responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 392

و كل ذلك كلمات العالم فتسمى في الإنسان حروفا من حيث آحادها و كلمات من حيث تركيبها كذلك أعيان الموجودات حروف من حيث آحادها و كلمات من حيث امتزاجاتها و جعل في النفس الإلهي علة الإيجاد من جانب الرحمة بالخلق ليخرجهم من شر العدم إلى خير الوجود فكان بالحرف الهاوي ثم أبان لهم أيضا بوجود ما يؤدي إلى السعادة ببعثة الرسول الملكي و البشرى إرسال رحمة فكانت حروف اللين في المتنفس الإنساني ثم أوجد في هذا النفس الصوت عند خروجه من الباطن إلى الظاهر بطريق الوحي الذي شبهه رسول اللّٰه ص سلسلة على صفوان فكان في تنفس الإنسان حروف الصفير ثم انفش ذلك النفس الإلهي على أعيان العالم الثابتة و لا وجود لها فكان مثل ذلك في الكلام الإنساني حروف التفشي ثم إن النفس الإلهي استطالت عليه الأكوان بالدعوى و التحكم حيث عددت و كثرت ما هو أحدي العين و هو في نفس المتنفس الإنساني الحرف المستطيل و هو الضاد وحده لأنه طال حتى أدرك مخرج اللام ثم إن هذا النفس الإلهي في إيجاد الشرائع قد جعل طريقا مستقيما و خارجا عن هذه الاستقامة المعينة و يسمى ذلك تحريفا و هو قوله يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مٰا عَقَلُوهُ مع كونه إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ يقول و إن تعدد فالنفس يجمعه فسمى ذلك التحريف في نفس المتنفس الإنساني الحرف المنحرف فخالط أكثر الحروف و هو اللام و ليس لغيره هذه المرتبة و هو كبعض الأحكام الذي تجتمع فيه الشرائع ثم إنه ظهر في النفس الإلهي في الصور الأمثال فلم يقع التمييز فتخيل فيه التكرار و الحقيقة تعطي أنه لا تكرار فظهر في عالم الحروف البشرية الحرف المكرر و هو الراء فإذا كان النفس يحمل الروائح فيعرف أن خروجه على المشام و هو المسمى في الحروف في النطق الإنساني حروف الغنة لأنها من الخيشوم و تمت مراتب الحروف بكمالها و الحمد لله انتهى الجزء الثامن عشر و مائة >(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

[نسيم الأرواح و نسيم الرياح]

و قد رأينا من رجال الروائح جماعة و كان عبد القادر الجيلي منهم يعرف الشخص بالشم أخبرني صاحبي أبو البدر عنه إن ابن قائد الأواني جاء إليه و كان ابن قائد يرى لنفسه حظا في الطريق فأخذ عبد القادر يشمه نحو ثلاث مرات ثم قال له لا أعرفك فكان ذلك تربية في حقه فعلت همة ابن قائد إلى أن التحق بالإفراد و النفس أبدا أكثر ما يظهر حكمه في المحبين العشاق هو مقامهم و مرتبتهم و يضيفون ذلك إلى نفس الرياح لا إلى نفس الأرواح كما قال بعضهم

ناشدتك اللّٰه نسيم الصبا من أين هذا النفس الطيب
هل أودعت برداك عند الضحى مكان ألقت عقدها زينب
أو ناسمت رياك روض الحمى و ذيلها من فوقها تسحب
فهات أ تحفني بأخبارها فعهدك اليوم بها أقرب
هذه الأبيات على لطافتها و رقتها من أكثف ما قيل في عشق الأرواح لأن نسيم الأرواح ألطف من نسيم الرياح لأنها بعيدة المناسبة عن عالم الطبيعة و الرياح ليست كذلك فالأرواح إذا تنسمت لا تسوق إلا طيبا فإنها تهب من الحضرة الذاتية من الغيب الأقدس فلا تأتي إلا بكل طيب و طيبة و الرياح ليست كذلك لأنها من عالم الطبيعة فإن مرت على خبيث جاءت بخبيث و إن مرت بطيب جاءت بطيب و نسيم الأرواح إذا مر بخبيث رده طيبا و إذا مر بطيب زاده طيبا فلو كان هذا القائل عاشقا حقيقة لا يتكلم بدعوى زور لم يجعل الطيب من زينب و إن كانت طيبة فلو ذكر أن طيبها زاد به طيب المكان طيبا و جعل محبوبته تنم بأسرارها الرياح فليست بمنيعة الحمى و عالم الطبيعة يخترقها و هو الريح و أخذ يهجو الريح حيث تعجب من أين له هذا النفس الطيب فلو ساق الطيب بطريق المفاضلة بأن يقول من أين هذا النفس الأطيب فإنه لم يكن الريح بأمر زائد على نفس محبوبته إذا حققت لأنها عين الطيب حيث ظهر طيب و سألني بعض أصحابي أن أشرح له هذه الأبيات لو قالها عارف من المحبين الإلهيين فأجبته إلى ذلك

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 392
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست