العبد ثبوتية ما برحت من أصلها و لا خرجت من معدنها و لكن كساها

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 4
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست